"النشر في إفريقيا مريض جدا ويتطلب إرادة سياسية " يرى الكاتب المسرحي والروائي الكونغولي "كايا ماكيلي"، مؤسس مجلة كونتينتال، ومدير دار نشر أكوري منذ سنة 1997 بباريس، أن واقع النشر في إفريقيا مظلم ومعقد، إذ لاتوجد في جل الدول الإفريقية دار نشر، باستثناء السينغال، مالي، كوت ديفوار، الجزائر، تونس، مصر، والمغرب، و أرجع الأسباب في ذلك لكون وزارات الثقافة تحظى بأدنى الميزانيات، بخلاف الأموال الضخمة التي تصرف على التسلح. وأوضح كايا ماكيلي أنه لغياب الدعم المالي في إفريقيا، توجه لباريس حيث يقوم حاليا بنشر مؤلفات كتاب فرانكفونيين من مختلف أنحاء العالم، كما يعمل على الأخذ بأيدي الأفارقة المبدعين الذين ليس لهم الإمكانيات لنشر ما يبدعون. وحسب ما صرح به فقد نشر لحد الآن 215 كتاب، تضمنت روايات، مسرح، أشعار،كان آخرها مؤلف للروائي الجزائري فيصل شيحات والمعنون ب" تلك التي لاتهوى الرجال" وتروي قصة فتاة جزائرية في فترة العشرية السوداء ترى بأن الأشياء لم تتغير، وتحاول الانتقام من كل الذين أساؤوا لعائلتها. وفي ذات السياق قال أنه يعشق الآداب الجزائرية خاصة الأدباء الجزائريين كاتب ياسين ، رشيد بوجدرة، آسيا جبار، كما يحبذ العمل مع جمال ماتي. وإثر الوضعية المزرية للنشر في إفريقيا يقترح الروائي كايا أن تكون هناك سياسة ثقافية لصناعة الكتاب، أيضا على الحكومات أن تسعى لخلق حالة ثقافية تدعم توزيع الكتاب. كذلك يرى أنه من الواجب إصدار ميثاق مشترك بين كل وزراء الثقافة الأفارقة، بحيث يضع الكتاب من بين الأولويات والأساسيات، وكذا ينص على رفع القيود الضريبية للكتاب، و إمضاء عقود النشر المشتركة، مع القيام بعملية تحسيسية من خلال فتح الكثير من المكتبات، وتوفير الآداب الإفريقية في مختلف أطوار التعليم التربوي في مختلف الدول. من جهته أبرز أستاذ الأدب السينمائي الإفريقي بفرنسا الكونغولي الدكتور" تيري سيندا" أن واقع النشر في إفريقيا مريض، لأنه لم يحظى بالدعم من قبل المكلفين بوزارة الثقافة والإعلام، ما أدى إلى غياب دور النشر في الكثير من الدول الإفريقية، ورد سيندا مدير المهرجان السادس للشعراء الأفارقة بباريس أن هذه البلدان عرفت ويلات الإستعمار، الحروب، والكثير من المشاكل الاقتصادية، الأمر الذي جعل الكثير من الأدباء المعروفون والكتاب الفرانكفونيون الأفارقة يستنجدون بدور نشر أجنبية خاصة في فرنسا لغياب صناعة للكتاب. وأضاف ذات المتحدث أن الأدب الإفريقي متنوع وله خصوصية عالمية مرتبطة بالمشاكل التي يعانيها الرجل الأسود، خاصة الهجرة، العودة من دول المهجر، التخلف، الحب الأبوي الأموي، والزوجي. ومن ثم أكد تيري سيندا أنه على كل المهتمين والمختصين بقطاع النشر الإجتماع والخروج بحلول، منها إعانة الناشرين بإمكانيات مادية لفتح دور نشر، إرادة سياسية، وأيضا وضع ميزانية معتبرة لوزارة التربية والثقافة باعتبارهما روح تطور هذه الشعوب. أما الشاعر الصحفي وممثل وزارة الثقافة، الشباب والرياضة بموريطانيا "بيوس ديالو"، فقد عبر عن سعادته الكبرى بوجود العديد من دور النشر الجزائرية في المهرجان الدولي للأدب، وهو الأمر الذي تفتقده العديد من دول الإفريقية ما جعل الأدباء الأفارقة ينشرون خارج أوطانهم الأصلية، وأرجع المشكل ليس في غياب الإرادة، وإنما في غياب الإمكانيات المادية، وقال إن المشكل هذا تعانيه موريطانيا حيث لاتوجد ولادار نشر، ماعدا احتوائها على مكتبة واحدة تقوم بنشر لبعض الكتاب الذين لايستطيعون نشر كتبهم خارج دولهم، ومن ثم يدعو وزارة الثقافة الموريتانية بتخصيص ميزانية معتبرة لقطاع النشر بإفريقيا.