لا يزال وعي الجزائريين فيما يخص الاهتمام بالأمن الأسري وحس الوقاية المدنية، ضعيفا في عديد الحالات، وربما هذا ما يزكيه الارتفاع النسبي الذي عاشته الجزائر فيما يخص حوادث الحرائق والتسرب الغازي التي ألمت بأزيد من 291 شخص خلال العام الماضي، بارتفاع 70 بالمئة مقارنة بسنة 2007، والتي قدر ضحاياها المتوفين ب لازال التسرب الغازي، وبخاصة في فصل الشتاء، يفقد الأسر الجزائرية بعض أفراد عائلاتها، وفي حالات مؤسفة كل أفراد العائلة. كما لا يزال الضحية الأكبر "لإرهاب الغاز المتسرب"، النساء والأطفال في الغالب. ويكفي للاستدلال على ذلك، أن مصالح الحماية المدنية الجزائرية قد تمكّنت خلال سنة 2008 من إسعاف أكثر من 985 فرد، كان حظ المصابين منهم 365 امرأة، ناهيك عن إسعاف أزيد من 286 طفل، ما يعني أنهم أزيد من نصف الضحايا لقارورات البوتان والغاز الطبيعي، نتيجة سوء استعمال الغاز. ويكفي الإشارة إلى أن هذه الحوادث لم تعد مقتصرة على المدن الكبرى أو المناطق الفقيرة وفقط، بل انتشرت لتشمل عديد ولايات الوطن عبر التراب الوطني، ما جعل من العديدين ممن سلموا من حوادث الموت إلى التعرض لعاهات مستديمة وحروق خطيرة ومن درجات متفاوتة، قد تغير مسار حياتهم للأبد، أو إلى أزمات نفسية قد تعكر صفو حياتهم كثيرا. "كمال" الشاب الذي تعرّض إلى حريق في صباه نتيجة تسرب غازي لم ينتبه له أفراد أسرته، حيث شب حريق كاد يقتلهم جميعا، والساكن بأحد أحياء باش جراح، فقد أكد لنا بأنه لم يعتد في بادئ الأمر على تقبل الوضع الذي يعيشه بجلد مشوه، ولكنه تأقلم مع الوضع واعتبر أن هذا أمر مقدر من الله والذي يجب عليه أخذ الحيط. أما "رضا"، والذي يقطن بالكاليتوس ساهم في إنقاذ جيرانه من كارثة، حيث أكد لنا بأنهم لم ينتبهوا إلى التسرب الغازي الكثيف الذي كان ينبعث من منزلهم. ولما طرق عليهم الباب مع الجيران، انتبهوا بأنهم لا يردون عليهم، هذا ما دفعهم إلى استدعاء الحماية المدنية والدخول لإنقاذهم. أما "إسماعيل"، فقد أعلمنا بأن أحد جيرانهم قد تعرّضوا لاختناق في فصل الشتاء بسبب تصرف خاطئ قام به أحد الجيران، وهذا بغلقه للمدخنة المشتركة للعمارة على مستواه، وجعلها خزانة جدارية في فصل الصيف. وعند حلول فصل الشتاء واشتغال المخبزة الموجودة أسفل العمارة، تجمعت الغازات المنبعثة منها وكادت تؤدي بوفاة أحد الجيران الذي لم ينتبه للغاز المحترق الذي يخرج من مدخنته، لولا تدخل مصالح الحماية المدنية. وللذكر، فإن مصالح الحماية المدنية تمكّنت من القيام ب 641 تدخل سنة 2008، وإن جل الاختناقات كانت ناتجة عن الاختناقات بفعل "مونوكسيد الكربون" الناتج عن الاحتراق غير الكامل للغازات المنبعث من المدفآت، وكذا حالات الاختناق بفعل الغاز الطبيعي والذي يتواجد أيضا في المدفآت وآلات الطبخ المنزلية، بالإضافة إلى "القنابل الموقوتة". الاختناقات الناجمة عن تسرب غاز قارورات البوتان هذه التي كشفت مصالح الحماية المدنية أنها سجلت انخفاضا محسوسا مقارنة بالسنوات الماضية، حيث بلغت 26 وفاة فقط.