لم تكن نساء بوفاريك اللواتي كن يحضرن ذات يوم عصير الليمون الحلو الذي أطلقن عليه إسم "الشاربات" بأنه سيكون له شأن كبير مع مرور الوقت، إذ أصبح هذا العصير المنزلي يحظى بشعبية كبيرة فاقت حدود منطقة متيجة، ليعرف رواجا بلغ الولايات الداخلية من الوطن. يزداد الإقبال على هذا العصير خلال شهر رمضان، حيث تعرف أسعاره هذه السنة ارتفاعا مقارنة بالأعوام الماضية، حتى أن الجميع صار يستثمر في الشاربات، إذ تعرف السوق أنواعا متعددة منها المعروفة المصدر والتي تنتجها مصانع خاصة على شكل قارورة، دلو وحتى أكياس، ومنها المجهولة المصدر والمتواجدة على شكل أكياس بلاستيكية شفافة لا تحمل أي إسم أو طابع أو عنوان. استطاعت الشاربات أن تزحزح مكانة أكبر المشروبات الغازية والعصائر العالمية وحتى المحلية التي كانت بالأمس القريب تتربع على عرش المائدة الرمضانية وتمكنت من اكتساح البيوت الجزائرية، وازداد عليها الطلب خاصة مع تزامن شهر رمضان وفصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، ومن جهة أخرى أرجع أحد محدثينا وهو بائع شاربات الإقبال الكبير عليها إلى أن معظم الجزائريين مصابون بمرض الكولون بسبب المشروبات الغازية لذا ابتعدوا عن هذه الأخيرة وصاروا يفضلون الشاربات لأنها عصير طبيعي ولا يحتوي على الغازات. لكن سوق الشاربات تعرف فوضى عارمة، والمار في مختلف شوارع العاصمة والمناطق المجاورة يشاهد بأم عينه محلات بيع الشاربات التي لم تكن موجودة قبل شهر رمضان التي تحولت عن نشاطها الأصلي فاسحة المجال لتجارة جديدة تعرف رواجا كبيرا وأغلب هذه المحلات هي محلات الأكل السريع "فاست فود"، المخابز، المقاهي والطاولات التي نصبت في الشوارع والأسواق لهذا الغرض، وتباينت أسعار الشاربات من نوع إلى آخر، إذ تقدر قارورة شاربات 1لتر مصنعة بمصنع للعصائر ب45دج والكيس ب35دج أما قارورة كبيرة من حجم 5لترات ب100دج، في حين تباع شاربات أخرى مجهولة المصدر وموضوعة في أكياس بلاستيكية شفافة ويقدر ثمنها ب25دج لكيس 1لتر و50دج لكيس 2لتر، هذه الأسعار التي ارتفعت هذا العام مقارنة بالسنوات الماضية راجعة إلى ارتفاع سعر الليمون المادة الأساسية لتحضير الشاربات والذي يقدر الكيلوغرام الواحد منه ب300دج. جولة صغيرة في سوق الشاربات تقصينا من خلالها آراء المواطنين وإقبالهم على هذا العصير، فأخبرنا محمد 45 سنة أنه يحب الشاربات كثيرا وهو مدمن على "شاربات بوفاريك" طيلة شهر رمضان ويتنقل خصيصا لشرائها من هناك ولا يشتري ما يباع هنا خاصة شاربات الأكياس –المدغولة- على حد تعبيره والمصنوعة أساسا من الحمض أو الأسيد بالإضافة إلى أنه يخاف التسممات والأمراض لأن ملء الأكياس البلاستيكية بهذه الطريقة لا يخلو من المخاطر خاصة مع تعريضها مباشرة لأشعة الشمس، في حين تساءلت إحدى المسنات لماذا يشتري الناس الشاربات، فتحضيرها في المنزل أمر سهل ويتم في دقائق بالإضافة إلى أنه أضمن وأصح. وإن اختلفت الآراء فالأكيد أن الشاربات تحظى بشعبية كبيرة وعدد المولعين بها يزداد يوما بعد يوم وهو ما لاحظناه من خلال الإقبال الكبير على مختلف نقاط بيعها، لكن يجب الحذر والتأكد من طريقة تحضيرها واقتنائها من المحلات وليس من الشارع وعلى قارعة الطرقات.