انتقل إلى رحمة الله فجر أول أمس أب المشاريع في عاصمة القرآن القرارة الشيخ عمر بن بيكر الحاج مسعود عن قرن ونيف. عاصر الشيخ مسيرة الإصلاح ونهضتها في الجزائر عموما من خلال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وفي مزاب تحديدا من خلال جمعيات وأقطاب الإصلاح منذ بداياتهم الأولى، فعاصرها شابا ثم كهلا، وأخيرا -وتتويجا للمسار- عضوا في حلقة العزابة للقرارة العامرة، ومشرفا مباشرا على مشاريع جمعية الحياة في بناء المساجد والمدارس القرآنية. امتاز المغفور له بالتواضع حيث لا تلمس في جلستك معه على أنه صاحب المشاريع الاقتصادية (التجارية والصناعية) الكبرى في الشمال والجنوب. وزاد على تواضعه تكتمه الشديد على نضاله الذي وللأسف لم يدّون بالشكل الذي ينقل لنا جهاد الشيخ ونضاله الإسلامي والوطني. وللشيخ الفضل في سير البعثات العلمية المزابية إلى تونس بتمويلها في مطلع القرن الميلادي الماضي، واعطاء الدفع المناسب لها، بالاستمرار في إمداد الوطن بالطاقات والإطارات التي أبلت البلاء الحسن ولا تزال في ربوع الوطن بعد استقلالها سنة 1962. كما كان للفقيد أيضا جولات وصولات ضمن الوفود التي انطلقت من مزاب إلى باريس في منتصف القرن الميلادي الماضي للدفاع والسعي من أجل رفع سيطرة الشركات الاستعمارية الاحتكارية على منابع المياه في مزاب، والتي ختمت بالظفر على حقوق أصحاب الأرض الأصليين، وإلى هذا الوفد يرجع الفضل بعد الله، ولن ينسى مزاب هذا الموقف الدبلوماسي القانوني البطولي الذي نهجه الشيخ ورفاقه، وقد وري الثرى يوم امس بغرداية.