بعد أكثر من عشرين عاماً وبعد تغيرات عديدة طرأت على الحركة، كان أبرزها رحيل قائدها ياسر عرفات، إلى جانب ضعفها أمام غريمتها حركة المقاومة الإسلامية حماس، كونها أضحت بلا مصداقية، فضلا عن وجود تشققات داخلية على مستوى الحركة، الأمر الذي أدى بقادة فتح إلى ضرورة عقد مؤتمر لها لتصحيح الأخطاء وحل المشاكل الداخلية التي عصفت ولا تزال تعصف بها. انعقاد مؤتمر حركة فتح السادس لاق اهتماماً واسعاً بسبب العديد من القضايا والملفات الشرق أوسطية، إضافة إلى تزايد ضغوط الأزمة الفلسطينية الداخلية، مما أدى إلى الكشف عن خلفيات هذا المؤتمر، حيث يرى المحللون السياسيون أن حركة فتح أصبحت تعاني من مشاكل داخلية وصراعات بين الأجيال الجديدة والأجيال القديمة. وتفادياً لحدوث أي انقسام في صفوف الحركة، فإن هدف انعقاد المؤتمر هو تصعيد بعض عناصر الحركة بما يعطي قيادة الحركة قدرة أكبر على تعزيز المشاركة في صنع واتخاذ القرار. حركة فتح الحالية أصبحت عملياً بلا مصداقية، فقد انهزمت في الانتخابات التشريعية السابقة أمام حركة حماس، إضافة إلى أن قيادة هذه الحركة تصر على الاستمرار في السيطرة على السلطة الفلسطينية، رغم انتهاء فترة شرعية ولاية الرئيس محمود عباس، وبالتالي يرى المحللون أن هذا المؤتمر يهدف إلى تعزيز شرعية قيادة الحركة بما يعزز شرعية استمرار سيطرتها على مؤسسات السلطة الفلسطينية. من جهة أخرى، حركة فتح سعت طويلاً للقضاء على صعود حركة حماس. وبسبب فشل الوسائل العسكرية والأمنية والدبلوماسية والدعم الخارجي، في إضعاف حماس وإعادة فتح إلى المقدمة، فقد قررت قيادة فتح عقد مؤتمرها السادس من أجل تعزيز تماسكها الداخلي، ثم بعد ذلك السعي للمواجهة مع حركة حماس عبر الوسائل السياسية الفلسطينية، التي سيكون أبرزها خوض الانتخابات الرئاسية والتشريعية من أجل هزيمة حماس في صناديق الاقتراع، باعتبارها الوسيلة الوحيدة الناجعة لإقصاء حماس سياسياً عن المسرح الفلسطيني. من جهة أخرى، يرى المتتبعون للشأن الفلسطيني أن فتح وجدت نفسها بعد الاعتداء الإسرائيلي ضد قطاع غزة وتعثر مشروع أوسلو بعد صعود حكومة تحالف الليكود المتطرفة، إضافة إلى صعود قوة حركة حماس وفشل المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، والإخفاقات الأخرى في مأزق كبير، ناهيك عن فقدان الحركة لمصداقيتها ليس أمام الفلسطينيين وحسب، بل وأمام الرأي العام العربي والعالمي كذلك، وبالتالي فإن المؤتمر الحالي يسعى إلى إضفاء بعض القوة على الحركة، بما يتيح لها الاستمرار في تعزيز روابطها الخارجية وتشديد قبضتها على الدبلوماسية الفلسطينية، خاصة بعد أن بدأت بعض الجهات الأمريكية والأوروبية تسعى للتفاهم والتعامل مع حماس، في ظل شلل حركة فتح التي لم تعد قادرة على فرض سيطرتها على الساحة الفلسطينية.