تتجه أنظار الجماهير الإفريقية كلها، وليس الجماهير المصرية والجزائرية فقط، إلى مدينة القاهرة، وتحديداً استاد القاهرة الدولي الذي يتسع ل 80 الف متفرج، في يوم 14 نوفمبر 2009 الذي يشهد الموقعة الكبرى بين المنتخبين المصري والجزائري في تصفيات كأس العالم 2010 وهي المباراة التي قد يحجز الفائز فيها تذاكر السفر إلى جوهانسبرج في حال عدم اللجوء إلى مباراة فاصلة أخرى بين المنتخبين الشقيقين. 90 دقيقة قد تفصل مصر أو الجزائر عن حلم كأس العالم، وتمثيل القارة الإفريقية في بلاد نيلسون مانديلا. وما بين العديد من النقاط التي قد تحسم لأحد المنتخبين تحقيق الفوز في المباراة، اختار goal.com سبعة عناصر رئيسية ستحدد المنتخب الذي يستطيع أن يقود دفة المباراة إلى جزيرة أهدافه وأحلامه وطموحات جمهوره. 1- الجماهير :- بعكس المتوقع فإن الجمهور المصري يعتبر عامل سلبي لمنتخب بلاده، وذلك لضرورة فوز مصر على الجزائر بهدفين على الأقل للعب مباراة فاصلة أو ثلاثة أهداف للتأهل مباشرة، وهي مهمة ليست سهلة مع الدفاع الجزائري القوي. ومع صعوبة المهمة ومرور الوقت فسوف تتعجل الجماهير المصرية احراز الأهداف في مرمى الجزائر، مما سوف ينعكس على اللاعبين بالتوتر والتسرع في انهاء الهجمات وعدم الدقة. حيث نتذكر ما حدث في مباراة مصر مع رواندا في القاهرة وتأخر الفوز بسبب ضغط الجمهور المصري، وكذلك مباراة زامبيا في استاد القاهرة التي انتهت بالتعادل. ولذلك فقد يقف الجمهور المصري حجر عثرة أمام الطموحات المصرية خاصة مع طبيعة اللاعب المصري التي تجعله لا يجيد عند التعرض لضغط نفسي قوي. 2- الإعلام :- الإعلام المصري شحن المقابلة أكثر من الازم حيث يبالغ الإعلام المصري في الشحن النفسي ومطالبة لاعبيه بضرورة الفوز على مصر في القاهرة وهي مهمة ليست سهلة أمام حامل لقب كأس الأمم الأفريقية للمرة السادسة. كما أن هجوم الإعلام المصري الضاري على منتخب مصر قد يحفز ابناء حسن شحاتة على الثأر ومحاولة الرد عملياً على الهجوم الجزائري. وفي المقابل فبعد هدوء نسبي فتح الإعلام المصري النار للرد على هجوم الصحافة الجزائرية، مما أشعل الحرب الإعلامية بين البلدين بصورة غير مقبولة. ووصل الأمر في بعض القنوات إلى إذاعة لقطات قديمة يقوم فيها بعض الجزائريين بحرق فانلة منتخب مصر، لسكب مزيد من البنزين على النار. وعلى الرغم من توقف الهجمات الإعلامية على حسن شحاتة المدير الفني لمنتخب مصر بعد انتصاراته الأخيرة، غير أن نغمة المطالبة بالثأر من اساءة الإعلام الجزائري لمصر قد تضع مزيدا من الأعباء على لاعبي المنتخب المصري. 3- الإدارة الفنية :- تتقارب الكفة بين المدرب المصري حسن شحاتة ونظيره الجزائري رابح سعدان. فالأول حصل مع المقاولون العرب –وقت أن كان يلعب في الدرجة الثانية- على كأس مصر على حساب الأهلي، وبعدها مباشرة حصل على كأس السوبر على حساب الزمالك برباعية. كما كانت رحلته مع المنتخبات المصرية موفقة للغاية، فحصل على لقب كأس الأمم الأفريقية للشباب عام 2003 في بوركينا فاسو، وحصل مع المنتخب الأول على لقبي كأس الأمم الأفريقية عامي 2006 و2008. ويعتبر شحاتة أحد أعظم المدربين في تاريخ مصر مع المخضرم محمود الجوهري. بينما قام رابح سعدان بتدريب الجزائر بين عامي 1981 و1986 واستطاع الوصول بالمنتخب الجزائري إلى كأس العالم 86 في المكسيك، كما حقق نتائج مبهرة مع الخضر في كأس الأمم الأفريقية 2004، حيث استطاع الوصول إلى المربع الذهبي بالرغم من تواضع مستوى لاعبيه، وعلى صعيد الأندية فقد حقق بطولة كأس العرب مع وفاق سطيف. ويحسب لسعدان التفوق على منتخب مصر في آخر مباراتين جمعت بين البلدين في كأس الأمم 2004 وتصفيات كأس العالم 2010 التي تغلب فيها على شحاتة بثلاثية. 4- حراسة المرمى :- يشهد مركز حراسة المرمى تفوقا كبيرا لعصام الحضري صاحب الخبرة الإفريقية الكبيرة وأحسن حارس مرمى في افريقيا 2006 و2008 على نظيره الجزائري ڤاواوي. وعلى الرغم من ابتعاد الحضري عن مستواه المعروف في بداية التصفيات بسبب مشكلته مع النادي الأهلي ورحيله إلى سيون السويسري، غير أنه قد استطاع العودة للتألق مرة أخرى بداية من كأس القارات التي ظهر فيها الحضري بمستوى متميز أمام البرازيل ومستوى مبهر أمام إيطاليا. وواصل الحضري تألقه في مشوار التصفيات حيث استطاع أن يحرم مهاجمي رواندا وزامبيا من هز شباك المنتخب المصري في المباراتين اللتين اقيمتا على أرضهما ووسط جماهيرهما الغفيرة. ولا يعني ذلك الانتقاص من قدر ڤاواوي الذي لم يدخل شباكه سوى هدفين فقط خلال التصفيات. 5- الدفاع :- في الوقت الذي يعاني فيه الدفاع المصري من غياب قائده وائل جمعة للإنذارين، ومن اهتزاز مستوى الأداء الجماعي والتفاهم بين عناصر خط الدفاع، فإن لاعبي الخط الخلفي الجزائري : رفيق حليش، يزيد منصوري، كريم مطمور، مجيد بوقرة ونذير بلحاج قدموا مستوى راقيا خلال التصفيات مما يجعل لهم الأفضلية أمام الهجوم المصري في المباراة المرتقبة. ولا ننسى استغلال المنتخب الجزائري للمساحات الفارغة التي يتركها الظهير الأيسر سيد معوض خلفه عند تقدمه للهجوم في مباراة الفريقين معاً التي اقيمت في الجزائر. فعلى الرغم من تألق معوض في أداء الدور الهجومي غير أن اداءه الدفاعي ليس على نفس المستوى، وهو ما أجبر حسن شحاتة على اعطاء تعليمات لعمر وزكي بالتغطية خلف سيد معوض في كأس الأمم الأفريقية غانا 2008. وعلى العكس فإن الظهير الأيمن لمنتخب مصر أحمد فتحي يقدم اداء دفاعياً جيداً مقابل أداء هجومي ضعيف، وهو أحد اللوغاريتمات التي ينبغي على حسن شحاتة حلها في مباراة الجزائر، وينبغى على رابح سعدان تحقيق الاستفادة القصوى منها للمرور من الدفاعات المصرية. 6- الوسط :- تميل كفة التفوق نسبياً لصالح المنتخب الجزائري أمام نظيره المصري في خط الوسط. فأمام انسجام وتألق يزيد منصوري وخالد لموشيه وكريم زياني وحسن يبدا ومراد مغني و نجد أن الوسط المصري تحاصره المشاكل بدءاً من هبوط مستوى محمد شوقي بعد مسيرته الكارثية مع ميدلزبرة الإنجليزي. ومروراً بأخطر مشكلة تواجه حسن شحاتة وهي غياب حسني عبد ربه أفضل لاعب في كأس الأمم الأفريقية 2008. غياب حسني في ظل عدم جاهزية محمد شوقي وعدم تفضيل حسن شحاتة للبدء بحمص يضع الوسط المصري في أزمة حقيقية. فعلى الرغم من أفضلية حمص بفارق لياقة المباريات، غير أنه من المرجح أن يبدأ شحاتة بشوقي في ظل اقتناعه بأسماء معينة لا يحب تغييرها. أما المبدع محمد أبوتريكة فهو أحد اللاعبين القادرين على تغيير النتيجة في أي وقت ومهما كان مردوده خلال المباراة، وهو أحد أقوى الأوراق الرابحة للمنتخب المصري. وهناك احتمال أن يتقدم أبوتريكة إلى الخط الهجومي مع عمر وزكي للدفع بثلاثي وسط دفاعي شوقي، أحمد حسن وحمص، للحد من التفوق الجزائري في الوسط وتأمين خط الدفاع الضعيف. كريم زياني قائد وسط فولفسبورج المبدع، المتألق على الساحات الأوربية سيشكل خطراً كبيراً على صاحب الأرض وستشكل مراقبته عبئا كبير على خط وسط مصر، على الرغم من عودته من إصابة طويلة. 7- الهجوم :- يمتلك المنتخب المصري ترسانة هجوم كاسحة بعد عودة زيدان إلى صفوف المنتخب، ووجود المتألق عمر وزكي، بالإضافة لعودة عماد متعب إلى صفوف المنتخب بعد اصابة طويلة. وفي المقابل فإن الجزائر تمتلك خط هجوم متميز بقيادة عبد القادر غزال ورفيق جبور وكمال جيلاس. غير أن الخبرة والتاريخ الدولي الحافل للاعبي الهجوم المصري سواء مع المنتخب أ وفي الأندية الأوربية الكبيرة يرجح كفة الهجوم المصري على الهجوم الجزائري. بدليل ترشح مهاجمي منتخب مصر أكثر من مرة لجائزة أفضل لاعب في إفريقيا على حساب العديد من نجوم القارة السمراء. ولكن مهمة المهاجمين الجزائريين أسهل كثيراً من نظرائهم في خط الهجوم المصري بعكس المتوقع لأن الجزائر سوف تلعب على الهجمات المرتدة الخطيرة، مع وجود مساحات متوقعة في الخطوط الخلفية لمصر، وضعف مستوى الدفاع المصري وعدم ترابطه. في حين سيلعب المهاجمون المصريون أمام الدفاع الجزائري المتكتل صعب الإختراق. كما أن العامل النفسي بضرورة إحراز مهاجمي منتخب مصر هدفين على الأقل في مرمى الجزائر في حال بقت الشباك المصرية نظيفة، سوف يجعل المهمة أكثر صعوبة ويرسم بعض العشوائية مع مرور الوقت على الهجمات المصرية المتسرعة. بينما لا توجد أي أعباء على الهجوم الجزائري طالما بقت شباكه نظيفة أو اهتزت بهدف واحد. كما أن نجاح المهاجمين الجزائريين في إحراز أي هدف في المرمى المصري سيجعل المهمة المصرية شاقة للغاية خاصة لوكان هذا الهدف هو هدف السبق. ومن كل ما سبق نرى أن المنتخب المصري يتقاسم تقريباً أسباب الفوز والهزيمة مع نظيره الجزائري ليبقى الملعب هو الفيصل بين الشقيقين والتوفيق هو عامل الحسم. فمن يا ترى سوف يمثل العرب في بلاد نيلسون مانديلا؟