طبقوا بنود قانون المالية 2016 قبل المصادقة عليه التجار يحرقون جيب المواطن قبل الحكومة – الفقير في ورطة، الخضر والفواكه أيضا لحقتها العدوى – سياسة التخزين تنفد والعرض مجمد الى تحديد زيادة معتبرة
وقع المواطن في ورطة كبيرة نتيجة قيام عدد من التجار برفع تسعيرة بعض المواد الاستهلاكية، أو نتيجة استغباء بعض التجار وتعمدهم هذا التصرف، بدعوى عدم فهم القانون جيدا، فرغم أن رفع التسعيرة سيشمل الماء الكهرباء والبنزين ولم تتم بعد المصادقة على قانون المالية من طرف نواب الغرفة العليا بمجلس الأمة المرتقبة هذا الأسبوع، كما أن الزيادات لن يتم تطبيقها الا انطلاقا من جانفي المقبل في حال تمرير القانون، الا أن التجار سواء الجملة أو التجزئة أقدموا على رفع أسعار كل ما يبيعونه خصوصا المواد الاستهلاكية، فالمهم عندهم استغلال الوضع، حيث وصلت العدوى إلى تجار الخضر والفواكه…
مواطنون جن جنونهم قبل شهر من المصادقة على قانون المالية 2016 وهم يدخلون بعض المحلات ليجدوا اسعار مواد غذائية قام التجار برفع سعرها، وحين يسأل عن السبب يرد بأنه قرار الحكومة الذي في الأصل لم يشرع في تنفيذه بعد، فالتجار أشعلوا لهيبا في أسعار ما يبيعونه، حيث سارع العديد من التجار إلى تضخيم الأسعار بما فيها أسعار المواد المخزنة التي اشتروها بأثمان قديمة، مبررين ذلك بالزيادات وانخفاض أسعار الدينار وتجميد استيراد بعض السلع، الأمر الذي خلق أزمة خانقة لدى العائلات المحدودة الدخل والفقيرة.
في ولايات الغرب ارتفاع الأسعار حدث ولاحرج البصل، القرعة، والباذنجان التي وصلت إلى 100 دج للكيلوغرام والطماطم إلى 80 دج والفلفل إلى 200 دج، والبطاطا إلى 70 دج، وهي زيادات لا تعبر عن الأسعار الحقيقية، خصوصا بالنسبة للمنتجات الموسمية والمزروعات بالمحيط الفلاحي بمستغانم ومعسكر وغليزان، وكذا الشأن للفواكه مثل التمور التي قفزت من 300 إلى 500 دج للكيلوغرام في ظرف أيام، أما اللحوم البيضاء فقد وصلت إلى 370 دج للكيلوغرام والحمراء لم تنزل عن عتبة 1300.
عائلات تخزن خوفا من شبح الغلاء وندرة المواد الأساسية اقتناء كميات كبيرة من المواد الأساسية تخوفا من شبح غلاء المعيشة ونقص المواد الاستهلاكية والدخول في أزمات الندرة، فيما بدأت أغلب العائلات تستغني عن الكماليات في الشراء، تحسّبا للأزمة المالية وسياسة التقشف، وهو ما انعكس على المبيعات على مستوى المحلات التي تتوعّد بعدم التعاطي مع الكماليات مستقبلا تجنّبا لكسادها، حيث رأت "اليوم"عند دخولها عدد من المحلات أن بعض المواطنين كانوا يشترون موادا استهلاكية خاصة "الزيت والسكر والقهوة والسميد…" بكميات كبيرة جدا، وذكرت هذه الأخيرة أنها تفعل ذلك على الأقل لربح بعض الأموال التي ستكسبها الآن افضل من أن تخسرها مستقبلا في سلع أقل".
تجار يبررون الزيادة بالقانون وكثرة المضاربة وانخفاض الدينار الدخل الفردي للمواطن بدأ يتأثر بالزيادات حتى قبل التصديق على القانون الجديد فما بالك يقولون بعده، في وقت يبرر تجار الزيادات بالقانون وكثرة المضاربة في محلات التجزئة ومتاجر الجملة، الى جانب الانخفاض المحسوس في العملة الوطنية الدينار.
وتجار لم تعجبهم الزيادة لكن مرغمون حذر التجار والناقلون من أن أي تطبيق للزيادات التي أقرتها الحكومة في قانون المالية لسنة 2016 حول الكهرباء والبنزين سيكون له تأثير سلبي على جيوب المواطنين، وسيحول حياتهم إلى مأساة بحكم أن كل المواد الغذائية ستسجل ارتفاعا، في حين ستقفز أسعار النقل إلى 50 بالمائة.
تسعيرة النقل سترتفع تلقائيا برفع الأسعار رئيس الفيدرالية الوطنية لنقل المسافرين والبضائع، عبد القادر بوشريط، كان قد تحدث عن رفع سعر البنزين وبالزيادة التي يشير إليها قانون المالية سيؤدي تلقائيا إلى زيادة ما بين 30 و40 بالمائة في تسعيرة المسافرين، في حين سترتفع أسعار نقل البضائع ما بين 40 و50 بالمائة، وأنه إذا ما بقيت نفس الأسعار الحالية، فكل الناقلون مهددون بالإفلاس ورغم علمهم أن مثل هذه الزيادات ستؤثر على المواطن، إلا أنهم لم يختاروا ما سيحدث، بل وجدوا أنفسهم مجبرين على ذلك وما على النواب الذين اختارهم الشعب لتمثيلهم سوى الضغط لمنع ترسيم هذه الزيادات والبحث عن حلول أخرى.
…وأصحاب سيارات الأجرة والنقل بأنواعه ستكون أسعار النقل عبر سيارات الأجرة مرشحة هي الأخرى للارتفاع أيضا، وهو ما تحدث عنه رئيس الفيدرالية الوطنية لسيارات الأجرة، المعطي محمد بن زينب، الذي ذكر أن أكثر ما يستعمله المواطن في تنقلاته اليومية سيارة الأجرة التي ارتفع الطلب عليها في السنوات الأخيرة، وأسعارها حاليا حسبه معقولة، إلا أن ارتفاع أسعار البنزين سيؤدي لا محال إلى ارتفاع تسعيرة النقل، وتوقع أن تتراوح الزيادة بين 5 دنانير و50 دينارا عن الكيلومتر الواحد، حفاظا منهم على التوازن المالي لأصحاب هذه السيارات، ونفس الارتفاع سيشمل القطارات بسبب البنزين، وأيضا الترامواي والميترو بسبب الكهرباء.
أسعار المواد الغذائية واللحوم ستتأثر ويرجح أن تعرف أسعار بعض المواد الغذائية ارتفاعا بدورها أيضا، على اعتبار أن نقل المواد المصنعة سينتج عنه لا محال رفع ثمنها سواء في سوق الجملة أو التجزئة، ومن جهة أخرى، ستسجل المواد الفلاحية ارتفاعا كون إنتاجها يعتمد على البنزين والكهرباء في عملية السقي، لأن مياه الآبار تعتمد على هذين العاملين.
وحسب رئيس الاتحادية الوطنية لتجار الجملة للخضر والفواكه، مصطفى عاشور، فإن كل الخضر والفواكه سيرتفع سعرها على الأقل ما بين 15 و20 بالمائة وفق الإجراءات الجديدة، والأمر أيضا سيشمل كل المواد الغذائية. وانتقد ذات المتحدث دور النواب، حيث قال إن معظمهم لا علاقة لهم لا بالصناعة أو التجارة، وهو ما يجعلهم لا يدركون وضعية المواطن البسيط، وإلا ما سمحوا بتمرير قرارات ستصعب حياة المواطن البسيط أكثر.
رفع سعر الكهرباء يقابله رفع ثمن الخبز أما اتحادية الخبازين، فذكر رئيسها يوسف قلفاط، أنه وبالرغم من أنهم يجرون حاليا لقاءات مع وزارة التجارة لدراسة وضعية الخبازين وفق الوضع الجديد، إلا أن رفع سعر الكهرباء سيؤثر حتما.
إتحاد التجار يرى ضرورة الرفع على مراحل والأفضل إيجاد حلول بديلة في حين تحدث الأمين العام لاتحاد التجار صالح صويلح في احدى تصريحاتها في هذا الخصوص عن الإجراءات الجديدة التي وإن كانت ستحد من الاستهلاك المفرط لهذه المواد الحيوية، إلا أنهم يرفضون هذه الزيادة لأنها ستضر بالمستهلك، مطالبا بأن تكون هذه الزيادة عبر مراحل حتى لا تؤثر بشكل سلبي، والبحث عن حلول أخرى لتفادي الضغط من جديد على التجار والمواطنين على حد سواء.
منظمة حماية المستهلك تطالب هيئات المراقبة بالتدخل أما المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، فطالب رئيسها مصطفى زبدي الهيئات الرقابية بمراقبة الزيادات إن ثبت تطبيقها، لأن كل المعنيين بالزيادة سيلجأون إلى تسعيرة أكبر من الزيادة المقررة، واستدل بما حدث سابقا عندما ارتفع سعر مسحوق الحليب، حيث ارتفعت بموجبه كل مشتقات الحليب ب10 بالمائة، على الرغم من أن سعر المسحوق ارتفع ب1 بالمائة فقط، وبما أن تسعيرة النقل والمواد الغذائية مقننة، فينبغي التركيز في المرحلة المقبلة على المراقبة الدورية والمستمرة لتفادي التلاعب بمثل هذه القرارات التي سيجني من ورائها البعض أرباحا طائلة.
الكماليات شطبت من قائمة الاستهلاك منذ أسابيع قال عدد من المواطنين، إنهم يمرون بأزمة لم يشعروا بها من قبل، وأن القفة التي كانت لا تمتلئ بالمواد الاستهلاكية ستفرغ تماما منها وستحمل شيئا أوشيئين لا يكفيان لقوت يوم واحد، وبالنسبة للكماليات فستشطب من قائمة الاستهلاك دون أي تردد.