بثّت الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تطلق على نفسها اسم ''القاعدة ببلاد المغرب''، مساء أول أمس، تسجيلا مصورا للرهائن الفرنسيين الأربعة المحتجزين لديها في منطقة الساحل، منذ 16 سبتمبر المنصرم بمنطقة ''أريت'' شمال النيجر، يستنجدون فيه بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ويدعونه إلى الإستجابة لمطالب التنظيم الإرهابي، والمتمثلة أساسا في الإنسحاب العاجل للقوات العسكرية الفرنسية من الأراضي الأفغانية. التسجيل الذي تناقلته عدد من المواقع ''الجهادية'' عبر شبكة الأنترنت، عبارة عن مقطع فيديو من 3 دقائق و 36 ثانية بعنوان ''رسائل الأسرى الفرنسيين لرئيس فرنسا ساركوزي''، تم إعداده بتاريخ 24 أفريل المنصرم، يصور في البداية أتباع التنظيم الإرهابي بصدد التمرن على استعمال مختلف الأسلحة الرشاشة في عمق الصحراء محاطين بعدد من السيارات الرباعية الدفع، أغلبها من نوع تويوتا ستايشن''، قبل نقل مقاطع صوتية للرهائن الأربعة التقطت في الفترة الممتدة بين 11 و13 أفريل الجاري، وتم نسبها إلى صور كل رهينة على حدى، بشكل يظهرون راكعين تحت تهديد السلاح إلى جوار رجال ملثمين يحملون بنادق ''كلاشنيكوف'' أو رشاشات آلية من النوع الثقيل ''أف، أم، بي، كا''، ويتعلق الأمر بكل من ''بيير لوغرون'' 25 سنة، ''دانييل لاريب''،''تيري دول'' 30 سنة و ''مارك فيري'' 43 سنة. وبعد أن حملت مقاطع الفيديو تذكيرا ببيانات مختلفة، ردد هؤلاء نفس الرسالة الصوتية، التي جاء مضمونها ''نحن نتوسل رئيس الجمهورية الفرنسية نيكولا ساركوزي الإستجابة لطلب القاعدة، بأن تسحب فرنسا القوات الفرنسية من أفغانستان، لأن الفرنسيين ليس لهم مصلحة حقيقية في الحرب في أفغانستان.'' تصوير الرّهائن تم في مناطق مختلفة ويرى متتبعون للشأن الأمني، أنّ الشريط المنشور يؤكد أنّ الرهائن متواجدون في مناطق مختلفة، وذلك بحكم اختلاف التّواريخ التي نقلت فيها تصريحات الرعايا الفرنسي، حسبما أدلوا به خلال سردهم للرسالة الموجة للرئيس ساركوزي، حيث أنّه وبالرغم من عدم احترام هذا، ترتيب التصريحات خلال تركيب الشريط حسب تواريخ التقاطها، إلاّ أنّ البداية كانت بكل من ''دانييل لاريب'' و ''تيري دول'' بتاريخ 11 أفريل، ثم في اليوم الموالي ''بير لوغرون''، وفي الأخير مارك فيري في 13 من نفس الشهر، ويعتمد المحللون في طرحهم زيادة على ذلك على اختلاف خلفيات التقاط صور الرهائن التي تتنوع بالنسبة لكل رعية، حيث يبدو بعضهم محاطا بشخصين فقط وبالنسبة للبعض الآخر ثلاثة أشخاص مسلحين برشاشات آلية وكلاشينكوف ويرتدون ألبسة أفغانية، كما استعملت في بعض لقطات الشريط المصور دون أخرى علما أسود عليه عبارة ''لا إله إلاّ اللّه محمد رسول الله'' بينما تم الإستغناء عنه في حالتين. وما يعزز هذه الفرضية أكثر، هو امتزاج تصريحات ''تيري دول''، بصوت تغريد عصافير، وهو ما يصعب تصوره، من منطلق أن الرهائن محتجزين في عمق الصحراء، بحيث يرجح خبراء أمنيون، تعمّد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تفريق الرهائن على جبهات مختلفة، وذلك تحسبا لأي محاولة تدخل عسكري لتحرير الرهائن في حال اكتشاف مكانهم، وتفاديا لتكرار سيناريو العملية الفرنسية الفاشلة التي خاضتها القوات الفرنسية لتحرير الرعية '' ميشال جرمانو''. فرنسا ترفض تلقي سياسات من مختطفي الرهائن وفور نشر التسجيل، أكد الوزير الفرنسي للشؤون الأوروبية لوران فوكييه، أنّ باريس لن تسمح لخاطفي الرهائن أن يملوا عليها سياساتها الخارجية، موضحا في تصريح إذاعي، أنّ المهمّة الأولى هي ''إخضاع التسجيل لدراسة الخبراء، والتأكد على الأخص من أنّه شريط يثبت أن رهائننا على قيد الحياة، ومن ثم تكمن المهمّة الثانية في فعل كل ما أمكن للإفراج عنهم''، مشددا على أنّ ''المعروف هو أن السياسة الفرنسية الخارجية لا يمليها منطق خطف الرهائن''.