صدر مؤخراً في الدولة العبرية كتاب جديد تحت عنوان: ''''ستون عاماً على المخابرات الإسرائيلية - نظرة من الداخل''''، الذي أشرف على إعداده الجنرال المتقاعد عاموس غلبواع، وصديقه إفراييم لابيد، واللافت أن الكتاب الجديد صدر عن مركز تراث الاستخبارات الإسرائيلي الرسمي * * وصحيفة ''''يديعوت احرونوت'''' الإسرائيلية. وهو عبارة عن مجموعة من المقالات تمت كتابتها بأقلام مسؤولين رفيعي المستوى في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية: جهاز الأمن العام الشاباك، الموساد الاستخبارات الخارجية، شعبة الاستخبارات العسكرية أمان، مخابرات سلاح الجو الإسرائيلي، مخابرات سلاح البحرية الإسرائيلي. وجاءت مقدمة الكتاب بثلاثة مقالات كتبت من قبل مئير داغان، رئيس الموساد، يوفال ديسكين، رئيس الشاباك، وعاموس يدلين، رئيس " أمان"، حيث يُسهب الثلاثة في شرح التحديات الجسيمة أمام الدولة العبرية.ولكن هناك ملحقين مهمين، لا بد من التوقف عندهما، والملحق الأول يشمل المصطلحات المستعملة في الأجهزة الأمنية في الدولة العبرية. أما الملحق الثاني في الكتاب فجاء تحت عنوان: متى حدث؟ أحداث مهمة في تاريخ المخابرات الإسرائيلية. ويتطرق الملحق إلى إخفاقات المخابرات الإسرائيلية، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، في العام 2003 قدّرت شعبة الاستخبارات العسكرية عن طريق الخطأ أنّ الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، كان يمتلك أسلحة غير تقليدية، وفي نفس السنة فوجئت المخابرات الإسرائيلية من إعلان ليبيا عن تنازلها عن البرنامج النووي التابع لها، وعن الأسلحة غير التقليدية التي كانت تمتلكها، الأمر الذي مهد لإعادة العلاقات الرسمية بينها وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية. وجاء أيضاً في الملحق أنّه في العام 2005 قدمت شعبة الاستخبارات العسكرية والموساد تقريراً عن قدرات حزب الله اللبناني، وذلك على خلفية المعلومات التي تم جمعها خلال الفترة من ماي عام 2000، وهو الموعد الذي انسحبت فيه إسرائيل من جنوب لبنان بعد احتلال دام 23 عاماً، ويستشف من التقرير أن المخابرات الإسرائيلية أخطأت في تقدير قوة حزب الله العسكرية. وبعد مرور سنة، وبالتحديد في جوان من العام 2006 حصل إخفاق آخر لدى الأجهزة الأمنية: فقد فوجئت المخابرات الإسرائيلية بسيطرة حركة المقاومة الإسلامية حماس عسكرياً على قطاع غزة، وهو الأمر الذي لم تتوقعه، ولم تُبلغ المستوى السياسي الإسرائيلي بذلك. علاوة على ذلك فإنّ المخابرات الإسرائيلية أخطأت في تقدير نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي جرت في شباط فيفري من العام 2006، إذ أنّها لم تتوقع فوز حماس بالأغلبية الساحقة في المجلس التشريعي الفلسطيني. في سياق متصل، رأى المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة ''''هآرتس'''' يوسي ميلمان، أن الأجهزة الأمنية في العالم تتباهى دائماً بإنجازاتها، ولكنّها لا تذكر الفشل، وساق مثلا قائلاً إنّه من الصعوبة بمكان أن تعترف لأول مرة في تاريخها، شعبة الاستخبارات العسكرية بفشلها في تقدير قوة صدام حسين غير التقليدية من أسلحة بيولوجية وكيماوية، وبالتالي فإنّ هذا الإقرار، من ناحيته، هو أمر ناجع وضروري لتحسين الأداء وعدم الوقوع مرّة أخرى في أخطاء مصيرية من هذا القبيل، على حد تعبيره. ولفت المحلل الإسرائيلي إلى أننّا نعرف اليوم، أن الرئيس الأمريكي جورج بوش، قرر الإطاحة بصدام حسين، دون أن يملك الأسباب، وهو بالتالي حدد الهدف ومن ثم بدأ يبحث عن الأسباب التي تبرر احتلال العراق. مع ذلك، أشار الكاتب الإسرائيلي إلى أن رئيس الطاقم الأمني والسياسي في وزارة الأمن الإسرائيلية، الجنرال المتقاعد عاموس غلعاد، ما زال يعتقد حتى اليوم بأن صدام حسين كان يملك الأسلحة غير التقليدية، وأنّه عندما شعر بالخطر قام بإرسالها بواسطة شاحنات إلى سورية. واعترف الكاتب ميلمان أن إسرائيل، التي شجعت الولاياتالمتحدةالأمريكية على احتلال العراق، نادمة اليوم على ذلك، فلو بقي العراق قوياً من الناحية الاقتصادية والعسكرية، وإيران بقيت كما كانت بسبب خشيتها من العراق، لما كانت إيران تجرؤ على بناء برنامجها النووي، وبالتالي تخلصت إسرائيل من العراق، ولكنّها جنت على نفسها، بأنها خلقت إيران النووية، على حد وصفه. *