تلقى نوري المالكي رئيس الوزراء في العراق أول تهديد شديد اللهجة من إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حملته إليه وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، خلال زيارتها المفاجئة إلى بغداد بداية الأسبوع الجاري، مطالبة إيّاه بالعمل على تفعيل المصالحة الوطنية واستقطاب ما أمكن من عناصر حزب البعث والجيش العراقي السابق، للخروج من دوامة العنف التي يتخبط فيها العراق، لاسيما بعد تصاعد موجة العمليات الانتحارية، التي زادت حدتها في الأيام القليلة الماضية في عدة مدن عراقية. ويرى المحللون السياسيون أن الهدف من زيارة كلينتون الأخيرة للعراق، كانت من أجل تهديد المالكي، بسبب تصاعد العمليات التفجيرية وعدم تمكن الأمن العراقي من التحكم والسيطرة على زمام الأمور، وأنحت باللائمة على المالكي واتهمته بالمسؤولية عن التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية بسبب تقاعسه في تسريع المصالحة وعدم ثبوته على رأي واحد منها، حيث وضعت وزيرة الخارجية الأمريكية، رئيس الحكومة العراقية أمام خيار الاستمرار في السلطة مع تفعيل المصالحة الوطنية والثبات على موقف واحد أو التخلي عن الحكم في إطار سياسة تنوي حكومة باراك أوباما تنفيذها في المستقبل القريب. ويؤكد المتتبعون للشأن العراقي أن زيارة هيلاري كلينتون كانت بغرض تسليم المالكي هذه الرسالة، بعدما تفجرت الأوضاع الأمنية بشدة خلال الأسابيع الأخيرة وأعادت العراق إلى الأيام الدامية سنتي 2006 و2007. إذ تخشى الإدارة الأمريكية من عودة قوية لما تسميه أعمال العنف ما يهدد استراتيجية الرئيس باراك أوباما الذي وعد بإنهاء الحرب في العراق وسحب القوات، رغم أن عدة جهات تتهم القوات الأمريكية بتفجير الوضع الأمني لضمان الانتشار مدة أطول. ومنذ بداية الشهر الجاري خسرت القوات الأمريكية 16 جنديا على الأقل ونحو 33 جريحا، حسب ما جاء في تصريحات الجيش الأمريكي الأمر الذي يجعل من هذه الحصيلة هي الأعلى منذ أشهر. وفي مناطق متفرقة جدت اشتباكات وتفجيرات أسفرت عن سقوط مزيد من القتلى بين العراقيين، وهو المؤشر الذي يرى فيه المحللون السياسيون في ظل هذه التطورات الأمنية الخطيرة، عودة قوية للعمليات التفجيرية والخطط الأمنية، فضلا عن أن الأشهر المقبلة ربما تحمل عديد المفاجآت بما فيها اتخاذ القوات الأمريكية تدابير جديدة على غرار ما فعلته مع قوات الصحوة التي ساعدتها في الكشف عن عناصر من المقاومة العراقية مقابل المال والمشاركة في العملية السياسية والتي أفضت إلى تحقيق استقرار نسبي، بقي هشا أمام عدم التزام نوري المالكي بتعهداته وإرجاء قراره إلى المراجع الشيعية، حيث انقلب على عناصر الصحوات وزج بهم في السجون بزعم أنهم ينتمون إلى القاعدة وإلى البعث، الأمر الذي أدى بالصحوات إلى الانقلاب هي الأخرى عليه، حيث تجلى ذلك في عودة سلسلة العمليات الانتحارية الأخيرة التي هزت مناطق عدة من المدن العراقية.