تعيش ست عائلات بشارع "أحمد خالدي" الواقع بحي "البرتقال" التابع لبلدية المحمدية حياة بائسة للغاية، لا تملك قوت يومها، بعضها يفترش التراب، وأخرى تقطن داخل "زريبة حيوانات"، أما عائلة أخرى فجدران منزلها عبارة عن "كرتون"، في حين أن المسؤولين يتمتعون في الديباج والحرير متناسين همّ البؤساء. مأساة هذه العائلات تجاوزت سنين وسنين داخل أكواخ من قش و"كرتون" وقصدير لا تتوفر على أبسط الوسائل أو المستلزمات المنزلية، فهي تفترش التراب وتلتحف أغطية جد بالية لا تقيها برد الشتاء، فالزائر لها يندهش من وجود حالات بائسة تعيش في تلك الوضعية غير الإنسانية كحالة هذه العائلات، والأدهى والأمر من ذلك أن بعضها عاش التشرد لفترات طويلة بعدما قامت السلطات المحلية بتهديم منازل قصديرية كانوا قد شيدوها في وقت سابق بالقرب من الحالية، دون أن تكلف نفسها إيجاد مأوى لها، ولولا تدخل أحد القادة العسكريين الذي سمح لهم بتشييد "أكواخهم الحالية" بحي البرتقال لظل الشارع هو مسكنها. هذه العائلات تأمل أن تستفيد يوما ما من سكنات اجتماعية كغيرها، وتتمنى أن تعيش حياة كالتي يحياها باقي البشر، وأطفالها يحلمون بليل هانئ لا يعكره وجود جرذان بحجم فئران تتسلل في جنح الظلام وتقوم بمهاجمتهم والتهام أطرافهم، كما حدث مع رضيع أحدهم، حين هاجمه جرذ وقام بالتهام أصابعه، الأمر الذي استدعى إسعافه وتطعيمه ب40 إبرة حسب ما روته لنا إحدى السيدات القاطنات بالحي، فهم يتقاسمون سكناتهم مع الجرذان والأفعالي، التي أصبحت تشكّل خطرا حقيقيا يهدد حياتهم وحياة أطفالهم، فهذه الوضعية حسب محدثتنا جعلت ليلهم شبيها بنهارهم، فخوفهم من تعرّض أبنائهم لعظات الجرذان يبقيهم مستيقظين في حالة استنفار متواصل طوال الليل. وكون هذه السكنات عبارة عن "أكواخ"، فلم تزود بشبكة المياه ولا بشبكة الغاز ولا حتى قنوات للصرف الصحي، ما زاد من تدهور الحالة المعيشية للسكان، الذين لم يجدوا حلا سوى الالتجاء إلى أصحاب الفيلات المحاذية لهم وطلب يد العون منهم، ونظرا لحالتهم البائسة، فقد قبل أولئك بإمدادهم بالتيار الكهربائي، والمياه كحل مؤقت، في انتظار أن تتكفل السلطات المحلية بمشاكلهم وانشغالاتهم والنظر إليهم كمواطنين كاملي الحقوق والمواطنة.