بالمصادقة على قانون البلديات الجديد، تدخل هذه الأخيرة عهدا جديدا. لا أدري ما إذا كان يجب علي كمواطن أن أتفاءل أم لا. أكذب على نفسي إن قلت بأنني متفائل. عايشت المجالس الشعبية منذ نشأتها الأولى، في ظل الديمقراطية الاشتراكية، وفي ظل الديمقراطية الليبرالية، المبنية على التعددية الحزبية، وفي الفترتين، لم أجد في القوانين ما يعاب، فكما يقال، كل قانون مهما كان، فهو صالح إذا طبق.. وتلك هي المشكلة الكبرى في بلادنا، القوانين ما أكثرها، وتطبيقها ما أقله ! فالعيب إذن ليس في القانون، بل العيب في الإنسان الظلوم الجهول!! أسئلة كثيرة تطرح نفسها ونحن نتحدث عن البلدية باعتبارها الخلية الأولى لهرم الدولة، أو هي الجمهورية المصغرة التي يكون فيها رئيس البلدية رئيسا بصلاحيات رئيس الدولة في حدود مقاطعته، تلك الصلاحيات التي كانت تحت رحمة سلطة الإدارة الممثلة في الولاية، أي أن الإرادة الشعبية كانت مكبلة بقيود السلطة الإدارية للوالي، إذ لا شيء من مقررات المجالس الشعبية يأخذ طريقه إلى التنفيذ، إلا إذا بصمت عليها أصابع الوالي، بمعنى أن رئيس البلدية ما هو إلا موظف عند الوالي، أو رئيس الدائرة رئيسه المباشر، فهل، في ظل القانون الجديد، يستلم رئيس البلدية صلاحياته كاملة كرئيس بمعنى الكلمة؟ ولكن السؤال الآخر الأكثر حساسية، هو، في حال تحقق هذا، هل الأحزاب التي لا تملك من المناضلين الطامحين لهذا المنصب، سوى المرشحين للوقوف في "بوكس" الاتهام.. لأن بلديات الوطن، ورغم القيود المفروضة على تصرفات المجالس فيها، كلها، لم تعمل إلى حد الآن، سوى ما يجرها إلى المحاكم.. هل هذه الأحزاب الكثيرة عددا، والقليلة ضميرا وأمانة، تلك الأمانة التي يطمح إليها الشعب الذي عبر عن إرادته رئيس الجمهورية بالمصادقة على القانون الأخير.. هل هي مستعدة للدخول في العهد الجديد، بروح مسؤولة، أم أنها ستدخل العهد الجديد بنفس العقلية السابقة، التي لا تعتبر البلديات إلا بقرا حلوبا؟ في انتظار العهدة المقبلة.. ندعو الله أن يرزق مجالسنا منتخبين، يخدمون أنفسهم في إطار خدمة الآخرين.