يستعد حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، لزعيمه سعيد سعدي، لتنظيم مسيرة يوم السبت القادم بالعاصمة، بعد "نوم" زعيم الحزب لمدة طويلة لم يسجل له فيها أي حضور سياسي سوى تسريباته المخجلة وغير المؤسسة لأحاديث دارت بينه وبين مسؤولين جزائريين، قدمها للسفير الأمريكي، حسب موقع "ويكيليكس". والظاهر أن الحزب وقائده يحاولون الاستثمار في الظروف والاصطياد في المياه العكرة، كما عوّدونا على ذلك دوما. والغريب في حكاية هذه المسيرة التي ينوي الحزب تنظيمها، أنها جاءت دون استشارة هيئات حزبية أو جمعيات أخرى، أو بالتشاور معها على الأقل لإقناع المواطن بجدية المسعى، ولكن سعيد سعدي المغمور سياسيا يحاول من خلال هذه المسيرة العودة للأضواء إعلاميا بعدما أخذ عطلة طويلة المدى في العواصم الأوربية، يصول ويجول ويتلقى الأوامر من هذه العاصمة ومن تلك. وربما كنا سنفهم إصرار الحزب على تنظيم مسيرة في العاصمة، لو كان الأمر قبل الأحداث التي شهدها الشارع الجزائري منذ أيام، وقبل الثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس السابق بن علي، وهنا يمكن التساؤل عن التوقيت الذي اختاره سعيد سعدي، فأين كان مثلا لما كانت الأسعار ترتفع ولم يطالب بالخروج إلى الشارع، ولم يكن يدري حتى أن السكر ارتفع إلى مستويات قياسية؟ أما المطالب السياسية، فلا نعتقد أن الغرق أو الفتح السياسي في البلاد وحالة الطوارئ التي ستكون بلا شك شعارات يحملها الحزب، إن نجح في جمع بعض العشرات حوله، كانت غائبة عن الحزب منذ شهور أو حتى سنوات، فما الذي تغير؟ وإن كان سعيد سعدي سيفرح خلال هذه المسيرة بالإنجاز التونسي ويطالب أن يكون نموذجا يحتذى به في الجزائر، فعليه أن يتذكر أنه كان من أكبر المدافعين عن نظام بن علي، خاصة وأن الأفكار تنبع من نفس المشكاة، فقد كان حزب التجمع التونسي الدستوري مثالا يقتدى به وقد ضرب به سعيد سعدي ومن دار في فلكه الأمثلة من أجل الاقتباس منه وتطبيقه نظريا على الجزائر. إن أكبر مشكلة يعانيها سعيد سعدي وحزبه، هو تفرق الناس من حوله وعدم تصديق الكثيرين لأفكاره التي لا يؤمن بها هو شخصيا، للدرجة التي جعلت أقرب مقربيه ينفضون من حوله، لأن المناضلين في "الآرسيدي "سئموا من الزعيم الوحيد الأوحد، وربما سيخرج رئيس "الآرسيدي" بشعارات تطالب بالتداول على الحكم، في الوقت الذي يقبع فيه هو على رأس حزب منذ رأى هذا الحزب النور إلى يومنا هذا، وهو الحزب الذي يستند إلى أسس جهوية تفرّق الجزائريين أكثر مما توحّدهم. ما سيقبل به هذا الحزب، لا يدخل سوى في خانة "التخلاط" ومحاولة تطبيق سياسة الأرض المحروقة. وإن كان زعيم "الآرسيدي" يريد إعادة ثورة الياسمين في الجزائر، فعليه أن يتأكد أن الأوضاع في تونسوالجزائر تختلف من كل النواحي، فحذار من أن تتحوّل الثورة ضده وبدلا من جني الياسمين، يجلس على شوك ثورة الشعب الذي لفظه أكثر من مرة!