معتقلو الصحراء يستجيرون بالقاضي الأول للبلاد وقد وجّه الناطق الرسمي باسم هذه اللجنة، نور الدين بلموهوب، رسالة إلى رئيس الجمهورية باعتباره رئيسا حاليا للبلاد ومرشحا حرا للرئاسيات المقبلة، يطالب فيها بفتح ملف معقتلي الصحراء الذي ظل مطويا طيلة 17 سنة، والنظر في وضعية 18 ألف معتقل سابق حسب الاحصائيات التي قدمها رئيس اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني لكن هذا العدد الذي ظل يعرف تضاربا في تحديده، رجح رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، حسين زهوان، الذي استضاف اللجنة المؤسسة، أمس، في أول اجتماع لها، أنه "يراوح ال 25 ألف معتقل". وقال حسين زهوان في الكلمة التي ألقاها بمناسبة تأسيس هذه اللجنة، إن هذه الأخيرة تهدف إلى حمل رسالة إلى المسؤولين، على رأسهم رئيس الجمهورية، للتكفل بهذا الملف الذي لم يجد فيه جديدا، خاصة وأن هذه الفئة التي تعتبر نفسها ضحية "اعتقال غير مبرر" في بداية العشرية السوداء، لم يشر إليها في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وهذا يعني حسب المعتقلين عدم تصنيفهم في فئة معينة، فلا هم "مجرمون ثبت عليهم الجرم"، ولا هم "أبرياء ولهم الحق في رد الاعتبار والتعويض عن سنوات الاعتقال"، التي قال هؤلاء إنها كانت في معتقلات "رڤان" و"عين مڤل" بأقصى الصحراء، في "مخيمات منصبة في العراء، أين درجة الحرارة تتجاوز 55 درجة مئوية تحت الظل". وبعد أن استرسل المعتقلون، أمس، في سرد معاناتهم وذويهم، وذكر الحالات التي آلت إليها أسر بعض رفاقهم في المعتقلات، الذين "توفي بعضهم.. وشردت عائلاتهم عبر الشوارع لتتسول لقمة العيش من المحسنين"، وأكد بعضهم أن أغلب المعتقلين حرموا من حق العودة إلى مناصب عملهم، خاصة وأن أغلبهم لا يملك دليلا يثبت أنه كان في المعتقل. وفي الوقت الذي تمكن البعض من العودة، باستعمال وثيقة قال أحدهم "حصلنا عليها صدفة"، وهي ترخيص بالزيارة يمنح للأهل، فقد شرد الآلاف ومنع عنهم العمل في مؤسسات كانوا يشغلون فيها مناصب مهمة. كل هذه كانت انشغالات أو جزء يسيرا من هَمّ، حاول أمس المعتقلون إيصاله عبر وسائل الإعلام إلى رئيس الجمهورية والقاضي الأول في البلاد، مناشدينه اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإدماجهم في المجتمع وتعويضهم عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بهم وبذويهم طيلة 17 من الاعتقال، الذي أكدوا أنه "لم يكن مؤسسا"، وهي مسؤولية أخرى حمّلوها للقاضي الأول للبلاد، لكشف ملابسات اعتقالهم آنذاك دون دليل، وتسريحهم دون محاكمة ولا رد اعتبار، حيث قال أحدهم: "الإرهابي استفاد من ميثاق السلم والمصالحة بعد توبته، والمجرم حوكم وقضى عقوبته وبرئت ساحته إن لم يجرم، إلا نحن لم نعرف أي جريمة ارتكبنا". وفي هذا الإطار، علق هؤلاء أملهم على رئيس الجمهورية الذي تمنحه المادة 47 من ميثاق السلم والمصالحة، صلاحية اتخاذ الاجراءات اللازمة في الوقت المناسب، وقد كان أمل المعتقلين كبيرا أن يقدم الرئيس وهو صاحب المواقف "المنصفة" على استعمال صلاحياته التي تتيحها له هذه المادة في تسوية وضعيتهم.