تكشف أحداث قرية "أغريب" التي هدم فيها مسجد وخرب لمرتين، المرة الأولى أحرق عن آخرها والمرة الثانية قرر رئيس البلدية ونائب برلماني وثلة من المجرمين تخريب المسجد بسواعدهم وبجرافات الدولة التي تستعملها البلدية. ما حدث في هذه القرية يعد سابقة خطيرة في حق أحدى ثوابت الأمة، وهي الدين الإسلامي الذي هو دين الدولة حسب ما ينص عليه الدستور والاعتداءات على المساجد صارت تتكرر بطريقة غريبة وباستمرار دون أن يماط اللثام عن الفاعلين أو توجه أصابع الاتهام إلى جهات معينة، فقد كانت مساجد ولاية سطيف مسرحا لجرائم يندى لها الجبين وتشقق لها السماء حين شوّه المصحف الكريم في أكثر من مسجد بفضلات آدمية في أكثر من مناسبة، وما زال لحد الآن الفاعل مجهولا. وإن كان الأمر يتم بهذه الدقة دون أن يكشف عن الفاعل، فالأكيد أن الحكاية وراءها مدبرون لهم أغراض سياسية وإديولوجية، وليست لأغراض السحر كما كان يشاع، بدليل أنه لحد الآن لم تتمكن قوات الأمن والسلطات المختصة من فك لغز هذه الظاهرة، التي بالتأكيد يقف وراءها محترفون في التستر وصنع الفتن. ولو كان الأمر فعلا معزولا، لتم القبض عليه بسهولة ويسر. كما شهد مسجد في بجاية قبل أيام، حادثة أخرى فريدة من نوعها حين اعتدى مجرمون على المسجد والمصلين بقنينات النبيذ والحجارة ليفروا على إثرها دون أن يكشف على هويتهم. والسؤال المطروح: ما هو الهدف من تزامن هذه الاعتداءات إن لم يكن مخططا لها ومعدا لها بإحكام؟ أما مدينة تيزي وزو، فقد عرفت أكثر من مناسبة الاعتداءات على المساجد، لكنها كلها كانت طي الكتمان. ورغم بشاعة ما حدث لسكان أغريب ومسجدهم، إلا أن القضية لم تثر بالشكل الذي يجعل منها حدثا يستنهض الهمم. والسؤال هنا: أين هو دور وزارة الشؤون الدينية وجمعية علماء المسلمين، والأحزاب التي تستمد مبادئها السياسية من الدين الإسلامي؟ السؤال يبق مفتوحا. والغريب في القضية، أنه في الوقت الذي تهدم بيوت المسلمين وتحرق أمام نظر السلطات المحلية وبمشاركتها ومباركتها أحيانا، تشيّد الكنائس لبعض العشرات من الذين تنكروا للدين الإسلامي وغيّروا دينهم مقابل إغراءات، رغم أن الكثير منهم تراجع عن المسيحية وعاد إلى رشده لعلمه أن القضية لا علاقة لها لا بالمسيحية ولا بالإسلام، ولكنها قضية سياسية الهدف منها خدمة تيار معين، يخدم مصالح فرنسا في الداخل، وإلا بماذا نفسر تدخل فرنسا ومحاولتها التأثير في منطقة معينة دون أخرى؟ الأكيد أن القضية لها تبعات خارجية وتمتد إلى غاية قصر الإليزيه، والأيام القادمة كفيلة بفتح هذا الملف والكشف عن المستور.