منصوري تلتقي في بريتوريا بنائبة وزيرة العلاقات الدولية والتعاون الجنوب افريقية    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار:غالبية المشاريع الاستثمارية دخلت فعليا في مرحلة الإنجاز    الشلف: إنزال سفينة "زمالة الأمير عبد القادر" بميناء المرسى    مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا مغلقا بشأن الوضع في الصومال    حوادث المرور: وفاة 6 أشخاص وجرح أكثر من 270 آخرين خلال ال 24 ساعة الأخيرة    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50846 شهيدا و115729 جريحا    وزير الخارجية أحمد عطاف في زيارة رسمية إلى تونس لتعزيز الشراكة الثنائية    وهران: افتتاح الصالون الدولي للصحة "سيمام" بمشاركة زهاء 200 عارضا    جامعة التكوين المتواصل تنظم الدورة التكوينية الثانية في المقاولاتية    السيد شايب يستقبل وفدا عن المجمع الاعلامي "سي أن أن انترناشيونال"    منظمة التحرير الفلسطينية: قرار الاحتلال إغلاق مدارس "أونروا" في القدس المحتلة اعتداء على حقوق اللاجئين    التأمينات تحقق رقم أعمال يزيد عن 181 مليار دج في 2024    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الشؤون الخارجية الإيراني    وفاة ضابط وإصابة 3 أعوان للحماية المدنية بجروح    مخطط لتحويل هذه البلدان إلى أداة في يد الأنظمة المعادية للجزائر    الديوان يسخر مراكز للتكوين والتدريب لفائدة الحجاج    دعم تام لمشروع تطوير إنتاج الليثيوم    دعوة المجتمع المغربي للانخراط في معركة مناهضة التطبيع    كبار مسؤولي الأمم المتحدة يدعون العالم إلى التحرّك العاجل    كيانات ودول معادية تجنّد طغمة باماكو ضد الجزائر    تقنية الجيل الخامس لجعل الجزائر محورا إقليميا في تكنولوجيا المعلومات    الإحصاء أساس القرارات الصائبة لضمان الأمن الغذائي    ادعاءات مالي باطلة هدفها تحويل الأنظار عن أزمتها الداخلية    منصة "أدرس في الجزائر" خدمة للطلبة الدوليين    حجز 26 طنّا من الكيف و147 كلغ من الكوكايين    توحيد الجهود ووضع استراتيجية لدعم الجبهة الداخلية    الفيفا تنظم ندوة حول بالجزائر    ورشة لتقييم نظام الأدوية واللقاحات    الجزائر محمية باللّه    ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء    صرخة المغاربة تعلو ضد خيانة المخزن لفلسطين    الرئيس يستعجل إحصاء أملاك الدولة    "الطبيخ".."المحلبي" و "البالوزة" إرث محفوظ بقسنطينة    إبراز أعمال المؤرخ الجزائري الراحل عمر كارلييه    مواصلة رقمنة المخطوطات والمؤلّفات النادرة ضرورة    مدرب مرسيليا يؤكد عودة غويري في لقاء موناكو    "السياسي" متحمس للعودة بالتأهل من العاصمة    بالإصرار والعزيمة التأهل ليس مستحيلا    مشاكل التسويق ترهن جهود الماكثات في البيوت    إحياء التراث الموسيقيّ وتكريم دحمان الحراشي    اليوم العربي للمخطوط: لقاء علمي بالجزائر العاصمة حول حفظ وصيانة المخطوطات    فنزويلا "ضيف شرف" الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقي السيمفونية    وفاة ضابط وإصابة 3 أعوان للحماية المدنية بجروح في حادث مرور بخنشلة    سيدي بلعباس..إبراز أهمية دور العلوم الإنسانية والاجتماعية في تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي    حج 2025 : تسخير مراكز للتكوين والتدريب لفائدة الحجاج عبر مختلف بلديات ودوائر الوطن    المغرب: تسويف حكومي يهدد القطاع الصحي بالانفجار والعودة الى الاحتجاجات    وفاة شخص وجرح 204 آخرين في حوادث المرور    شرطة الطارف تطلق حملة تحسيسية للوقاية من آفة المخدرات    مختصون وباحثون جامعيون يؤكدون أهمية رقمنة المخطوطات في الحفاظ على الذاكرة الوطنية    مواي طاي (بطولة افريقيا- 2025- أكابر): مشاركة 12 مصارعا في موعد ليبيا المؤهل إلى الألعاب العالمية- 2025 بالصين    تنظيم الطبعة الأولى من 12 إلى 15 أفريل    الشباب يستعيد الوصافة    كأس الكونفدرالية/ربع نهائي إياب: شباب قسنطينة يتنقل هذا المساء إلى الجزائر العاصمة    تصفيات مونديال سيدات 2026 (أقل من 20 عاما): المنتخب الجزائري يجري تربصا تحضيريا بسيدي موسى    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    أعيادنا بين العادة والعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"النهار" تنقل أجواء... "معركة الجزائر" التي شارك فيها حتى الصينيون
شوارع تحولت إلى غزة .. بدون فسفور أبيض
نشر في النهار الجديد يوم 09 - 03 - 2009

كعادة كل ليلة احتفال بالمولد النبوي الشريف، تتحول شوارع الجزائر إلى ساحات لمعارك طاحنة بين الشبان باستعمال ذخيرة حية من المفرقعات والمتفجرات مختلفة الألوان والأحجام والأصوات، وكثيرا ما تسببت في كوارث درامية..."النهار" تجولت في شوارع العاصمة وصورت أجواء ما أضحى يعرف بمعركة الجزائر.
المعركة بدأت باكرا ...ولم تتوقف إلا عند الفجر
قبل أن تغيب الشمس وقبل أن يسدل الليل ستاره، سادت حركة غريبة بالشوارع الرئيسة للجزائر العاصمة، فالكل في عجلة يجرون خلف الحافلات وسيارات الأجرة، وكأن شيئا ما يحضر، بالفعل فما هي إلا لحظات حتى تحولت هذه الشوارع التي تنام باكرا في العادة، إلى ساحة معركة سكت فيها الكلام ونطقت "المدافع"، وصعد فيها الدخان وفاحت راحة البارود بدلا من العنبر والبخور التي كانت تنبعث من الشرفات احتفاء بمولد سيد الخلد الكريم ففي دقائق معدودة أغلقت المحلات التجارية، وأغلق الناس نوافذهم المطلة على الشوارع، فصوت الانفجارات المدوية لم ينقطع طيلة الليل، فاهتزت الأرض على وقع "الشيطانة" و"الدوبل كانو"، بينما تلونت وتلبدت السماء بألوان ودخان الألعاب النارية.
أما الفضاء فامتلأ بصراخ الشباب وعويل السيدات المستهدفات حتى في الشرفات، وأجراس إنذار السيارات التي كانت تهتز على وقع "القنابل العنقودية"، ورغم كل هذا الهول والفوضى، إلا أن الابتسامة ارتسمت على محيا الشباب والأطفال المتعطش للفرحة والترفيه والذين فروا من بيوتهم، رغم رفض أوليائهم، للاحتفال بهذه المناسبة في الشارع على الطريقة العصرية، وليس في جلسات البوقالات وحلوة الترك والطمينة.
وقد تواصلت هذه المعارك إلى غاية الفجر والساعات الأولى من نهار أمس، رغم تناقص حدتها بعد منتصف الليل، حيث نفذت ذخيرة معظم الشباب، وأفلست جيوبهم التي استنزفت من أجل صنع هذه الأجواء المريبة التي جعلت من "الليلة" خالدة في أذهان الكثيرين.
الصينيون يشاركون في "شاينا تاون" الجزائر
ونحن نتجول بشارع ديدوش مراد، وجدنا مجموعة من الصينيين متكونة من ثلاثة سيدات وخمسة رجال، يقاسمون شباب الحي اللعب بالمفرقعات، وقد أبدوا مهارات عالية في استعمالها، فحتى السيدات لا يخفن المفرقعات، بل أصبحن يطاردن شباب "ديدوش" بها، وغير مباليات بالحروق والمخاطر التي قد تنجم على هذه اللعبة الخطيرة. دفعنا الفضول للتقرب من الفوج الصيني فسألنا السيد "جياو" الوحيد الذي يتحدث الفرنسية، فسألناه عن سر احتفالهم بالمولد، فأجاب أنه لا يعلم ما مناسبة الاحتفال، لكن الأجواء ذكرته ببلدته الصغيرة التي تتحول في يوم السنة الجديدة إلى ساحة معركة، وقال أن المفرقعات تقليد صيني معتمد منذ قرون، أي منذ اكتشافهم للبارود، وقال أن كل المناسبات السعيدة تستعمل الألعاب النارية والمفرقعات، لطرد الأرواح الشريرة، وعن سؤالنا عن سبب عدم تخوفهم منها، فقال أن كل هذه المفرقعات تأتي من الصين، وهو يعتز أن بلاده استطاعت أن تسوق حضارتها إلى بلدان بعيدة جدا. ورغم حديثه إلينا إلا أنه لم يتوقف عن تصويب المفرقعات نحو زملائه، ورغم توقف وحدة للشرطة أمامهم خوفا على الوفد الصيني، إلا أنهم واصلوا اللعب مع الشباب الذين لم يتوقفوا عن الغناء لهم، قائلين "الشانوي آلي ألي"، وهو ما زاد من حماس الصينيين الذين أعربوا لنا عن فرحتهم بهذا "الصيني" المميز الذي أخر العاصميين عن منازلهم للاحتفال ليلا، عكس باقي الأيام التي تنام فيها العاصمة بعد العشاء.
الشرطة ضحايا.."وخلي البير بغطاه"
رغم تكثيف الوحدات المتنقلة التي جابت مختلف شوارع العاصمة، إلا أن مهمة هؤلاء اقتصرت على المراقبة ومنع بعض المناوشات بين الشباب، غير أنها لم تمنع هؤلاء "المحاربين" من استعمال ذخيرتهم الحربية، كما أنها فضلت التزام الصمت والمراقبة من بعيد، حيث اقتربنا من أحد أفراد الوحدة من أجل الاستفسار، فقال أنهم لم يتلقوا أمرا بتفريق الشباب أو منع استعمال المفرقعات، وأنهم في دوريات عادية لحفظ النظام العام، وأنهم مستعدون للتدخل في حال تلقي نداء استغاثة من أي مواطن، أو ملاحظتهم إفراط الشباب في استعمال العنف أو التسبب في تخريب الأملاك العمومية، أما عن استهدافهم من قبل بعض الشباب فقال الشرطي: "حتى نحن لسنا في مؤمن فقد تعرضنا للاعتداء من قبل مجهولين"، وروى لنا أن مجموعة من الشباب رموا مفرقعة من الحجم الكبير جدا باتجاه سيارتهم، وكادت أن تتسبب في كارثة، ولكن من حسن حظ عناصر الشرطة كانت النوافذ مغلقة، ولو دخلت القذيفة لداخل السيارة، لتسببت في كارثة حقيقية، وفضل الشرطي السكوت عن الحديث قائلا: "خلي البير بغطاه"
المستشفيات كانت في الموعد
استقبلت مختلف مستشفيات العاصمة العشرات من الجرحى التي اختلفت درجة حروقهم وجروحهم، حيث قمنا بزيارة كل من مستشفى محمد لمين دباغين "مايو سابقا" بباب الوادي ومستشفى مصطفى باشا، حيث أكدت لنا الفرق العاملة على مستوى الاستعجالات، استقبال عدد من الضحايا كلهم من الدرجة الأولى، ولم تسجل أية حالة لعاهة دائمة أو حالة وفاة، فيما أكد عمال المستشفى توافد عشرات الجرحى على المصلحة التي رفض مسؤولوها السماح لنا بالدخول، غير أن خارج المستشفى كانت الحركة غير طبيعية، حيث شاهدنا عددا من الشباب يتوافدون على المستشفى حاملين أحد أصدقاءهم الجريح إلى المستشفى لتلقي الإسعافات الأولية.
ساعات قليلة احترقت فيها ملايين كثيرة
هكذا هو حال؛ الحروب تحرق وتهدم ما بناه السلم والهدوء في أعوام، فليلة واحدة من "الاحتفالات" كانت كافية لاحتراق الملايين بل الملايير، فمتوسط إنفاق العائلة الجزائرية في هذه الليلة، لا يقل عن ألف دج، بينما أكد عدد من الأولياء الذين التقينا هم، إنفاق أزيد من 10000دج في اقتناء المفرقعات والألعاب النارية، فزيادة على الخسائر المادية الكثيرة كاحتراق الممتلكات إنفاق ما يكسبه الفرد في أسبوع كامل من العمل، في ساعات قليلة، في وقت لا تجد فيه العديد من العائلات ما تسكت به جوعها، فهل يعقل أن نحتفل بمولد صاحب رسالة السلام والتسامح بالفوضى والعنف والتبذير، لدرجة أنها أصبحت تكلف الخزينة العمومية ملايير الدولارات، حتى رئيس الجمهورية خصص لها خطابا ليتحدث عن صرف 40 مليار دولار لاستيراد الألعاب النارية والمفرقعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.