قررت الحكومة، بعد تعذر التوصل إلى حلول للنزاعات ومختلف الاختلالات القائمة في البلديات في ظل غياب الشفافية، إلزام المجالس الشعبية البلدية بتبني نظام داخلي بغرض القضاء كلية على مشكلة الانسداد، فيما طالبت الأميار بالتفرغ لمهامهم ومنعهم من ممارسة الوظائف السابقة التي كانوا يشغلونها قبل اعتلائهم منصب "مير"، حيث ستمكن الحكومة كل "مير" من الاستفادة من تعويضات عن الوظيفة السابقة بغض النظر عن طبيعتها. وعلمت "النهار" من مصادر مقربة من وزارة الداخلية والجماعات المحلية، بمشروع قانون البلدية الذي سيعرض للمصادقة في اجتماع الحكومة يوم 23 فيفري المقبل، وتسعى الحكومة من خلال مشروع التعديلات على القانون الصادر سنة 1990 إلى التخلص نهائيا من النقائص والاختلالات المسجلة على مستوى البلدية، من خلال تمكين رئيس المجلس الشعبي البلدي من أداء مهامه في الإطار القانوني بصفته ممثلا للشعب، حيث يتوجب على كل "مير" عدم مغادرة مكتبه والتفرغ لمهامه، مقابل استفادته من أجره بشكل عادي بصفته منتخبا وأجرا تعويضيا آخر عن الوظيفة السابقة التي كان يشغلها قبل اعتلائه المنصب الجديد كممثل للشعب. وأضافت مصادرنا، أن قرار الحكومة هذا، الذي جاء بعد الوضعية السيئة التي آلت إليها البلدية، خاصة خلال العقدين الأخيرين في ظل الانفتاح على التعددية الحزبية، يشكل أحد البنود الأساسية في المشروع التمهيدي لقانون البلدية، إلى جانب بنود أخرى، تؤكد بدورها على استمرارية عصرنة التسيير البلدي، ومواصلة دعم برامج التكوين والتوظيف التي تمت مباشرتها لفائدة المنتخبين والأعوان البلديين، وذلك من أجل البحث عن تناسب أفضل بين مهام البلديات ومواريدها المضبوطة على أساس الحصة من الناتج الوطني الخام. نظام داخلي لكل بلدية للقضاء على الانسداد وسيقترح مشروع القانون مسألة التكفل بتسوية النزاعات بين الكتل السياسية المكون للمجلس المنتخب، التي هي في بعض الحالات مصدر انسداد سير المؤسسة البلدية، مع إلزام المجلس بتبنيه لنظام داخلي، يقترح مشروع القانون إجراءات من شأنها ضمان ديمومة سير البلدية واستمرار المرفق العام المحلي مهما كان الظرف، بما في ذلك شغور المجلس الشعبي البلدي إثر حله أو عند استحالة تنصيبه أو انتخابه. تحديد مهام الدولة، الولاية والبلدية تفاديا لتداخل الصلاحيات وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن قانون البلدية في حلته الجديدة يشدد أيضا على توضيح العلاقات وتقاسم المهام بين الدولة، الولاية والبلدية تفاديا لتداخل الصلاحيات في شكل اختصاصات متقاسمة أو مفوضة، ويتطابق إلى حد بعيد مع المعطيات الجديدة للمجتمع في ظل بروز كفاءات وأجيال جديدة من القيادات ما بين النساء والشباب وكذا التعمير الكثيف للسكان الذي انجر عنه تعقد كبير في العلاقات والتعامل مع الحاجات الاجتماعية المتعددة الأشكال كالسكن، النقل وغيرها من ضروريات الحياة الأخرى. وعليه، بات من الضروري على الحكومة إدخال مجموعة من التصحيحات قصد ضمان التوازن الاجتماعي لتحقيق تسيير منسجم للبلدية. ويؤكد مشروع القانون التمهيدي للبلدية، حسب المصادر ذاتها، على أهمية، استماع المجلس الشعبي الوطني للمواطنين وبقوة القانون، في حالة الكوارث الكبرى، كما يقوم المجلس بلعب دور المستشار والمراقب للهيئة التنفيذية البلدية. فيما أوضح المشروع ذاته، أنه لمزيد من الشفافية في علاقات هيئات البلدية مع الإدارة ومن أجل وضع جميع المتدخلين أمام مسؤولياتهم، تم تحديد نظام خاص بالمراقبة القانونية للمداولات كما كرس مبدأ الطعن أمام القضاء. لا سحب ثقة من "المير" في عامه الأول من عهدته وفي عامه الأخير إلى جانب ذلك، فقد أعطى مشروع القانون التمهيدي للبلدية لرئيس المجلس الشعبي البلدي، مكرسا كهيئة تنفيذية للبلدية، حيث سيستعين بموجب هذا التكريس بنواب له بدلا من مساعدين. والجدير بالذكر في هذا الشأن، أنه لا يمكن اللجوء إلى إجراء سحب الثقة من "المير" خلال السنة الأولى من العهدة ولا خلال آخر سنة منها، وأن كل طلب بسحب الثقة المرفوض لا يمكن إعادة إدراجه قبل سنة كاملة. وفي سياق متصل، فإن مجال المراقبة القبلية والبعدية تم تحديده بشكل أفضل وأعطى للمجلس الشعبي البلدي، عن طريق القانون، حق اللجوء إلى القضاء المختص ضد كل قرار يعلن عن بطلان مداولة، والحق نفسه اعترف به للمواطن غير الراضي عن قرار بلدي أو مداولة للبلدية. وفي حال التقصير المعلن، يمكن للوالي إعذار "المير"، لفائدة البلدية والمواطن والحلول محل هذا الأخير، في حالة ما إذا رفض تنفيذ كل عمل خولته له القوانين والتنظيمات، مثل المصادقة على الميزانية أو تنفيذ القرارات الضرورية في مجال حفظ النظافة والسكينة العمومية. تنظيم المندوبيات البلدية لضمان السير الحسن وقانونا خاصا للعاصمة وحدها وأكدت مصادر "النهار"، بأن رغبة الحكومة في ضمان السير الحسن للمدن الكبرى، أدت بها إلى تكريس تنظيم المندوبيات البلدية من أجل تسيير حضري أحسن، غير أن المشكل الذي سيبقى قائما، فإنه يخص العاصمة، نظرا لمميزات المنطقة وحساسيتها، مما يتطلب سن قانون خاص لها. إشراك نفقات عدة بلديات لولاية قصد التهيئة والتنمية المشتركة ويشدد المشروع التمهيدي لقانون البلدية، على الضرورة القصوى للسهر على أن تتوفر البلدية، وجوبا، على الموارد الضرورية لتغطية النفقات الناجمة عن التكفل بالمهام المخولة لها بموجب القوانين والتنظيمات، كما يؤكد أيضا على أن كل عبء جديد أو محول من قبل الدولة للبلدية يجب أن يرفق بالمورد الضروري للتكفل به بصفة دائمة، كما يجبر الدولة على تعويض كل تخفيض في الموارد ذات المصدر الجبائي المخولة للبلدية، بموجب القانون، تبعا لإجراء اتخذته الدولة في هذا الميدان. تضمن مشروع القانون شروطا أخرى تتعلق باستقامة الميزانية والصرامة في تنفيذ النفقات. وعليه، فإنه بات من الضروري فتح الاعتمادات لتفادي مديونية البلديات التي تعتبر مصدرا لتفاقم العجز في الميزانية، حيث سيصبح بإمكان بلديتين أو عدة بلديات لولاية أو عدة ولايات أن تشترك قصد التهيئة والتنمية المشتركة لجماعاتهم وضمان مرافق عمومية التي هم مكلفون بها عن طريق تعاضد وسائلها، شريطة أن تكون أقاليمها على التوالي تمثل امتدادا موحدا. أهم تدابير قانون البلدية الجديد *قررت الحكومة، منع كل رئيس بلدية كان يشغل منصب طبيب أو محام أو مدير لمؤسسة وغيرها من المهام الأخرى الاستمرار في وظيفته السابقة قبل اعتلائه منصب "مير"، ومكنته من الاستفادة من تعويضات عن وظيفته السابقة يضاف إليها راتب "المير". *سيمنع منعا باتا، سحب الثقة من رئيس البلدية في العام الأول من عهدته وفي عامه الأخير. *قررت الحكومة تكريس تنظيم مندوبيات البلديات لضمان تسيير أفضل، فيما ستقوم مقابل ذلك، بإعداد قانون خاص بالعامة نظرا لخصوصيات المنطقة وحساسيتها. *أكدت الحكومة على ضرورة إشراك نفقات عدة بلديات لولاية، قصد التهيئة والتنمية المشتركة.