تقع بلدية اولاد ذايد جنوب عاصمة ولاية المدية على مسافة 35م بتعداد سكاني قارب 5000 نسمة موزعين على 7 قرى، منها الزاوية وأولاد عزيز و المراشدة على مساحة 145 كم مربع تعد الفلاحة نشاطهم الرئيسي ومصدر معيشتهم تمتاز بخصوبة اراضيها، الشيء الذي اهلها لتكون جنة خضراء تسر الناظرين من خلال بساتينها المترامية الاطراف. لكن ورغم هذه المؤهلات يبقى نصيب بلدية سيدي ناجي في مجال التنمية يراوح مكانه منذ سنين. كان علينا الدخول الى اولاد ذايد عبر بوابة السواقي، وهنا بدأت معاناتنا مع وسائل النقل وتحتم علينا الوقوف ازيد من ساعتين تحت اشعة الشمس المحرقة، إلا ان ارادتنا كانت قوية للوصول الى هذه البلدية التي هجرها نصف سكانها بفعل ما اقترفته ايادي الغدر والاجرام وحوّلت حياة سكانها البسطاء الى جحيم. وتبقى المجزرة التي راح ضحيتها 11 فردا، شاهدة على هول الكارثة.. كانت الساعة تشير الى تمام العاشرة صباحا عند دخولنا الى بلدية اولاد ذايد، فالزائر اليها يخيل له انه داخل الى حي او قرية، لكن وللاسف هي بلدية لا تحمل الا الاسم، كيف لا وقد تفاجأنا لانعدام ابسط الضروريات، فلا مخبزة ولا مرش ولا مطعم ولا صيدلية، وتبقى العاصمة الاقتصادية لهذه البلدية مدينة البرواڤية، الا ان بعد عودة الامن عرفت البلدية واقعا اخر وفتحت صفحة بيضاء شعارها البناء والتشييد. تنمية تحتاج إلى فضاء عقارات لم تستفد بلدية اولاد ذايد منذ نشأتها كبلدية الا من 50 حصة ذات طابع اجتماعي حصلت عليها مؤخرا، وبعد معركة قضائية من اصحاب العقار وقد تم الشروع في الاشغال. ويرجع سبب قلة مشاريع السكنات كما اشرنا اعلاه الى انعدام الاحتياطات العقارية، وهو ما اخّر مسار التنمية بالبلدية على اعتبار ان معظم اراضيها ملك للخواص. والى جانب السكن الاجتماعي، فقد استفادت البلدية من حوالي 450 بناء ريفيا منذ العام 1997، كان اخرها 30 بناء ريفيا في اطار برنامج مليون سكن، وهذا قصد تثبيت السكان في محيط اريافهم. اما فيما يخص السكن التساهمي، فالحصة تبقى منعدمة. وتبقى النقطة الايجابية التي لمسناها ونحن نجوب شوارع البلدية، تهيئة معظم الطرق في الوسط الحضري. وفي السياق ذاته، تم تعبيد الطريق الولائي رقم 20 الرابط بين البرواڤية والسواقي مرورا باولاد ذايد، الشيء الذي فك العزلة عن سكان هذه البلدية، ناهيك عن الطرق البلدية التي اعيد لها الاعتبار بعد فرشها بالحصى من طرف محافظة الغابات، في انتظار تعبيدها من جانب مصالح البلدية. الماء والكهرباء.. نعمة يحسد عليها سكان أولاد ذايد على عكس معظم بلديات ولاية المدية التي تعاني ازمة مياه، فالامر مختلف تماما باولاد ذايد؛ فالسكان يتزودون بهذه المادة الحيوية من سد غريب طيلة ايام الاسبوع، يضاف اليها 3 آبار ارتوازية و4 للمياه المسطحة، جعلت مواطني البلدية في مأمن من هذا المشكل. والدليل على ذلك، ان 90 % من سكان البلدية يتزودون بهذه المادة. والى جانب نعمة المياه، فان الكهرباء الريفية قد بلغت نسبة التغطية بها 98%. بالاضافة الى هذا، فان جل قرى البلدية بها انارة عمومية، الشيء الذي سهل من عملية التنقل ليلا، في حين لا زالت معاناة السكان متواصلة في هذا الجانب، لان اولاد ذايد لا تملك الا مركزا صحيا واحدا لاكثر من 5000 نسمة، في حين يبقى سكان مداشرها يعانون من مشاق التنقل الى مركز البلدية وفي احيان كثيرة الى البرواڤية. وفي حديثنا مع البعض من سكان المداشر، اصروا لنا على ضرورة انجاز قاعات علاج وعيادة متعددة الخدمات قصد تقريب الصحة من المواطن والحد من معاناة التنقل اثناء الحالات الاستعجالية. الثقافة مشلولة والرياضة في سبات يعاني شباب المنطقة كغيره من شباب ربوع الوطن من البطالة القاتلة التي اصبحت روتينا معاشا، اثقل كاهله في ظل انعدام فضاءات ثقافية ومنشآت رياضية تخفف عن هؤلاء ولو قليلا وتفتح الفرص امامهم للتعبير والتشغيل، ولا يوجد ما يرمز للثقافة الا المكتبة البلدية التي تم استلامها لتبقى معها امال الشباب معلقة ورحلة الانتظار مستمرة للنهوض بالفعل الثقافي وايقاظها من سباتها. القطاع الرياضي لا يختلف كثيرا عما هو الحال عليه في الثقافة؛ فالنادي الرياضي والفريق الذي صنع صورا رائعة بالامس القريب متوقف، الا ان اصرار الشباب كبير لاعادة بعث نشاط هذا الفريق هذا الموسم. هذا، وتبقى القاعة المتعددة الخدمات المتنفس الوحيد للشباب. الى جانب هذا، فتوفير العقار وغاز المدينة وبناء ثانوية حلم السكان، هذا كل ما يتمناه سكان اولاد ذايد لاجل دفع عجلة التنمية اكثر، لان انعدام وعاء عقاري اجّل انطلاق عدة مشاريع كان بامكانها اعادة وجه اولاد ذايد المشرق. وتبقى النقطة التي اصر السكان ابلاغها للسلطات العليا، تزويدهم بغاز المدينة وانهاء كابوس قارورات الغاز، خاصة وان اولاد ذايد معروفة بشتائها الذي لا يرحم، مع العلم ان البلدية لا تبعد عن انبوب الغاز سوى ب 9 كم. وعلى صعيد اخر، فحلم الاسرة التربوية كبير لاجل بناء ثانوية للتخفيف من معاناة تنقل ابنائهم نحو ثانويات البرواڤية. قاربت الساعة 12.30 عند انتهاء مهمتنا وكان علينا الانتظار مرة اخرى اكثر من ساعتين للعودة من حيث أتينا، في درجة حرارة قاربت 42 درجة، ولولا حظنا في سيارة "كلوندستان" لكان المبيت هناك... ودعنا هؤلاء البسطاء وقد حمّلونا همومهم التي اصروا على نقلها لأعلى السلطات.