نساء يحوّلن حرفة بيع الذهب في شوارع العاصمة إلى مصدر للرزق فتجوّلنا بشوارع العاصمة، وخاصة الشوارع المؤدية إلى عبان رمضان وواد كنيس، يلمح ومن الوهلة الأولى مدى انتشار هذه الظاهرة بالعاصمة، حيث تجد نساء وفتيات أخذن على عاتقهن تربية أبنائهن وإعالة عائلاتهن بهذا السبيل، في ظل الظروف الصعبة التي أضحت العديد من الأسر تتخبط في متطلباتها. إن المنطلق إلى جوار بلدية الجزائر الوسطى أو إلى حي رويسو، أو بعض الأماكن من ساحة الشهداء، قد يلاحظ اصطفاف النسوة على طول بعض هذه الشوارع، عارضات قطع ذهبية، قلادات، خواتم، أقراط وأساور، مختلفة الأحجام والأسعار والأشكال، حيث لا تتوانى أن تحمل كل واحدة منهن ما لا يقل قيمته عن العشرة ملايين سنتيم من الذهب، متغاضين عن المخاطر التي من الممكن أن تحدق بهن. جلهن وإن اختلفت أسبابهن ودوافعهن إلى امتهان هذه المهنة الشاقة والخطرة، هدفهن واحد وهو كسب الرزق الحلال والسعي وراء لقمة العيش وتوفير المال من أجل تحقيق حياة كريمة لأبنائهم وعائلاتهم، بالنظر إلى ما تدره عليهن تجارة الذهب. هذه المهنة والتي أطلعتنا عديد "الدلالات" على خطورتها، في زمن مجتمع أصبح اللاأمن أمرا اعتياديا والاعتداءات المضايقات ومحاولات السرقة أمرا شائعا، حيث كشفت بعضهن ل "الأمة العربية" عن تعرضهن لمحاولات السرقة المختلفة من بعض الشباب الذين يجدون فيهن هدفا سهلا، باعتبار أنهن غير قادرات على حماية أنفسهن لولا تدخل بعض الشباب الذي يعمل بجوارهن في بيع الذهب أيضا، هذا زيادة على ملاحقات عناصر الشرطة والتي تعتبرهن باعة غير مرخص لهن ومتجولات، ما يعني مخالفة للقانون وإضرارا بالاقتصاد الوطني، ناهيك عن احتمال بيعهن لذهب مغشوش. وبالرغم من كل هذا، إلا أن النساء "الدلالات" في سوق الذهب قد يتحدين كل هذا وبشكل يومي. ومثال ذلك، السيدة "ف" التي التقينا بها في واد كنيس، القبلة الأولى ل "دلالات" الذهب، والتي لم تتوان في الكشف لنا بأنها تعتبر من بين أقدم النسوة اللائي امتهن هذه التجارة الخطيرة هنا في رويسو، وهذا لأزيد من 16 سنة، وأضافت بأن الظروف الصعبة للمعيشة، هي التي دفعها لذلك، وبخاصة بعد وفاة زوجها إثر مرض عضال، وأكدت لنا بأن عملها هذا قد مكّنها من توفير عيش كريم لأبنائها أحسن من عملها في أي مكان آخر، خاصة وأنه ليس لديها أي مستوى دراسي. أما الآنسة "ر" التي بدا أن عمرها لا يتعدى الثلاثين سنة، فأكدت لنا بأنها قد انخرطت في سوق الذهب بواد كنيس منذ سنتين فقط بدافع الحاجة للمال، وقد وجدت في تجارة بيع الذهب ما يؤمّن لها هذا بشكل جيد، خاصة وأنها تعين بها أسرتها، فالوالد عاطل عن العمل، وأكدت لنا بأن هذا أحسن بالنسبة لها من العمل السابق الذي امتهنته كنادلة في مطعم أو في ال "بيتزيريا"، بالرغم من مضايقات بعض الشباب واللصوص، أو حتى مطاردات عناصر الشرطة. أما السيدة "ح" التي أكدت لنا بأن مهنة المتاجرة بالذهب، تشهد كسادا هذه الأيام بسبب الارتفاع الحاد الذي يشهده الغرام الواحد والذي بلغ 2200 دينار، وقالت إن الذهب الذي من المعتاد أن تشهد تجارته انتعاشا ملحوظا في فصل الصيف، يعاني النقص في المقبلين عليه، ماعدا من قلة من النساء، وخاصة ممن يحضّرن للأعراس والمناسبات المختلفة.