يعترف الجميع أن المنتخب الوطني كبر في ظرف عام ونصف، ولم تبق له نفس الطموحات والأهداف التي رسمت له قبل عامين من تنصيب الناخب الوطني سعدان، الذي نجح على ذكر اسمه في قيادة "الخضر" الى كأس العالم، ومضى بهم إلى محطة نصف النهائي لكأس إفريقيا في إنجازين باهرين، وبتزايد الطموحات تعالت بعض الأصوات في المدة الأخيرة تطالب بإحداث التغيير في الطاقم الفني ل"الخضر"، ليس بالتخلي عن سعدان طالما أن الأخير يحقق إجماعا كليا وسط السلطات السياسية، الرياضية وحتى الشعبية في البلاد، ولكن بتدعيم طاقمه الفني بأسماء أخرى في مستوى ما وصله المنتخب من تطور، وفي مستوى التحديات المستقبلية التي تنتظره منها مونديال عالمي، حتى يتجاوب مع الواقع الجديد بعد أن بات "الخضر" يتكونون من لاعبين يعتبرون نجوما في الدوريات الأوروبية المحترفة، وبالتوازي مع هذه الأصوات فإن البعض يرى أنها مسألة شخصية لأن سعدان بمثابة طبيب المنتخب ووحده يعرف إن كان التدعيم ضروريا أم مسألة غير مطروحة، وهو رأي أيضا من يعتبرون أن المنتخب الوطني صار يشكل عائلة واحدة يصعب معها الترخيص لغرباء عن الطاقم الفني ولوج أجوائه على حساب عرق وتعب آخرين، شاركوا في كل التصفيات وعايشوا تحول المنتخب الوطني من الذهنية الهاوية الى الإحترافية، ليبقى الرأي هنا للمدربين وأهل الإختصاص القادرون على قول كلمتهم في الموضوع. سعدان يرفض التدعيم ويعتبرها مسألة مبدأ بداية، فإن موقف سعدان من التدعيم ثابت وهو أنه لا يحتاج لأي عنصر إضافي في الطاقم الفني وحتى الطبي لأن ما يملكه يكفيه ويحقق معه التفاهم المطلوب والضروري وجوده في أي منتخب، خاصة أن سعدان كان لحظة تعيينه المبادر بطلب تدعيم المنتخب بزهير جلول الذي اشتغل معه في المنصب ذاته في وفاق سطيف لما مرا بتجربة مماثلة هناك، كما وافق أيضا على استقدام مدرب الحارس بلحاجي، هذه المسألة لا تقبل النقاش بالنسبة للمدرب سعدان الذي أكد أنه فصل فيها، ولا يحتاج بعد اليوم أن يتقدم منه صحفي ويطرح عليه سؤالا في موضوع قال فيه كلمة الفصل، ولأن كلام سعدان ليس قرآنا منزلا، فإن هناك من يرى أن الطاقم الفني ودون التقليل من قيمته وما قدمه ل "الخضر" لا سيما في الفترة التي كان فيها المنتخب الوطني لا يمثل الشيء الكثير لأغلبية الجزائريين قبل أن يصبح رمزا لهم، لا يملك الخبرة الكافية في أعلى مستوى مثل الخبرة التي يملكها سعدان، والتدعيم أمر حتمي تمليه القاعدة المعروفة أنه لا عاطفة في كرة القدم، وأن البقاء للأقوى والأصلح مثلما تقول القاعدة الفلسفية. زهير جلول خجول، وبلحاجي نقص خبرته ظهر أمام مصر يعترف الجميع بالأخلاق العالية التي يمتلكها زهير جلول مساعد الناخب الوطني الذي لا يعرف عنه أغلب الجزائريين الكثير، عدا عمله في فترة سابقة في وفاق سطيف، المعني الذي سبق أن أشرف على الفئات الصغرى للمنتخب الوطني وبعض الفرق مثل أولمبي العناصر، يحظى باحترام كبير وسط اللاعبين ولكن المشكل الذي يبدو عليه هو أنه شخص طيب جدا، ولا يمكنه أن يكون صارما أكثر مما هو صارم، حيث يفضل ترك الأمور للإحترام على أساس أن كل واحد يعرف واجباته وحقوقه، وفي الوقت الذي يحتاج المنتخب الى شخص حازم يفرض كلمته على اللاعبين يقوم في المباريات ويتقدم الى توجيه اللاعبين من كرسي الإحتياط، ينهي ويزجر خاصة أن مشكل لموشية الأخير مثلا كشف أن هناك مشاكل انضباطية (وإن كانت قليلة) وهو السبب الوحيد الذي كان مثار تحفظ البعض ومطالبته بإبقاء زهير جلول في الطاقم الفني، مع تدعيم المنتخب بمدرب مساعد يكون قادرا بشخصيته أن يترك سعدان ينشغل بالأمور الفنية والتكتيكية، والحق يقال أن بعض الأخصائيين وحتى الحراس السابقين قد لاموا كثيرا الحارس شاوشي على تصرفه مع الحكم كوفي كودجيا ومحاولته ضربه بالرأس، فضلا عن تمويهه بالإعتداء على اللاعب المصري جدو، ولو أن بعضهم لام بصراحة مدرب الحراس بلحاجي على أساس أن هذا الأخير لم يحضر شاوشي جيدا من الناحية النفسية وتركه يقوم بهذه الأمور، التي تبقى مبررة بفقدانه أعصابه، وفي بحثنا عن السيرة الذاتية لبلحاجي فقد اكتشفنا أنه لم تكن له تجارب كثير في التدريب ما عدا أنه كان مدربا للحراس في أولمبي الشلف فضلا عن عمله في الأصناف الصغرى للمنتخب الوطني من 1993 إلى 1997 ومن 2001 إلى غاية تعيينه في الطاقم الفني ل "الخضر". هل يقبل الفنيون الجزائريون من الذين ينادون إلى التدعيم ترك أماكنهم لغيرهم؟ وإذا كان أغلب الفنيين يرون أن سعدان محق بقراره وأنه لا مجال لأي كان أن يقحم نفسه ويضع شخصه مكان الناخب الوطني الذي يعد أقرب شخص الى المنتخب واللاعبين، فإن بعض من نادوا وصفقوا لهذا الإقتراح ودون الحديث عن الرؤساء، الذين اقترح أحدهم مدربا أجنبيا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو ماذا سيكون موقف هؤلاء المدربين لو كانوا في الطاقم الفني للمنتخب، ويسمعون بالتدعيم؟ أكيد أنهم سيرفضون وسيطالبون بعدم التنكر لما أنجزوه، والحقيقة أن ما أنجره الطاقم الفني ل"الخضر" يبقى كبيرا ليس على الجزائر ولكن على العشريتين السوداويتين اللتين مرت بهما الكرة في بلادنا، وهو ما يدفع الى عدم التنكر لهؤلاء، لأن النتائج المحققة تعني أن هناك عملا متواصلا وكبيرا قام به هؤلاء لم يقم به غيرهم، كما أن الحديث عن مدرب أجنبي هو حديث بعينه عن تبديد المال العام لأن تجارب "الخضر" مع المدربين الأجانب لم تقدم أي شيء ما عدا الخيبات التي تتطلب إعادة النظر والتدقيق قبل الإقدام على أي قرارات أو حتى التفكير فيها.