السودان مقبل على استفتاء لا نقول عنه إنه مصيري، لأن مصير السودان قد حدد وتقرر في المخابر الإسرائيلية والإمريكية، ولكنه أمام نتائج استفتاء كلها تؤدي إلى انهيار هذه البلاد التي تعد سلة الغذاء العربي وخط دفاعها الخلفي. حتى وإن انفصل السودان وهذا الوارد حتما فإن احتمال اشتعال الحرب بين الجنوب والشمال نسبتها مرتفعة، لأن الجنوب سيدخل لعبة الحدود والمطالبة بأراض أخرى في الشمال بإيعاز من القوى التي "سمنته"، وهو ما بدأ يظهر جليا من خلال مطالبة الجنوبيين بالسماح لهم بالنشاط السياسي في الشمال وتشكيل حزب لهم هناك، وهو ما يعني أن الانقسام لن يتوقف عند الجنوب والشمال، بل إلى شمال مقسم أيضا، هذا في حالة إن قبل السودانيون في الاستفتاء بالانقسام. أما إذا لم يقبلوا، فخيار الحرب شبه مؤكد، لأن القوى التي بيدها خيوط اللعبة السودانية لن ترضى عن الانقسام بديلا. لذا السودان اليوم ليس في واقع الحال سوى الثور الأبيض، رغم أن اسمه السودان الذي يشير إلى السواد. ورغم ذلك، فإن باقي الثيران والبقر السوداء والبيضاء لا تحرك ساكنا ولا يهمها الأمر، حتى وإن كان السكين سينحرها بعد السودان مباشرة ثورا بعد ثور وبقرة بعد بقرة وعنزة بعد عنزة وتيسا بعد تيس. ورغم ذلك، يتمنى "الأعراب" نجاح الاستفتاء، والنجاح هنا ليس سوى الانقسام لتحاصر العرب دولة جديدة في جنوب السودان، وينقص جزء هام منهم، في انتظار أن ينقرضوا.