تتعرض القدسالمحتلة في الآونة الأخيرة لعملية تطهير عرقي واسعة وتشويه لمعالم هويتها التاريخية وعبث بسكانها وعمرانها، من خلال قرارات التهديم التي ستباشرها سلطات الاحتلال في حق 1500 منزل فلسطيني. فبرغم كل الخطوات المعلنة والخفية التي شهدتها سنوات الصراع الطويلة من أجل تهويد القدس، إلا أن الشهور القليلة الماضية شهدت تزايدا متسارع الوتيرة للتعجيل بذلك وفرضه كأمر واقع. كشفت تقارير للأمم المتحدة أن قرابة تسعة آلاف فلسطيني يعيشون في القدسالشرقيةالمحتلة يواجهون خطر تدمير منازلهم على أيدي قوات الاحتلال، في ظل الجرائم التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في حق المواطنين العرب داخل ما يسمى بالخط الأخضر. التقرير الأممي يتحدث عن قرار إسرائيلي بهدم 1500 منزل فلسطيني، أصدرت الحكومة الإسرائيلية أحكاما "قضائية" بهدمها، والتي صودقت من طرفها تحت ذريعة عدم حصول أصحابها على تصاريح بناء، وهي تصاريح يصعب الحصول عليها من قبل الاحتلال الإسرائيلي. ويرى المحللون السياسيون أن إسرائيل أقيمت على أرض فلسطين منذ حوالي ستين عاماً، والمنازل المذكورة التي وقع عليها قرار الهدم، كانت موجودة قبل ذلك التاريخ بعقود، وبعضها موثق في السجلات الخاصة بالإمبراطورية العثمانية. وبالتالي القانون الذي لجأت إليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل تهديم البيوت الفلسطينية هو قانون باطل، لأن الهدف منه هو تهويد القدس وذلك من خلال استمرار الجمعيات الاستيطانية اليهودية نشاطها في الاستيلاء على العقارات الفلسطينية في مدينة القدسالمحتلة، وتمليكها للمستوطنين اليهود ضمن سياسة تهويد المدينة المقدسة إذ أن ما يزيد عن 12 جمعية تقوم بنهب العقارات الفلسطينية بالتزوير أو بالشراء. إسرائيل بمثل هذه الإجراءات التعسفية، تباشر أبشع أنواع التطهير العرقي، بدعم أمريكي - أوروبي، لاسيما بعد زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للقدس المحتلة، واطلعت على قرارات الهدم الإسرائيلية هذه، مكتفية بالقول "قرارات الهدم غير مفيدة" مما يوضح جليا حسب المحللين السياسيين تواطؤ الولاياتالمتحدة في العملية، الأمر الذي سيشجع الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي يقودها نتنياهو، للمضي قدما دون أي عائق أمريكي أو أوروبي. وفي ظل هذه السياسات التعسفية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، يرى المتتبعون للملف أن الأنظمة العربية ساهمت بشكل كبير في تهويد القدس وذلك من خلال سياسات الاستسلام والانبطاح وتغذية الآلة العسكرية الإسرائيلية بالنفط والغاز لاسيما مصر التي تقوم بتصدير الغاز لإسرائيل، فضلا عن تخاذل العرب عن مد يد العون للفلسطينيين، بسبب انقسامهم إلى محورين محور المقاومة ومحور الاستسلام.