تعتبر "عملية تزوير الدولار الأسود"أو العمولة أية ما كانت المعروفة عند مصالح الأمن الدولي الأنتربول التي اشتهر بها الأفارقة خلال العشرية الجارية مجرد عملية نصب واحتيال لا أكثر.حيث أوقع النصابون الذين ينتسبون إلى جنسيات إفريقية بضحايا عديدة ومتعددة في جميع أرجاء العالم مثل إنجلترا، فرنسا، إيطاليا، هولندا، الولاياتالمتحدةالأمريكية، إسبانيا، الهند، إفريقيا الجنوبية والإمارات العربية المتحدة حسب القضايا المطرحة على شبكة الإنترنيت. تُبنى عمليات النصب هذه على عدة طرق، فأحيانا تُرسل برقية إلكترونية للضحية لإخبارها بأن سياسيا إفريقيا قد تخلى عن حقيبة مملوءة بأوراق نقدية وهذه الأوراق مدهونة بمادة سوداء كي لا تعثر عليها السلطات، وأحيانا أخرى يقترح المحتالون على الضحية مضاعفة أموالها باستعمال عملية النسخ السحرية. تدل الضحية على الحقيبة المملوءة بأوراق سوداء بنفس حجم الأوراق المالية وتطلب منها سحب ورقة أوورقتين، وبعد ذلك يقوم المحتالون بتغيير الورقتين بأخرى حقيقية مطلات بالأسود وذلك بطريقة جد سريعة. وبهذا يقوم المحتالان بتنظيف الأوراق الحقيقية بمواد كيماوية خاصة، ويعطون بذلك البرهان لضحاياهم عن احتواء الحقيبة على أوراق مالية مطلات بالأسود. سيهدي للضحية قدرا معتبرا من الثروة إن وافقت على دفع المبلغ المراد لاقتناء المواد الكيمياوية الخاصة الباهظة الثمن والتي هي أساسية للتخلص من الصبغة السوداء، وعند سقوط الضحية في الشباك، تُطلب منها مبالغ مالية أكثر فأكثر وبحجج مختلفة. والحجة الأكثر استعمالا هي يقول للضحية بأن تلك العملية تحتاج لكمية كبيرة من المواد الكيمياوية والتي سعرها باهظ. وعلى هذا الهامش تمكنت جريدة "الامة العربية" أن تتابع وتجمع أدنى الاعترافات وشاهدات لأشخاص وقعوا ضحايا المكر والغدر هذا إلي جانب سيناريوهات وشباك نصبها أشخاص لا دين ولا ملة لهم همهم الوحيد العيش على حساب آخرين مثلهم مثل مصاصي الدماء . المحتال المحترف لا يتكلم كثيرا ويتحكم في أعصابه ويتسلح بالهدوء والصبر كان السيد كلوبلي توبي السنغالي الأصل، جالسا حول مائدة بفندق فاخر بوسط مدينة وهران يرتدي بدلة باهظة الثمن ونظارات من الذهب الخالص، إنه شخص كثير الكلام ولا يتوقف إلا لاحتساء شربة من مشروب "الويسكي" من وقت لآخر. طريقته في الكلام توحي لنا أنه محامي، طبيب، مهندس أورجل أعمال محترف، إلا أن السيد توبي الذي وصل إلى الجزائر منذ حوالي 15 شهرا، ليس شيئا من ذلك ...؟. إنه محتال محترف غدر بأناس لا حول ولا قوة لهم، واستولى على ما وفروه طيلة حياتهم من ملايين الدولارات والدينارات خلال مساره من إمارة دبي العربية إلى غاية وهران. يزعم الرجل الزنجي أن المحتال المحترف لا يتكلم كثيرا ويتحكم في أعصابه، إلا أنه اليوم لم يحترم القوانين التي رسمها لنفسه. "يجب على المحتال المحترف أن يتسلح بالهدوء والصبر والحذر دائما، هذا إلى جانب تميزه بالهندام الأنيق وفضلا عن المرونة في الكلام " حسب تصريحاته وهو يحتسي جرعات الويسكي بكل فخر وهويردد عبارات " لا أصدقاء للمحتال المحترف ....؟" هم ليسوا لصوصا عاديين، بل هم فخورون، يسردون حيثيات جرائمهم وعمليات النصب بكل فخر وافتخار وهوما رواه لنا السنغالي المذكور عن الكيفية التي جعل فيها ضحاياه يسلمون له ما وفروه طيلة حياتهم بملء إرادتهم، بمجرد التخطيط. فإن كنت ثريا وصادفت المحتال " توبي" فسوف يقترح عليك طريقة سحرية لاستنساخ أو تضعيف أموالك وسرعان ما تسلّمه كل ما تملك إن كنت مثل الضحايا التي نصب عليها توبي خلال رحلاته المتعددة، بل وتترجاه بأن يضاعف أموالك. ولا شك أن يختفي الأجنبي الأسود بما جناه من أموالك ويتوجه للبحث عن ضحية أوفريسة أخرى، مثل السيد الزوبير في 62 من العمر الذي يلعن اليوم الذي التقى فيه بثلاثة بفندق بالواجهة البحرية بوهران. توبي أشخاص أمثال السيد حيث كان السيد زوبير رجلا سعيدا، بدأ العمل جاهدا منذ ريعان شبابه للحصول على محله الخاص، كان بائع جملة ناجح يملك محلا للخضر والفواكه بالسوق اليومي الكائن بحي يغموراسن ومنزلا فاخر بحي بئر الجير، وفخورا جدا كونه استطاع أن يوفر حياة زاهدة لزوجته وابنتيه اللواتي كانتا طالبتين بالجامعة. ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن....؟ جزائري زج بضحاياه إلى مقصلة ثعالب إفريقيا لقد بدأت أحداث قصته المأسوية عندما التقى بيوم من الأيام، أين كان متواجدا بالفندق السالف ذكره على شخص أنيق وحسن الهندام والكلام يدعى سليم منحدر من العاصمة الذي قدم كرجل أعمال ناجح يقيم بأوربا وجاء لاستلام بعض الحاويات التي وصلت ميناء المدينة . أخذ الرجلان يتبادلان الحديث، حيث قال سليم بأنه ينتظر وصول شريكان إفريقيان له، من بينهما إطار مهم يشغل بالبنك السويسري، وأضاف بأنه مدين لهما بالكثير لأن الفضل والسر في ثرائه يرجع لهما. "لقد اشتركت معهما حيث استثمرت مليون دينار جزائري وها أنا اليوم فاحش الثراء" أورد متباهيا. وكيف كان لك ذلك؟" سأله الزوبير: " لقد سبق وأن أخبرتك البنك السويسري هوالسّر". الأعمال يا صاحبي ، أجاب الشاب: " بينما كان سليم يروي حكايته، كان السيد الزوبير يرى ملايين الدولارات تحوم حوله. وبعد مهلة من ذلك، انضم إليهما إفريقيان في غاية الأناقة، أحدهما يحمل حقيبة فاخرة مزودة بنظام التشفير. باشرا الحديث بلغة لم يفهمها السيد الزوبير كونه شخصا أميا، كل ما استطاع استيعابه كانت لغة الدولارات واليوروهات والمبالغ الطائلة من الأموال. "كان الأمر يبدوفي غاية الأهمية حتى أنني صدقت أنه كان أمامي إطارين ببنك عالمية" يعترف السيد الزوبير. ولكن سرعان ما إصفر وجه سليم واضطرب حيث التفت إلى السيد الزوبير وقال: " أنا في مأزق فقد أخسر كل ثروتي." "هل بإمكاني المساعدة؟"، سأل الشيخ الزوبير إذا كان بإمكانه التدخل والمساعدة وهمه الوحيد العثور على طريقة للاستثمار كي يصبح ثريا مثل سليم في رمشة عين. لكن بصوت خافق رد الشاب : " الأمر ليس بالهين إنها قضية أموال طائلة" ، إلا أن الزوبير أصرّ وبعد عشاء فاخر أهداه سليم، ذهب الجميع في جولة على متن سيارة السيد الزوبير الذي كان بالنسبة لهم فريسة غنية للافتراس. في تلك الأثناء، أردف سليم قائلا: "حسنا أنا موافق جهز نفسك لتصبح ثريا بل جد ثري"، وطلب من الزوبير التوجه نحومنطقة كريشتل والتوقف في مكان هادئ ومعزول. خرج الأربعة من السياراة، توجه سليم نحوالزوبير قائلا: . " افتح أذنيك وعينيك جيدا إنك لن تصدق ما ستراه إلا أنها الحقيقة بأمّ عينها " أخذ الزوبير يحدق فيهم يتمعن، حيث أخرج أحد الأفارقة ورقتين بيضاوتين من نفس حجم الأوراق النقدية ارتدى قفازين من البلاستيك وقناع وأخذ يذهن الورقتين بسائل أسود ومسحوق أبيض "ما هذا؟ ما الذي يفعله؟" سأل الزوبير. " سوف يطلعك على كيفية استنساخ الأوراق النقدية عن طريق مواد كيماوية " فأجابه سليم الذي قبل أن يطلب منه أن يسلمه ورقة نقدية بقيمة ألف دينار وسلمها للإفريقي. أخذ الإفريقي ورقة الألف دينار ووضعها بين الورقتين المدهونتين بالمادة السوداء، ضغط عليها جيدا ووضع الكل في صحيفة ثم جلس عليها. قال سليم بأن العملية ستأخذ قسطا من الوقت ثم اقترح على الزوبير المشي معا لاستنشاق الهواء النقي ريثما ينهي الإفريقيان عملهما. عندما عدنا كان الإفريقيان قد انتهيا من إزاحة السائل الأسود عن الأوراق ، قال الزوبير "كان ما رأيته لا يكاد يصدق، رأيت بأم عيني ورقتي الألف دينار، ثم أرجع لي الإفريقي ورقة الألف التي سلمتها إياه من قبل. !!! الأمر يتجاوزحدود الخيال إنه جنون. كانت هذه العبارة الوحيدة التي تذكر السيد الزوبير أنه نطق بها في تلك اللحظة " أهلا بك بيننا " قال سليم الذي شرح للزوبير بأنه استعمل ملونا خاصا ومسحوقاُ باهظ الثمن لا يُباع إلا بخارج الوطن، استطاع الإفريقيان أن يجعلا من ثروة سليم ثلاثة أضعافها وقد احتفظا بثلث هذه الثروة وأرجعا الباقي لسليم. أوضح سليم. " لقد ضاعفت رأس مالي بهذه الطريقة " "أنا جاهز، أريد أن أفعل نفس الشيء، أود أن أستثمر وأضاعف أموالي أنا الآخر" قال السيد الزوبير وهو متحمسا ومتسائلا عن موعد العملية التي سوف يشترك بها لكن سليم لم يتحرك ساكنا، قال بأن الوقت متأخر واقترح الخلود إلى الراحة والالتقاء في اليوم الموالي. إلا أن اليوم الموالي سيتحول إلى كابوس بالنسبة للسيد الزوبير، إذ أنه لن يخسر ماله وبيته فحسب، بل وأنه سيشلّ بعد الصدمة التي سيتلقاها مدركا أنه خسر ثمرة عرق حياته. توبي كالوبالي، الذي كان يرتشف "الويسكي" مارس السنغالي بفندق بوهران، عملية تزوير الدولار الأسود في عدة بلدان من بينها الإمارات العربية المتحدة. قال إبنه وصل الجزائر منذ 15 شهرا. وكان يتباهى كونه قام بأجمل عملية نصب في الجزائر حيث احتال على سيدة ثرية كانت تملك محلا تجاريا بزرالدة. ما أسعد اليوم الذي قامت فيه تلك السيدة بمنح السيد كالوبالي خمس مائة ألف دولار نقدا بعد أن وعدها بمضاعفة المبلغ، زيادة على كيلوغرامين من الذهب، إدعى أنه سيقتني بها المواد الكيمياوية التي سيستعملها في عملية النسخ. تقاسم توبي تلك الغنيمة مع شلته وأرسل قسطا كبيرا إلى عائلته بالسنغال حسب تصريحاته. موظف بالبنك الوطني اختلس 165 ألف أورو ومنحها للزنوج السيد زين الدين الذي كان عاملا بالبنك الوطني الجزائري ضحية أخرى وهوالآن وراء القضبان أين سيقضي خمس سنوات حبسا. لقد سقط في كمين شلة من الإفريقيين كانوا زبائن بالبنك. ربط السيد زين الدين علاقة صداقة مع تلك الشلة التي سرعان ما اشتكت له همومها أي أنها من لاجئي حرب الكونغو وأنها هرّبت حقيبة مملوءة بالدولارات المطلاة بصبغة سوداء قصد العبور بدون إثارة الشكوك. ولكن تلك الشلة لم يكن معها المواد الكافية للتخلص من الصبغة السوداء لقد قامت بتنظيف بعض الدولارات بمرأى منه ما جعل السيد زين الدين يسقط في الفخ حكمت محكمة السانية على السيد زين الدين في يناير 2008 بخمس سنوات حبسا وعشرون ألف دينار ضريبة نقدية لاستيلائه على مائة وخمسة وستون ألف يورو من رصيد الزبائن التي حسب تصريحاته سلمها لأصدقائه الأفارقة لشراء المواد الكيمياوية التي تساعدهم على تنظيف الأموال. اختفى الأفارقة ووجد السيد زين الدين نفسه أمام العدالة. اعترف السيد زين الدين بأنه سحب الأموال من رصيد الزبائن إلا أنه ترافع أنه هو الآخر ضحية. عندما استفسره القاضي عن دوافع فعلته تلك انفجر السيد زين الدين باكيا: الطمع". لم أعرف كيف وجدت نفسي في هذا المأزق... "الطمع سيدي القاضي ، الطمع والجهل دفع بالعديد من الأشخاص إلى الهاوية، الطمع هوالآخر هو الذي أدى بالزوبير بائع الجملة الثري الذي اعتمد على أصدقائه الجدد ليصبح أكثر ثراء خلال ليلة، إلى الجحيم الذي يعيشه اليوم. دخل منزله تلك الليلة المشئومة التي التقى فيها بسليم وصديقيه اللذان دلاه على طريقة نسخ الأموال وهومتحمس لإخبار زوجته أنه سيضاعف ثروته، وأمضى الليلة وهويحلم بالمشاريع التي سيستثمر فيها ثروته الجديدة. في اليوم الموالي، أتى سليم وصديقيه لتناول وجبة الغذاء عند الزوبير والتحدث عن الصفقة الجديدة. رسموا له خطة جهنمية ومتقنة كي يستولوا على مبلغ 9 ملايير سنتيم كان سليم يترجم أقوال الأفارقة الذين اشترطوا خمسة ملايير سنتيم مقابل إشراكه في الصفقة وقالوا إنهم بعملية هذه النسخ سوف يَجْنون 15 مليار سنتيم العشرة منها تمنح للزوبير والخمسة الباقية لسليم والإفريقيين. اقترح سليم بأن يبدأوا التنفيذ خلال شهر، ما سيوفر لهم الوقت الكافي لاقتناء المواد الكيمياوية الخاصة بالعملية. كاد الزوبير أن يطير من شدة الفرح، إلا أنه لم يكن بحوزته إلا مليار سنتيم وشهر واحد لجمع ما تبقى من المبلغ. في ظرف أربعة أسابيع قام الزوبير ببيع بيته بحوالي أربعة ملايير سنتيم وهاتف سليم ليخبره بأنه جمع المبلغ وأنه جاهز للعملية. في يوم شتوي قارس، اتجه الزوبير إلى محطة سيارات الأجرة بالحمري ليلتقي بأصدقائه ويقودهم إلى منزله. "لقد جاؤوا محملين بأكياس وحقائب ضخمة وطلبوا مواد ومدفئة وضعوها في غرفة، وطلبوا أن يبقى أفراد العائلة عن بُعد عنهم لأن المواد الكيمياوية المستعملة خطيرة ومضرة"، قال الزوبير متذكرا. اتجه الزوبير وسليم إلى الغرفة المجاورة وأخذ يشاهدان التلفاز ويتبادلان أطراف الحديث، ومن وقت لآخر ينظران إلى الإفريقيين. لقد تحولت الغرفة التي كانا يعملان بها إلى مخبر، أوراق مبعثرة في كل مكان قارورات مملوءة بمواد كيماوية غريبة، مسحوق أبيض كان يستعمله الإفريقيان لمسح الأوراق لقد قضوا جل الليلة على ذلك المنوال حتى الساعة السابعة صباحا. قالا بأن كل الأوراق النقدية قد نُسخت ورُتّبت ولم يبقى إلا اقتناء محلول كيميائي آخر لإزالة الصبغة. اقترح سليم على صديقيه الذهاب إلى الفندق لأخذ قسط من الراحة ورفض دعوة الزوبير الذي عرض عليهما المكوث في منزله وعد سليم بالرجوع مع أصدقائه في الغد بعد أن حملوا أغراضهم وغادروا المكان. "حمدت الله وعدت ابنتايا باقتناء سيارة لكل منهما ريثما ننتهي من العملية"، قال الزوبير. الشرطة تحاصر المبنى وتحجز كمية معتبرة من الأوراق النقدية المزورة في الغد، عندما ذهب الزوبير لجلب أصدقائه، صُدم بخبر مؤسف، حيث أخبره إفريقي بأن الشرطة ألقت القبض على أصدقائه بعد ما فتشت المبنى وعثرت على الأوراق النقدية المزوّرة. قلت لنفسي: "هذا مستحيل، لقد ألقي القبض على سليم المسكين"، قال السيد الزوبير متذكرا. ارتعد الزوبير لفكرة أن تُقدِم الشرطة على تفتيش منزله هو الآخر، فتوجه بسرعة إلى بيته وخبأ كل الأوراق بعد أن وضعها في علب كما أوصى زوجته وابنتيه بإنكار كل شيء إن ما سألتهن الشرطة. بدأ قلق الزوبير يتزايد بمرور الأيام ، لأن موعد إخلاء المسكن بدأ يقترب ولا خبر عن سليم. وجاء اليوم الذي تلقى فيه مكالمة هاتفية ولكن ليس من قبل سليم بل صديق لشركاء سليم الأفارقة. عندما سرد الزوبير للإفريقي ماجرى له، رد الإفريقي بأنه لايمكنه التحدث عن ذلك بالهاتف وسوف يأتي إلى وهران بعد أيام للتحدث في تفاصيل القضية. وصل الإفريقي بعد أيام، كان رجلا أنيقا، يرتدي بدلة ذات جودة عالية وقدم نفسه كونه عامل بالسفارة الكامرونية بالجزائر العاصمة عندما روى له الزوبير أحداث القضية، بدى عليه القلق وقال أنه قد لا يمكنه مساعدته ولكنه على الأقل سيحاول ويبذل قصارى جهده. أجرى الإفريقي مكالمة هاتفية إلى خارج الوطن وقال بأن المحلول الكيميائي متواجد بأحد بلدان أمريكا اللاتينية وبإمكانه جلبه في ظرف ثلاثة أيام إلا أن المحلول باهظ الثمن. كم سعره؟" طلب الزوبير: " ألف يورو. هل أطلب من صديقي إحضار المحلول؟" لم يكن أمامي خيار آخر"150" الزوبير"قبلت على الفور". قال: لم يكن مع الزوبير مايكفي من المال، فاضطر إلى بيع دكانه، وسافر إلى العاصمة لالتقاء الرجل الذي سوف يضع حدا لهذا الكابوس الذي يعيشه، هذا ماكان يظنه... توجها الإثنان إلى حي حيدرة أين التقيا بإفريقيين آخرين، كانا ينتظرانهما بعلب مملوءة بالمواد والمساحيق الكيمياوية. أصيب بشلل نصفي بعد خسارته لثروته وتشتت عائلته "عرضا علي تجريب المساحيق على إحدى الأوراق السوداء، وسرعان ما أقبل الرجل الذي التقيته بوهران على تنظيف الورقة من الصبغة السوداء. بالمئة" صرح الزوبير. نجحت العملية مئة بالمئة ولكن عندما عاد إلى بيته، جرب المواد والمساحيق على باقي الأوراق السوداء، ولكنه لا شيء أعاد التجارب مرارًا وتكرارًا ولكن لا حياة لمن تنادي، وفجأة رنّ الهاتف. كان سليم المتكلم، هاتف الزوبير ليسخر منه، حيث أقر له بأنه وأصدقاءه، استلوا على نقوده التي حملوها في حقائبهم عندما غادروا بيته ذلك الصباح ولم يتركوا سوى مجرد أوراق بيضاء مطلاة بالأسود. "مرحبا بك في العالم الجديد يا أبي" قال سليم بسخرية وأضاف: " فليُكثر الله الأغبياء حتى يعيش الأذكياء". سقطت السماعة من يد الزوبير الذي أغمي عليه ودخل في غيبوبة. الزوبير يعيش اليوم مع عائلته في غرفتين ببئر الجير بعد أن أُصيب بشلل نصفي. أعلنت إحدى ابنتيه. "لا نريد رفع شكوى تجنبا لإثارة فضيحة" كل ما أضافه السيد الزوبير كان:" الطمع والجهل دفعا بي إلى ارتكاب ذلك"، قال والندم يُقرأُ في عينيه.