ومنذ الصباح الباكر من يوم أمس شرع الصينيون في فتح محالهم التجارية، الأمر الذي أتاح المجال أمام انتعاش الحركة في الموقع الذي شهد شللا تاما خلال الأيام الماضية عقب شجار وقع بين بعض التجار الصينيين ومواطنين جزائريين، صاحبت ذلك عودة الزحام وإقبال السيارات التجارية من جميع أرجاء الوطن لاستئناف النشاط التجاري الذي عهدته المنطقة، أما قوات الأمن فقد سجلت تواجدها في المكان لمراقبة الأمور عن قرب، والاحتياط للتدخل في الوقت المناسب إذا ما خرجت الأمور عن نصابها، لكن وحتى نهاية النهار لم تحدث أية مفاجآت وسارت الأمور بشكل طبيعي، الأمر الذي يؤكد أن الأزمة مرت بسلام، وأن كل شيء رجع لحالته الطبيعية . صوت العقل يعود "الأمة العربية" التي كانت حاضرة في الموقع لتسجل آخر تطورات الموقف، التقت ببعض المواطنين المقيمين في الحي المذكور، والذين عبر معظمهم عن ارتياحهم لاستقرار الأمور، ومنهم من أرجع الفضل للجهود التي بذلها "مير" باب الزوار، والذي التقى بالسكان أكثر من مرة من أجل إنهاء الأزمة، ومنهم من قال بأن الموضوع برمته لا يستحق الضجة التي أثيرت حوله من باب أنه شجار عادي يحدث بين جميع البشر، والبعض الآخر قال بأن ثورة الغضب هي التي خلقت التجمهر وتوتر الأوضاع بالحي، أما الغالبية العظمى من المعلقين على الموضوع فقد قالوا بأن "المذنبين قلة، ومعظم الصينيين يعيشون بسلام في الجزائر دون أن تبدر منهم مظاهر عنف، وأنه لا يجوز أخذ الكثرة بذنوب القلة"، ولم ينس هؤلاء الإشادة بالدور الذي لعبته قوات الأمن والشرطة التي ظلت عينها ساهرة وبأسلوب حضاري وإنساني تمكنت من إنهاء القضية دون أية خسائر . إعلام الفتنة لعب دورا كبيرا في انتهاء الأزمة ورغم النوايا الخبيثة التي بدرت عن بعض الصحف والمحطات العربية، والتي أفردت طيلة الأيام الماضية في الحديث عن الموضوع مع تضخيم الأوضاع بشكل يقدم الجزائر بصورة سيئة، وينفخ في كير الفتنة، إلا أن المواطنين الجزائريين الذين تابعوا تلك الصحف والمحطات قرروا أن يردوا أبلغ رد على أولئك الذين حفل سجلهم بالعداوات والتربص بالجزائر والشعب الجزائري، هذا الأخير الذي يعرف تلك المحطات حق المعرفة ويدرك جيدا نواياها السيئة، وهذا ما عبر عنه كثير من المواطنين الغاضبين، الذين قالوا أن الجزائر بلد الأمن والأمان وأن الاستقرار سيظل مخيما على البلد ولن ينجح أحد في تشويه الصورة أو تزوير الحقائق، وصب معظم المتدخلين غضبهم على قناة "الحوار" التي بثت أول أمس الجمعة حصة مطولة استضافت فيها عددا من المعارضين الجزائريين بالخارج، والذين حاولوا استغلال المناسبة لبث نار الفتنة بين صفوف الجزائريين، وهو نفس الدور الذي لعبه هؤلاء أثناء العشرية الحمراء، ولا يزالون يتحينون الفرصة لرؤية الجزائر على الشكل الخبيث الذي يريدونه، المواطنون الذين تابعوا الحصة رفضوا رفضا قاطعا ما تبثه المحطة المذكورة وكذلك قناة "العربية" وباقاتها، والتي وصفوها برسائل الفتنة، كما عبروا عن استيائهم من بعض الصحف الوطنية التي سارت في ركب هؤلاء . الصينيون يشكرون الشعب الجزائري ومن جانبهم عبر كثير من التجار الصينيين عن عميق شكرهم للشعب الجزائري الذي وقف معهم أثناء الأزمة، وثمنوا مواقف بعض المواطنين الذين كانوا يحضرون الطعام والمستلزمات الحياتية للأطفال والنساء الصينيين، وفي الوقت ذاته نبذ أولئك التصرفات الطائشة التي قام بها بعض الشباب الصيني، قائلين أنه مهما كان الأمر كان لابد من التحكم في ردة الفعل وعدم تصعيد الأمور، وفي الأخير وجه بعض من الرعايا الصينيين الشكر لقوات الأمن الجزائري التي فضت النزاع منذ اللحظات الأولى وعكفت على إحلال الأمن في المكان . وحتى كتابة هذا المقال كان حي بوسحاقي باب الزوار، والذي يسميه البعض "شنغهاي الجزائر" أو "حي الشناوة" نظرا لتمركز المتاجر الصينية فيه، والذي يشهد حركة تجارية كبيرة ومنتشرة عبر الوطن قد استعاد عافيته، وتوافد المواطنون والتجار على المكان، ولم تفرق الحركة التجارية بين أحد، حتى التجار الجزائريين الملتحين توافدوا بدورهم على شراء بضاعتهم من الصينيين، وهي مؤشر هام على غلق ملف الأزمة .