نجاد يحقق الاجماع على كرهه (رويترز-أرشيف) يبدو أن الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد يستمتع بصراع يلائمه تماما كرجل اكتسب العديد من الاعداء في الداخل والخارج فقد أثار الرئيس الايراني الذي يتعرض بالفعل لانتقادات من جانب خصومه المحافظين والاصلاحيين على السواء غضب التجار. فحكومته تتعرض لمتاعب اقتصادية مع فرض موجة جديدة من العقوبات الخارجية على ايران خامس أكبر منتج للنفط في العالم. ووجه أحمدي نجاد طعنة للفصائل السياسية المنافسة الاسبوع الماضي باعلانه أن "النظام ليس به الا حزب واحد هو حزب ولاية الفقيه" مشيرا الى الامام الغائب الذي يمثله حاليا الزعيم الاعلى الايراني اية الله علي خامنئي. ويقابل أحمدي نجاد الضغوط الخارجية بنفس هذه الروح القتالية فقد سخر من العقوبات قائلا انها "مثيرة للشفقة" وتعهد بمواصلة البرنامج النووي الذي تقول ايران انه يسعى للحصول على طاقة نووية وليس امتلاك سلاح نووي كما يعتقد الغرب. وقال علي رضا نادر المتخصص في الشؤون الايرانية في مؤسسة راند للبحوث والتنمية "اقتصاد ايران الضعيف يثير الاستياء في البلاد. وزادت العقوبات من الشعور بالمتاعب الاقتصادية." غير انه لا يرى دلائل تذكر على أن الحكومة الايرانية ستغير مسارها فيما يتعلق ببرنامجها النووي. وقال "في مواجهة الاستياء قد يشدد أحمدي نجاد والحرس الثوري بدرجة أكبر قبضتهما على المجتمع بما في ذلك سوق التجارة من أجل تحقيق أهدافهما الداخلية والخارجية." فقد سحق أحمدي نجاد مدعوما بخامنئي والحرس الثوري المظاهرات التي اجتاحت الشوارع والتي أعقبت فوزه بولاية ثانية في الانتخابات التي جرت في يونيو حزيران عام 2009 وان كان مازال يتعين عليه اسكات المرشحين الخاسرين مير حسين موسوي ومهدي كروبي. ويبدو كذلك أن الرئيس الذي انتخب لاول مرة في عام 2005 يميل لتغيير الصف القديم من الزعماء المحافظين ورجال الدين الذين يرجع نفوذهم الى قيام الثورة الاسلامية عام 1979. ويستاء كثيرون منهم من تزايد نفوذ حلفاء أحمدي نجاد داخل الحرس الثوري وصعودهم الاقتصادي والسياسي كما يربكهم تمسكه الغامض بنظرية الامام الغائب. وكان محافظون مثل علي لاريجاني رئيس البرلمان وهو من كبار منتقدي السياسات الاقتصادية لاحمدي نجاد قد طلبوا ضمنا من خامنئي صاحب أعلى سلطة في البلاد أن يكبح جماح رئيس الدولة لكن دون جدوى. وهذا الشهر بدأ كبار التجار وهم مجموعة ساندت بحماس رمز الثورة الاسلامية اية الله روح الله الخميني في صراعه ضد شاه ايران الراحل اضرابات احتجاجا على محاولات رفع ضريبة القيمة المضافة (المبيعات) بنسبة 70 بالمئة. وخففت حكومة طهران من موقفها فحتى أحمدي نجاد شعر ان ابعاد كبار التجار يمثل مخاطرة تهدد باضطرابات جديدة. وقال رسول نفيسي من جامعة ستريار في فرجينيا "أي حدث صغير من شأنه اثارة سلسلة جديدة من الاحداث. لذلك تحاول الحكومة وأد أي بادرة اضطراب في مهدها بممارسة أكبر ضغط ممكن وبالتهديد ومحاولة استمالة المنشقين." وكانت الزيادات الضريبية جزءا من خطط اصلاح اقتصادي أوسع نطاقا تشمل خفض الدعم وتهدف الى تحسين مالية الدولة. وربط نفيسي بين الاستياء وتهميش حزب مؤتلفة اسلامي (الائتلاف الاسلامي) الذي يشكله اساسا كبار التجار وهو حزب مقرب من الرئيس الاسبق أكبر هاشمي رفسنجاني وبين مخاوف أصحاب المتاجر من أنهم يخسرون تفوقهم الاقتصادي لصالح الحرس الثوري. وحتى الان لم تظهر دلائل تذكر على وجود أي صلة بين التجار التقليديين وبين الحركة الخضراء الاكثر ليبرالية التي تكسب قوتها في الاساس من الشبان والنساء. ويقول كيفان هاريس استاذ العلوم الاجتماعية بجامعة جونز هوبكينز ان أي تحالف من هذا النوع قد يظهر فقط اذا روج الاصلاحيون لرؤية شاملة تضمن مكانا للتجار. ويضيف انه حتى اذا حدث ذلك فان ارساء الدولة القوية التي يدعو لها أمثال موسوي والتي تكون أكثر قدرة على جباية الضرائب وتوزيع الدعم بشكل أكثر عدالة وفعالية قد لا يخدم مصالح التجار الذين اعتادوا على مبدأ "دعه يعمل دعه يمر" في الاداء الاقتصادي. ويبدو أنه تم احتواء الاحتجاجات لكن كما حدث في عام 2008 أجبر كبار التجار الحكومة مرة أخرى على تقليص مطالبها الضريبية. أما الحركة الخضراء المعارضة ذات القاعدة العريضة والاهداف الاكثر شمولا فلم يعد لديها الكثير الذي يمكن أن تعرضه في احتجاجات الشوارع التي أصبحت نادرة الان. لكن الزعماء الاصلاحيين يطلقون الانتقادات الحادة بين الحين والاخر. وهذا الشهر انتقد كروبي خامنئي قائلا "تكثر في تاريخ الشيعة الحالات التي اعتبر فيها انتقاد الحاكم ليس مجرد ضرورة بل واجب ديني." ويقول موسوي أن رفض أحمدي نجاد لقرار الاممالمتحدة يوم التاسع من يونيو حزيران بفرض عقوبات جديدة على ايران باعتباره لا يزيد عن مجرد "منديل مستعمل" يخفي الضرر الحقيقي الذي قد تلحقه العقوبات. وأضاف "من الواضح تماما أن القرار سيؤثر سلبا على أمن البلاد واقتصادها" متوقعا تباطؤ النمو وارتفاعا في معدل البطالة وتراجعا في مستوى المعيشة واتساعا في الفجوة بين ايران ودول نامية أخرى. ورأت جماعة اصلاحية أخرى أن "التمييز" الذي تمارسه الدولة هو السبب في حالة الاستياء التي حركت متمردين سنة كانوا وراء تفجيرين انتحاريين أسفرا عن مقتل 28 شخصا على الاقل في مسجد شيعي في جنوب شرق ايران الاسبوع الماضي. ومازال هناك المزيد من التحديات التي يتوقع أن يواجهها أحمدي نجاد الذي تعهد بالبدء في خفض دعم الدولة المكلف للوقود والغذاء اعتبارا من سبتمبر أيلول المقبل وهي سياسة تغامر بزيادة التضخم لكن من شأنها كذلك الحد من تضرر ايران من العقوبات الخارجية عن طريق تقليل الاستهلاك وخفض تكاليف الواردات. وقال مهر زاد بوروجردي مدير دراسات الشرق الاوسط في جامعة سيراكيوز "من المفارقات أن تنتهي العقوبات بتعزيز قوة النظام الايراني على المدى الطويل اذا تمكن من تحمل الاضطرابات في الاجل القصير وهو ما أتوقع أن يحدث." وأضاف "العقوبات ستعطل وتؤخر قطاع النفط والغاز الايراني لكنها لن تجبر النظام الايراني على التسول من العم سام. ولكي يحدث ذلك يتعين أن تشدد العقوبات بدرجة أكبر بكثير."