كنا قد تطرّقنا في أعدادنا السابقة إلى موضوع الخلافات التي عصفت بالهلال الأحمر الجزائري بوهران، وكان أن نشرنا موضوعا يوم 12 نوفمبر الجاري تحت عنوان "احتيالات ونهب للأموال بالدينار والعملة الصعبة –الفساد يُغلق أبواب الهلال الأحمر الجزائري"، وقد تضمن الموضوع اتهامات لرئيس اللجنة الولائية للهلال الأحمر الجزائري بوهران، الدكتور خويدمي محمد عابد، الذي لم نتمكّن من الإتصال به في حينه، لنتفاجأ بعد ذلك أن الدكتور خويدمي كان متواجدا في تلك الفترة بغزة المُحاصرة، التي بقي فيها من 3 إلى 11 نوفمبر الجاري، الأمر الذي أثار ريبتنا، حول تحرك المناوئين له في فترة غيابه، فكان أن انتظرنا عودة المعني بالأمر لنستفسره بخصوص الإتهامات التي وُجّهت له، ونهار أمس لبّى الدكتور خويدمي دعوتنا وزارنا بمقر جريدة "الوطني"، حيث كشف لنا عن العديد من الحقائق التي تُؤكّد أن بيت الهلال الأحمر الجزائري، تُسيطر عليه جماعة من الإنتهازيين الذين ركبوا موجة العمل الإنساني للإثراء على حساب المحتاجين وإن كانوا من إخواننا الفلسطينيين المحاصرين في غزة . أصل النزاع بين الدكتور خويدمي، ورئيس الهلال الأحمر الجزائري الحاج حمو بن زقير، يعود بحسب ما أفادنا به الدكتور خويدمي، إلى بداية سنة 2009، عندما اكتشف الأخير، أن توقيعه قد تمّ تزويره في محضر اجتماع لاختيار محاسب للهلال الأحمر، مؤرخ في 21 أكتوبر 2008، تمّ على أساسه منح هذا المحاسب مبلغ 390 مليون سنتيم كأتعاب، وهو الإجتماع الذي لم يحضره البتة الدكتور خويدمي، ما استدعى منه اللجوء إلى العدالة للكشف عن الجهة التي زوّت إمضاءه وانتحلت شخصيته، وتوسّعت الهوة أكثر بين الدكتور خويدمي ورئيس الهلال الأحمر، بعد أن أثار خويدمي قضية الأموال التي تمّ جمعها لمساعدة الفلسطينيين بعد حرب غزة التي راح ضحيتها أزيد من ألف و400 شهيد وآلاف المشردين، والتي بلغت 20 مليار سنتيم تمثل أموال زكاة الجزائريين، دونما حساب عائدات بيع طوابع الهلال الأحمر الجزائري من فئة 10دج و200دج و500دج، الخاصة بالتضامن مع غزة، والتي يُجهل لحدّ الآن مبلغها الحقيقي، والوجهة التي أخذتها، فبخصوص مبلغ 20 مليار سنتيم "2.5 مليون دولار" يقول السيد خويدمي، أنه اقترح شراء معدات طبية وأدوية ومساعدات متنوعة بها من الجزائر، لإرسالها إلى غزة، لكن الذي حدث، هو أن الهلال الأحمر الجزائري، وجّه المبلغ إلى السلطة الفلسطينية في رام الله، التي استولت عليه، ولم تمكن الغزاويين منه، وبرأي الدكتور خويدمي، أن ما وقع، يخالف أوامر وتوجيهات رئيس الجمهورية، التي تدعو لتوجيه المساعدات لأهل غزة، بل أكثر من ذلك، أنه حتى في حال تمكينهم منها، فبالضرورة أن السلطة الفلسطينية ستشتري بأموال الجزائريين أجهزة طبية وأدوية وأغذية من إسرائيل، ما يجعل الجزائر تُسهم في إنعاش الإقتصاد الصهيوني، وهذا ما لم يتم الإتفاق عليه، ويستغرب الدكتور خويدمي، من خرجة رئيس الهلال الأحمر الجزائري، الذي نظم لقاء للأطباء النفسانيين الفلسطينيين، بالجزائر العاصمة، بالأموال المخصصة لأهل غزة، دونما استشارة المجلس الإداري للهلال، الذي يعود له الحق لوحده في اتخاذ مثل هذه القرارات، فقد كلف استقدام فوجين من الأطباء الفلسطينيين أكثر من مليار سنتيم، علما هنا أن الفوج الثاني اقتصرت زيارته للجزائر على الجولات السياحية لا غير، في وقت يقول الدكتور خويدمي، تُعاني فيه مختلف مستشفيات غزة من نقص اللتجهيزات الطبية والأدوية،بل حتى التجهيزات الموجودة غالبيتها معطل، وهو ما وقف عليه خلال زيارته الأخيرة لقطاع غزة، الذي قال إنه بحاجة ماسة إلى الأطباء الجراحين في مختلف التخصصات، وهو ما كان ينوي أن يعمل على إيجاد الحلول له مباشرة بعد عودته إلى الجزائر، من خلال تنظيم حملات تطوع للأطباء الجزائريين، لكنه تفاجأ للحملة التي شُنّت عليه في غيابه، والتي لن تثنيه عن إتمام مهمته الإنسانية، التي حُدّد لها موعد في منتصف جانفي القادم، وفي انتظار هذا الموعد، يقول الدكتور خويدمي أنه باشر الإتصالات لاستقدام مريضين من غزة، إلى الجزائر، تتطلب حالتهما إجراء عمليات جراحية مجهرية على الدماغ، أما بخصوص اتهامه باختلاس مبلغ 4 آلاف أورو، فيرى الدكتور خويدمي أن ذلك يندرج في إطار حملة الضغوط المُمارسة عليه، وهو ينفي بشدة كل ذلك، ويؤكّد أنه بفضل تحرك اللجنة الولائية للهلال الأحمر الجزائري بوهران، تمكّنوا من تحصيل مبلغ 250 ألف أورو تبرع بها أحد المغتربين الجزائريين في فرنسا، لصالح الهلال الأحمر بوهران، وقد تمّ تحويل هذا المبلغ عن طريق بنك سوسييتي جنرال، وتمّ إيداعه بحساب الهلال الأحمر ببنك القرض الشعبي الجزائري، والوثائق التي تؤكد ذلك موجودة بحوزته، وأضاف بأنه حتى مكتب التوثيق الفرنسي الذي تكفل بالملف رفض تقاضي أية أتعاب مالية شأنه شأن أحد المحامين الجزائريين، وبرأي الدكتور خويدمي، أن إقدامه على تقديم شكوى بخصوص تزوير إمضائه على محضر اختيار المحاسب، وأخرى تتعلق بملف المساعدات لغزة، هو ما أقلق بعض الجهات، والتي دفعت الحاج حمو بن زقير إلى تنصيب السيد بن موسى رئيسا للجنة الولائية للهلال الأحمر، رغم أن الهلال الأحمر بوهران، عقد جمعية عامة بتاريخ 26 أفريل 2011، طبقا للقانون بمقر مديرية الصحة، وبحضور كل ممثلي السلطات العمومية، الممثلة في المجلس الإداري، وتمّ خلالها انتخاب الدكتور خويدمي رئيسا للجنة الولائية التي تضم 11 عضوا، واللجنة تنتظر فقط تصديق مجلس الإدارة على محضر جمعيتها العامة، لكن الذي حدث هو أن رئيس الهلال الأحمر قام بإصدار قرار فصل الدكتور خويدمي بالإرتكاز على تهم يقول المعني بالأمر أنها وهمية وكيدية لا غير، منها أن الدكتور خويدمي أمضى على اتفاقيات دولية باسم الهلال الأحمر الجزائري، بدون موافقة الوصاية، وانتحل شخصية الغير بشأن تنقله واشتغاله بجنيف، وهي التهم التي يقول محدّثنا أنه رفع دعاوى قضائية بخصوصها، أمام محكمة سيدي محمد بالعاصمة، التي سبق لها يوم 30 جوان الماضي، أن حكمت ببراءته من تهمة القذف في القضية التي رفعها ضده رئيس الهلال الأحمر الحاج حمو بن زقير. وفي ختام لقائنا معه، جدّد الدكتور خويدمي تأكيده على أنه سيواصل نضاله من أجل محاسبة من تسبّبوا في حرمان أهل غزة المحاصرة من مساعدة الجزائريين.