المرحّلون رفضوا التخلي عن طبيعتهم ونقلوا سلوكيات الأرياف إليها مساكن «السوسيال» وLSP تتحول إلى زرائب لتربية المواشي والدواجن في المدية وتيبازة أبقار بمداخل العمارات وأحياء تتحول إلى أقفاص للحيوانات بالبليدة فيلات من القصدير .. «زريبة» للدجاج والمواشي ..مداخل خاصة ..و «بحاير» لكل أنواع الخضروات ..، هذه المظاهر لم يتم الوقوف عليها بالأرياف أو في الأحواش بالعاصمة وكبرى الولايات، بل هي مشاهد تم التقاطها من الأحياء السكنية الجديدة التي استقطبت سكان القصدير خلال السنوات الأخيرة بالعاصمة والولايات الأخرى بالجنوب والشرق والغرب الجزائري. في استطلاع قامت به النهار على مستوى عدة أحياء سكنية استفاد منها أصحابها في إطار عمليات الترحيل للقضاء على الأحياء القصديرية، وقفنا على فيلات قصديرية شيّدها أصحاب الطوابق الأولى من هذه العمارات، فضلا عن إقامة أبواب ومداخل خاصة بهم، فيما بنا آخرون أسوار إسمنتية للإحاطة بشقته في الطابق الأرضي وجعلها مستودعا لركن سيارته مع بوابة حديدية. وعلى مستوى أحد أحياء «السوسيال» ببلدية السويدانية، قام أحد السكان بتسييج محيط شقته، وكان من بين ما وقع داخل ملكيته الافتراضية وحديقته المسيّجة، المعلم الخاص بعملية التدشين، في حين أقام آخر مدخلا خاصا به خلف العمارة مع سلالم توحي للناظر بأن البوابة هي بوابة فيلا خاصة وليست عمارة يشترك فيها كل السكان. وببلدية عين نعجة، تحولت مساكن «السوسيال» إلى أحواش تضم «زريبة» الدواجن والمواشي وكذا «بحاير» من الأشجار المثمرة وكل أنواع الخضروات، فضلا عن استيلاء دخلاء على محلات العمارات وتحويلها إلى شقق من غرفتين وثلاث غرف وأخرى من طابقين. أبقار أمام مداخل العمارات وأحياء تتحول إلى سيرك للحيوانات في البليدة ولم يكن الأمر يختلف كثيرا بين الأحياء الجديدة بالعاصمة وتلك التي عرفت ترحيلا جديدا على مستوى ولاية البليدة، حيث أقدمت عائلات بحي دريوش كانت تقيم بالبيوت الهشة على أخذ حيواناتها معها ووضعها في الشرفات، في حين أبقى آخرون بقرتهم أمام مدخل العمارة لانعدام إمكانية حملها إلى الطوابق العليا. وبدوار المعايف في واد جر وحي 5 جويلية بالأربعاء، تحولت شرفات المنازل إلى بيوت قصديرية بطوابق بعدما تم تغطية شرفات العمارات من قبل السكان بصفائح البلاستيك والقصدير، فيما لجأ آخرون إلى تغيير الشكل الخارجي للعمارة على مستوى شققهم بإعادة بناء الشرفات وتحويلها إلى مطابخ. وتحولت طوابق أرضية بأكملها في بعض عمارات الأحياء السكنية الجديدة التي استفاد منها سكان البنايات الهشة والأكواخ، إلى محلات لتحضير المطلوع أو تربية الدواجن والمواشي وحتى الأرانب، وذلك على مستوى كل من «حرارة» و«المجاهد بلعباس»، حيث تم إقامة أكواخ بمحيط العمارة لصيق بالطابق الأرضي وتغطيتها بألواح القصدير والبلاستيك. عمارات «السوسيال» ..أحواش مصغرة واستنساخ للأحياء القصديرية نقل المرحلون الجدد من المساكن الهشة والقصديرية عاداتهم وسلوكياتهم إلى الأحياء الجديدة التي تعول عليها الدولة لإعادة بعث الوجه الحضاري للمدن الكبرى، من خلال تركيزها على الجانب المعماري في تشييد الأحياء السكنية الجديدة، مع التشديد من خلال العقود المبرمة بين دواوين الترقية والتسيير العقاري على عدم المساس بالجانب المعماري الخارجي للعمارة. وفي ولاية تيزي وزو، لم يختلف الأمر عن باقي الأحياء الجديدة بعديد الولايات، حيث تحولت حدائق الحي إلى فضاءات لتربية الكلاب ورعي المواشي، في حين أصبحت سلالم العمارة عبارة عن خزانات لرمي الخردة، ظفرت كل عائلة بالحيّز الذي يقابلها، وذلك بالحي المسمى «واد فالي» و«بوخالفة» وغيرها من الأحياء التي استقبلت سكان القصدير أو الأكواخ كما يطلق عليها. وقد اهتدى بعض السكان زيادة عن ذلك، إلى غرس كل أنواع الخضر في الفضاءات الخضراء لهذه العمارات ومساحات المخصصة للعب الأطفال، حيث أن هناك من المرحلين من نقل ماشيته ودواجنه معه إلى العمارة، فضلا عن الكلاب بشتى أصنافها التي يعج بها الحي، حيث يخيّل لمن يقصد حي بوخالفة بأنه في منطقة ريفية بامتياز. ولم يقتصر الأمر فقط على استغلال المساحات الخضراء بالأحياء الجديدة في زرع الخضر وتربية المواشي، بل زاد الأمر عن ذلك بولاية بومرداس بعدما ابتكر المرحلون طريقا مختصرا لرمي القمامة، وهو إلقاؤها مباشرة من الشرفات، سواء تعلق الأمر بأكياس القمامة أو بقارورات المياه المعدنية والمشروبات الغازية، مما جعل هذه الأحياء السكنية وفضاءاتها الخضراء تتحول إلى مزابل عمومية بامتياز. مساكن «السوسيال» وLSP تتحول إلى زرائب لتربية المواشي والدواجن في المدية وتيبازة وشهدت الأحياء السكنية الجديدة التي احتضنت قاطني «البرارك» والقصدير بولاية المدية بدورها، غزوا من قبل كل أنواع الحيوانات والمواشي، حيث لم يعد سكان المنطقة يجدون حرجا في إقامة زريبة لتربية الأبقار أو الأغنام وسط العمارات بالمكان الذي كان يسمى حديقة الحي يوم تدشينه قبل سنوات قليلة، على غرار حي بلدية عين بوسيف وحي الوئام بقصر البخاري. وقد اشتكى بعض سكان الحي من هذه المظاهر، لكن الطابع الريفي طغى بشدة على هذه الأحياء، إلى درجة أنه لم يعد هناك شيء يوحي بأن الحي السكني يتواجد داخل المدينة سوى العمارات ذات الطوابق التي يقيم بها عدد من العائلات المرحلين من الحي القصديري، أين استغل كثيرون محيط شققهم الواقعة بالطابق الأرضي في إقامة أعشاش وأكواخ جديدة بالقصدير لتربية المواشي. وفي ولاية تيبازة، لم يقتصر تشويه الجانب العمراني للأحياء الجديدة على مساكن «السوسيال» فقط، بل تعدى ذلك لكل الأحياء بمختلف صيغها من خلال إدخال تعديلات كبيرة على شققهم على غرار حي 180 مسكن بتحويل الشرفات إلى غرف ما يؤثر بشكل مباشر على الواجهة الخارجية للعمارة. كما قام أحد السكان بالطابق الأرضي في ذات الحي، بتسييج قطعة أرض صغيرة بالقصب وتحويلها إلى بستان للنعناع، بالرغم من أن هذا العمل الفوضوي في الطريق الرئيسي للحي وأمام أعين وأنظار السلطات المحلية. وفي حي 140 مسكن تساهمي بعين تاڤورايت، اشتكى السكان من توسعات فوضوية لبعض السكان، منهم من حاول إغلاق المدخل ومنهم من قام ببناء مخرج لنفسه في العمارة. حي علي لبحر في بجاية .. أسواق فوضوية ومفرغات عمومية ومرعى للمواشي وتحولت بعض الأحياء الموزعة، مؤخرا، إلى أسواق فوضوية ومفرغات عمومية بسبب النفايات المكدسة، حيث تم تخصيص مكان معين لوضع هياكل السيارات القديمة والتي تعرضت إلى الحوادث، وشبه محلات لبيع الألواح والخردة وكتابات على الجدران وغيرها من الأمور التي لا توحي للمقيم بها أنه داخل المدينة. هذه الأمور والمظاهر ليست لحي فوضوي أو قصديري، بل هي لحي سكني «جديد» اسمه «سيدي علي لبحر» بمدينة بجاية احتضن، مؤخرا، عملية إعادة الإسكان التي باشرتها مصالح الولاية، حيث وزيادة عن ذلك، تنتشر قارورات وعلب المشروبات الكحولية بالأرصفة والمناطق العمومية داخل الحي، إلى جانب انتشار طاولات بيع الخضر والفواكه والعديد من السلع الأخرى. والأغرب من كل ذلك، هو تحول حدائق الحي وأشجاره إلى مرعى للأبقار والمواشي، فضلا عن كونها مأوى للكلاب الضالة التي افترست، مؤخرا، متشردا كان يقصد الحي، حيث أرجع مسؤولي الولاية هذه المظاهر إلى الطابع الاستعجالي الذي تتخذه المشاريع السكنية، والتي تغفل في كل مرة الجانب الخدماتي والأمني لهذه الأحياء. جدران من الحجارة تحيط بالعمارات وأحياء قصديرية بطوابق في خنشلةوقسنطينة وتحولت الأحياء السكنية التي احتضنت سكان البيوت الهشة والقصديرية في ولاية خنشلة على غرار أحياء «الشابو» و«ماريطو» و«عين الكرمة» إلى ما يشبه فضاءات لعرض الأزياء التقليدية على الشرفات، فضلا عن بناء جدران عشوائية بالحجارة على واجهات شققهم، فيما ألغى آخرون شرفاتهم وأحاطوها بشبابيك من جذوع وأغصان الأشجار وخصصوا مساحتها للكلاب وتربية الدواجن والمواشي. وتجتمع المواشي والدواجن فضلا عن الكلاب التي حملها المرحلون معهم على القمامة نهارا، مما أعاد لهذه الأحياء طابع البداوة الذي ساقه السكان معهم إلى هذه الأحياء الجديدة، رغم استفادتهم من مساكن ذات طابع عمراني عصري، وكذا الشأن بالنسبة للتجمع السكني الجديد على مستوى ولاية سكيكدة، الذي حوّل فيه المرحلون المساحات الخضراء المقامة أمام العمارات إلى فضاء لتربية الدجاج وبساتين لغرس كل أنواع الخضروات. ويرفض كثير من سكان الأحياء القصديرية المستفيدين من «الرحلة»، نقل الصفائح القصديرية معهم إلى الأحياء الحديدة، كما هو الشأن بولاية قسنطينة، حيث حول السكان الحي السكني الذي رحلوا إليه إلى حي قصديري بطوابق، بعدما استولوا في مدينة علي منجلي على المساحات والفضاءات المخصصة للترفيه والحدائق بغرض إقامة محلات قصديرية للتجارة. وأقام سكان الحي السكني الجديد مستودعات لسياراتهم بالصفائح القصديرية التي جلبوها معهم أثناء هدم أكواخهم، فضلا عن تسييج المساحات المحاذية للعمارات من قبل أصحاب الطوابق الأرضية واستغلالها لزراعة الحشيش ومختلف أنواع النباتات، لتصبح بذلك حديقة خاصة بعدما كانت فضاء لكل السكان.