مع استمرار تقديم قفة رمضان للجزائريين بصورة "مذلة"، لا يزال العديد من الجزائريين يرفضونها، تبقى المرأة الجزائرية الضحية الأكبر لهذه السلوكات التي تعتبر لدى البعض انتقاصا من حقها وقدرها، خاصة ما تطالعنا عليه الطوابير المتدافعة للنساء اليائسات سواء من المطلقات أو الأرامل.. اللائي نجد أن أغلبهن صاحبات أكبر نسبة في عدد المقبلين على هذه الطوابير. "الأمة العربية" استقصت رأي بعض النساء الناشطات في مجال المساهمة في ترقية المرأة المدافعة عن حقوقها لمعرفة رأيهن في هذه المشاهد التي غدت تنقص من كرامة المواطن الجزائري والمرأة الجزائرية على وجه التحديد. السيدة جعفري الشائعة رئيسة المرصد الوطني للمرأة، أكدت أنها تطالب باحترام كرامة المرأة الجزائرية، ولهذا يجب العمل لإعطائها قيمتها وكرامتها، وقالت السيدة جعفري الشائعة إنها تدعو الجميع بأن لا يسيس تقدم القفة للمواطنين، وخاصة أن النساء من المطلقات والأرامل والعوانس، فما نلاحظه هو خلق شبكة ثابتة كل عام في العموم مستمرة في نيل القفة كل مرة مرارا وتكرارا في الغالب، برغم كون أغلبهم وأغلبهن غير محتاجات لها، كما أكدت رئيسة المرصد الوطني لحقوق المرأة المطالبة بأن المرأة الجزائرية بطبيعتها وتحديدا ممن تحتاج هذه القفة، تتعفف وتستحي عن التقدم لطلبها، لذا نطالب باحترام وتقدير والمحافظة على شخصية الفرد الجزائري والمرأة الجزائرية. رئيسة جمعية ترقية المرأة الريفية السيدة سعيدة بن حبيلس، من جانبها، أكدت لنا أن قفة رمضان في منظورها إهانة للمرأة الجزائرية وإهانة للفرد بصفة عامة، وقالت إن التضامن عندنا أصبح صدقة والتضامن ليس صدقة مطلقا، حيث أصبح التضامن يقدم كصدقة. وأضافت السيدة بن حبيلس أن الاحترام هو الركيزة والتضامن من كرامة الانسان، ولذا من الضروري تقديم القفة في السر، لتوضح أن القفة أمر مؤقت وموسمي، بينما الفقر طول السنة، وقالت رئيسة جمعية ترقية المرأة الريفية إن هناك أشكالا أخرى يمكننا إبداء التضامن مع المواطن البسيط في هذا الشهر الفضيل، وذلك عن طريق تقديم المبالغ المالية ليد المحتاجين في "الستر"، يمكنها التصرف بها كيفما يريدن، فلماذا تفرض عندنا القفة على المرأة في حين أنها من الممكن أن تكون أحوج لأمور أكثر منها، وأضافت: نريد نشاطا وبدون عملية إشهارية، الصفة التي أصبحت ملازمة لتسليم قفة رمضان للبسطاء، خاصة مع الطوابير التي تشهدها بعض البلديات واللائي يكون أغلبهن وبأزيد من 90 بالمائة نساء أعمارهن تتراوح بين 17 و70 سنة، متزاحمات لساعات طويلة من النهار وتحت أشعة الشمس وهن صائمات، لتكشف بأن الأوضاع أكثر كارثية في بلديات ضواحي العاصمة والمناطق الداخلية من البلاد. كما نبهت بن حبيلس إلى أن البديل الحقيقي لهؤلاء المحتاجين هو توفير مناصب الشغل الذي يكفل لهم كرامتهم، وقالت: إن غاية التضامن أصلا هي حفظ الكرامة. السيدة مروان رئيسة جمعية غقرا بالعاصمة، أكدت لنا من جانبها أنها لا توافق مطلقا على المشاهد التي تلاحظها ببعض البلديات، حيث تتدافع النساء فتياة وأمهات أمام مصالح البلدية بغية الحصول على نصيبهن في القفة والتدافع أيضا من أجل وضع الملفات الخاصة بغية الحصول على قفة رمضان، معتبرة الأمر إنتقاصا لحقوق المرأة وقالت هناك بلدية من العاصمة وفقت في إعطاء القفة في سنوات ماضية لمستحقيها. إن الطوابير الكبيرة والتي في الغالب ما تمتزج بشجارات ومشادات حول من يصل أولا إلى قفة رمضان، بين أناس في الغالب ليس من مستحقيها، تؤكد لنا أن ما تعيشه المواطن الجزائري على وجه العموم والمرأة الجزائرية على وجه التحديد يمس بالكرامة في كثير الأحيان. في بلد نسعى إلى تطبيق شعار "العزة والكرامة" فيه عاليا، ومع تحول النشاطات التظامنية من هدفها السامي لحفظ ماء الوجه باحترام إلى نوع من الصدقات التي كثيرا ما تمتزج بها رائحة المقاصد السياسية، دفع بكثير من المعوزين والمحتاجين وخصوصا من النساء مطلقات وأرامل وعازبات ومعوزات، إلى النأي جانبا بعيدا عن حملات تضامنية موسمية تشهّر بهن.