قصة حب وهمية نسجها عقل "محمد" المريض نفسيا انتهت بمأساة حقيقية وبجريمة قتل بشعة بقلب الحرم الجامعي "بباب الزوار" راحت ضحيتها البرئية "منال" وزجت بالقاتل في السجن ليقضي حياته وراء القضبان بعدما حكم عليه بالإعدام. القضية التي هزت جامعة هواري بومدين والعاصمة في خريف سنة 2006 بعد رواج خبر قتل الطالبة الجامعية منال بعدة طعنات من الخلف من طرف محمد طالب جامعي بذات القسم في السنة الثالثة تكنولوجيا. وحسب ما جاء في قرار الإحالة، ففي حدود التاسعة صباحا توجه المتهم الى الجامعة يحمل معه سلاحا أبيضا بينما كانت الضحية منال رفقة زميلتها يتبادلان أطراف الحديث أمام المدرج، اقترب منها من الخلف وقام بطعنها وإصابتها على مستوى الظهر أسقطتها أرضا لينهال عليها الوحش الكاسر بطعنات السكين في عدة أماكن من جسدها، وكانت تصرخ وتطلب النجدة وتحاول الإفلات دون جدوى من قبضة القاتل. حاول الطلبة التدخل لإنقاذها ومحاولة نجدتها لأنها كانت تنزف دما بشدة، لكن صراخ المتهم وتلويحه بالسكين في كل الاتجاهات منعهم من الاقتراب منها. وأمام تعالي صراخها تقدم أحد الطلبة مغامرا بنفسه، ارتمى عليه لتجريده من السكين فتعرض بدوره لإصابات مختلفة في جسمهم منعته من مزاولة الدراسة لمدة 15 يوما. واعترف المتهم عبر جميع مراحل التحقيق الابتدائي بجرم القتل العمدي الذي اقترفه وكذا جرم محاولة القتل العمدي ضد الضحية الثانية، ليأتي بسيناريو جديد أمام هيئة محكمة الجنايات حيث صرح في البداية أنه لم يكن في وعيه لأنه مصاب بالجنون ولم يكن يعي ماذا يفعل لأن حالات جنون تنتابه، ثم سرد قصة ثانية مفادها أن "منال" كانت تحبه وتطارده في كل مكان وأرادت الزواج منه رغما عنه ما تسبب له في مضايقات انتهى مسارها الى قتلها. وفي ذات السياق وبينما صرح دفاع الطرف المدني أن التهمة الثابتة باعتراف المتهم، ولأن الخبرات المنجزة أغلبها تؤكد سلامته العقلية، اعتبر القضية غير عادية من حيث الأطراف، فالمتهم طالب جامعي بقسم التكنولوجيا أي أنه على درجة من الذكاء والتفوق وباعتراف منه فقد خطط للجريمة منذ عدة أشهر، كما شكك في تصريحات هذه المحاكمة بما أن المرحومة كانت مخطوبة أي لا توجد أي علاقة تربطها بالمتهم، زد على ذلك فهي ابنة طبيب وأستاذ في جامعة الطب بالعاصمة، وجدها كاتب ومؤرخ معروف عالميا فلا يمكن أن يتدنى مستواها الى الحد الذي يدعيه وإنكاره وادعائه الجنون هو تهرب من المسؤولية. أما دفاع المتهم فركز على الخبرات الخمسة المنجزة والتي تؤكد خبرتان منها أنه يعاني الجنون ومن اضطرابات نفسية وهذا خطر على المجتمع والجنون يلغي متابعته ويستدعي إحالته على مؤسسة استشفائية للعلاج وإعادة إدماجه في المجتمع. أما تقرير الخبير الاجتماعي فأثبت أنه انطوائي وأخلاقه حسنة. وبعد جلسة مطولة أبكت الجميع بمن فيهم القاضية وبعد المداولات أصدرت محكمة الجنايات لمجلس قضاء العاصمة حكما بالإعدام في حق المتهم محمد بعدما اقتنعت هيئتها بثبوت تهمة القتل ومحاولة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد وبسلامة عقله حسب ما أثبته 3 خبرات منجزة.