ما تزال القوانين الأخيرة التي أقرتها وزارة التجارة والتي تقضي بإلزام المتعاملين المحليين من فئة المستوردين بتقديم شهادات منشأ المنتج الأصلي على مستوى الموانئ تثير العديد من التداعيات على مستوى السوق الاستهلاكية الداخلية، ولعل الندرة هي أولى سمات السوق، حيث لم يعد العرض في ما يخص مستهلكات عتاد وتجهيزات الإعلام الآلي والمكتبية يلبي طلب السوق الأمر الذي دفع الطلب باتجاه سوق العتاد وقطع غيار تجهيزات الإعلام الآلي المستعمل والتي تعيش حاليا حالة انتعاش غير مسبوقة. يشير العديد من الخبراء والفنيين المتخصصين في مجال الإعلام الآلي ومجال المكتبية أن القوانين الأخيرة التي أقرتها وزارة التجارة في عهدة الوزير السابق الهاشمي جعبوب وخصوصا القانون الذي يلزم المتعاملين المستوردين لعتاد الإعلام الآلي والمكتبية بضرورة تقديم شهادات منشأ المنتوج الأصلي تستخرج من أقسام مطابقة المنتوج التابعة للشركة المصنعة وكذا قانون رقم التعريف الجبائي الواجب تقديمه أيضا على مستوى مصالح الجمارك الجزائرية في الموانئ والمطارات أن هذين القانونين ساهما وبشكل كبير في تقليص عدد المستوردين الذين كانوا ينشطون قبل إقرار هذا القانون في ظروف فوضوية ومحيط تكتنفه الضبابية وتمكنوا فعلا من إغراق السوق بمئات الأنواع من التجهيزات المستوردة خصوصا من الصين وتايوان وفيتنام عبر إمارة دبي. هذه الإجراءات الجديدة ما تزال محل ترحيب وتثمين العديد من المصنعين المحليين -على قلتهم في هذا المجال في البلاد – لأنهما ساهما أولا في التقليل من حدة إغراق السوق بالمنتجات المقلدة والمغشوشة كما غربلت السوق من "أشباه المستوردين" الذين أحمكوا قبضتهم على التجارة الخارجية في ظل غياب القوانين التي تضبط القطاع في وقت سابق . المستوردون: لا يمكننا أن نستورد من الصين ونستخرج شهادة المنشأ من أمريكا من جانب آخر أثر القانونان الجديدان على السوق الاستهلاكية بشكل كبير في المدة الأخيرة حيث تسببا في حالات ندرة كبيرة في مجال مستهلكات عتاد الإعلام الآلي وتجهيزات المكتبية إلى درجة أن دفعت الطلب إلى السوق غير النظامية لمستهلكات الإعلام الآلي وقطع غيار الكمبيوتر والوحدات المركزية وخصوصا بطاقات الأم LES CARTES MERE حيث انتعشت هذه السوق وبشكل غير مسبوق، لكن ما يعيبه المتعاملون النظاميون من مستوردي عتاد الإعلام الآلي والمكتبية أنه لم يراع الجوانب التقنية والتسويقية للحلقة التجارية بشكل عام بمعنى أنهم يجدون صعوبة كبيرة في استخراج شهادة المنشأ لللمنتوج الأصلي من إدارة ومصالح قسم "مطابقات المنتوج" في الشركات المصنعة لسبب بسيط هو أن الشركات العالمية المصنعة حاليا أصبحت " متعددة الجنسيات " وتحوز على وحدات إنتاجية في العديد من الدوال الآسيوية وخصوصا في الصين وتايوان وفيتنام وأيضا في دول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل وأخرى في إفريقيا مثل مصر ونيجيريا وجنوب إفريقيا والمغرب وهي تابعة بشكل مباشر للشركة الأم إلا أن الشهادات التي تستخرج على مستوى هذه الفروع الدولية لا يعترف بها محليا، حيث يجبر القانون على تقديم شهادة المنشأ المستخرجة من أقسام المطابقة التابعة للشركة الأم وهذا بنظرهم شرط تعجيزي لأنه عمليا يستحيل مثلا استيراد منتجات "كانون" أو"أش بي HP" أوفيليبس PHILIPS من الصين وفيتنام والهند ونتوجه بعد ذلك إلى الولاياتالمتحدة أوالسويد حيث المقرات الرئيسية للشركات الأم لاستخراج شهادات المنشأ. الندرة ترفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة وحسب الجولة الاستطلاعية التي قادتنا إلى مختلف محلات تسويق عتاد الإعلام الآلي والمكتبية في العاصمة وبعض الولايات المجاورة اكتشفنا أن الندرة التي يشهدها القطاع بشكل عام ومستهلكات تجهيزات الإعلام الآلي والمكتبية بشكل خاص قد رفعت الأسعار بشكل محسوس خلال الأشهر الأربعة الماضية بعد أن بلغت مستويات متدنية خلال نفس الفترة من العام الماضي 2009 حيث ارتفع سعر جهاز كمبيوتر ثابت ذي المواصفات التقنية المحدودة من طراز مثلا " آسير" أو"بوكس بوور" الى حدود 40 ألف دج وهوالذي كان لا يتعدى سعره 30 إلى 32 ألف دج قبل حوالي سنة وكذلك الأمر بالنسبة للوحدات المركزية والمستلزمات الملحقة التي ارتفع سعرها بنسب تتراوح ما بين 20 إلى 40 بالمائة حسب علامة المنتج .