أوامر بتحيين أجندة ''عمليات المداهمة'' وإعادة بعثها على الصعيد المحلي عقد أمس اللواء أحمد بوسطيلة، قائد سلاح الدرك الوطني بقسنطينة، اجتماعا رفيعا مع كبار إطارات القيادة الجهوية الخامسة، قصد ضبط مخطط الإستراتيجية الأمنية الواجب إتباعها في مواجهة التنامي الإجرامي والجنوح الخطير اللذين تعرفهما المنطقة، وفقا للمعطيات الجديدة التي فرضتها تردي الأوضاع الأمنية في عدد من دول الجوار، على غرار تونس وليبيا. ويأتي هذا الإجتماع، على هامش زيارة عمل وتفقد يقودها اللواء لمختلف الوحدات الميدانية شرق البلاد، قصد الوقوف عند مدى تأهب وجاهزية أفراد الدرك للتدخل لاسيما بعد انتشار ظاهرة اللأمن في المنطقة، بحيث تعد الزيارة الميدانية الثانية من نوعها، بعد تلك التي أجراها منذ حوالي أسبوع إلى الجنوب الشرقي للبلاد، أين اطلع على التدبيرات الأمنية المتخذة لتأمين الحدود الوطنية و حماية الأراضي الجزائرية من أي تسلل أو اختراق غير شرعي، من شأنه زعزعة استقرار البلاد أو المساس بأمنه الداخلي وسلامة مواطنيه، في حين خص زيارته الأخيرة التي ستدوم إلى غاية الغد، على أن تشمل كل من ولاية باتنة، قسنطية، سوق أهراس، عنابة والطارف، لتدشين عدد من الوحدات الإقليمية ووحدات تدخل، على غرار مركز التدريب للدرك الوطني بعين مليلة. وحسبما تسرب من الإجتماع الرّفيع الذي جرى بحضور كبار المسؤولين في الجهاز على مستوى شرق الوطن، فقد علمت ''النهار'' أنّ قائد سلاح الدرك الوطني، قد اغتنم اللقاء لرسم المحاور الكبرى لتطوير وعصرنة المؤسسة بالموازاة مع تكييف الوسائل الردعية للدرك الوطني، مع المعطيات الجديدة الناتجة عن الجريمة المنظمة وشموليتها، وذلك انطلاقا من محورين أساسيين يتمثلان في تعزيز عامل الوقاية، مع تحديد النسيج الإقليمي وتعزيز قدرات المراقبة والتدخل من أجل إعادة تثمين الإحساس بالأمن لدى المواطن وصد المظاهر الإجرامية، فضلا عن اللجوء إلى الوسائل والطرق التقنية والعلمية، من أجل تفضيل أحسن تسيير للأوضاع الأمنية التي تبدو شيئا فشيئا أكثر تعقيدا، مع مضاعفة فعالية عمل الدرك الوطني وحماية أكثر للحريات وحقوق المواطنين. وربطت مصادرنا خلفيات انعقاد هذا الإجتماع، بالأوضاع الأمنية التي تمر بها عدد من دول الجوار التي تعرف حالة من اللاستقرار انعكست سلبا على الشريط الحدودي الجزائري، الذي تأثر بتنامي ظاهرة التهريب بمختلف أشكالها، والتي باتت تستهدف المواد والمنتوجات الغذائية المدعمة من قبل الدولة، كإجراء استثنائي لدعم القدرة الشرائية للمواطن، على خلفية الأزمة الإقتصادية العالمية وما نتج عنها من ارتفاع في المواد الغذائية ذات الإستهلاك الواسع. حجز 15.5 طن من المواد الغذائية المهربة وتوقيف 174 شخص وتؤكد الأرقام المسجلة من قبل مصالح الدرك الوطني خلال شهر أفريل المنصرم، حيث أحصت قيادة السلاح معالجة ما لا يقل عن 403 قضية في مجال التهريب، أسفرت عن توقيف 174 شخص من بينهم 9 نساء، أودع 36 منهم الحبس، في حين تمثلت المحجوزات في قرابة 15.5 طن من المواد الغذائية، إلى جانب 25 ألف علبة سجائر وحوالي 159 ألف لتر من الوقود، فضلا عن 10 رؤوس من الغنم، فيما تم حجز 125 سيارة و12 دراجة نارية كانت تستعمل من قبل المهربين في نقل البضائع. اشتراط تحقيق النتائج كقاعدة لتقييم وترقية أفراد السلاح وفي إطار الرقي بجانب الإحترافية والمهنية داخل المؤسسة، فضلا عن العمل على رفع مستوى أداء أفراد السلاح وكذا تكليف الأشخاص الأكفاء بالمناصب والمهام الحسّاسة، فقد شدّد قائد قوات الدرك الوطني، على جعل مبدإ إلزامية تحقيق النتيجة، بمثابة القاعدة الأساسية لتقدير وتقييم الرجال، من منطلق أن مجهودات تطوير وعصرنة الدرك الوطني، تهدف قبل كل شيء إلى تحقيق أحسن نوعية للخدمات المقدمة لفائدة المواطن، وهذا في إطار شرعية العمل، الإستقامة في التقدير والإحترافية العالية. ستعمل في شكل فرق ثابتة ومتنقلة بمحطات القطار تجنيد 3500 عون من وحدات التدخل لتأمين السكك الحديدية جندت قيادة الدرك الوطني، ما يزيد عن 3500 عون من وحدات التدخل، من أجل تأمين ومراقبة محطات القطارات، بهدف المساهمة في إعادة بعث النقل بالسكك الحديدية، حسبما أكدته مصادر مسؤولة من قيادة سلاح الدرك. ويأتي مشروع إعادة تنصيب فرق تأمين القطارات وضمان سلامة المسافرين عبر السكك الحديدية، بعدما تم استخلافها في وقت مضى من قبل فصائل الأمن والتدخل، بالموازاة تفاقم أشكال الإجرام خلال العشرية الأخيرة، وهو المقترح الذي حظي بالموافقة، ومن شأنه أن يدخل حيز التطبيق عبر كامل التراب الوطني في غضون الأسابيع القليلة القادمة، إثر الانتهاء من عصرنة الإطار التنظيمي وإعادة هيكلة المصالح والأعوان الذين سيتولون الإشراف على المشروع. وحسبما علمت''النهار''؛ فإنّ إنشاء هذه الفرق يعود إلى سنوات التسعينات، أين كانت تابعة إلى قيادة الدرك الوطني وتعمل تحت التأطير المباشر للمجموعات الولائية، بحيث تتولى إلى جانب أجهزة أمن مؤسسات النقل، ضمان أمن المسافرين عبر السكك الحديدية وسلامة ممتلكاتهم مع تأمين ممرات القطارات، وقمع الإعتداءات أو التهديدات التي يمكن أن تواجهها أو تعرقل مسارها، مع استعدادها التام للتدخل الفوري عند وقوع أي حادثة، غير أنّ الفترات العصيبة التي مرت بها بلادنا والحاجة الماسة لكامل التعداد الأمني البشري لمواجهة فلول الإرهاب وتنامي أشكال الإجرام، حال دون استمرار وجود ذات المصالح وكان سببا رئيسيا في حلها، لتتولى في وقت لاحق الفصائل الخاصّة للتدخل نفس المهمة، قبل أن تتنازل عنها للأمن والتدخل فور إنشائها مطلع سنة 2007 وذلك في شكل درويات أمنية ومداهمات فجائية على متن القطارات سمحت بتقليص مستوى الجريمة والإعتداءات التي يتعرض لها المواطنون خلال سفرهم، ومن ثم بعث الطمأنينة والإستقرار من جديد في نفوس مستعملي السكك الحديدية. بعد اللّجوء المتزايد إلى هذه الأساليب خلال الإعتداءات الأخيرة الصاعقة تتولى رسكلة أفراد السلاح في مجال التصدي للكمائن الإرهابية اعتمدت قيادة الدّرك الوطني تقنيات أمنية جديدة تتماشى مع الأساليب التي ابتكرتها الجماعات الإرهابية لتنفيذ اعتداءاتها المسلحة، والتي باتت تميل إلى حرب العصابات والإعتماد على عنصر المفاجئة، فضلا عن نصب الكمائن لاستهداف قوافل ومواكب قوات الأمن بمختلف أسلاكها لاسيما في المناطق النائية والوعرة، لمحاولة تحقيق صدى إعلامي، بعد أن فشلت في اختراق الطوق الأمني المفروض على العاصمة التي لم تشهد أي عمل إجرامي منذ أزيد من 3 سنوات. وحسبما أكدته مصادر مطلعة ل''النهار''؛ على هامش زيارة المعاينة التي قام بها صبيحة أمس قائد سلاح الدرك الوطني اللواء أحمد بوسطيلة، لمخيم وحدات التدخل وميدان التدريب على مستوى عين ياقوت بباتنة الذي يشاركه فيه قرابة 6000 عون من مختلف الوحدات، فإن التقنيات الجديدة تعتمد على تحضير دفاعي وتنفيذ أعمال قتالية للفرد ضمن الجماعة وضمن وحدة التدخل وفق السيناريوهات المحتملة، بحيث تأخذ طابع نظرة استشرافية لاستباق كل الأفعال المحتمل وقوعها وتراعي جميع الظروف والأساليب التي طورتها الجماعات الإرهابية في الفترة الأخيرة. وفي هذا الصدد؛ فقد باشرت وحدات التدخل وفضائل الأمن والتدخل مؤخرا، التدرب على تمارين ومناورات تحت الإشراف المباشر لقوات ''الصاعقة ''، أو ما يعرف بالمفرزة الخاصة للتدخل، على غرار تلك التي أعدها أفراد السلاح المشاركين في مخيم ولاية باتنة، بمناسبة زيارة اللواء أحمد صالح، والتي تناولت مواضيعها تمارين تطبيقية متعلقة بمخططات الدفاع ومكافحة الحرائق، إضافة إلى طرق التفخيخ المبتكرة من طرف الجماعات الإرهابية وكيفية التعامل معها وكذا تقنيات التدخل والقتال للرد على الكمين، فضلا عن أساليب تحطيم مقاومة منعزلة والتنقل في مناطق غير آمنة. وأوكلت مهمة الرسلكة، حسبما أوضحته مصادرنا لقوات ''الصاعقة''، أو ما يعرف لدى العامية ب ''الدي.اس. اي'' باعتبارها السلاح الرئيسي لقوات الدرك في مكافحة الإرهاب، نظرا إلى المعايير الصارمة في عملية انتقاء المرشحين للإتحاق بصفوفها وطبيعة التكوين القاسي الذين يتلقونه خلال التدريب، إضافة إلى الخبرة الميدانية الكبيرة في مجال محاربة الإرهاب والتي تعتبر من بين المهام الأساسية المنوطة بها منذ إنشائها سنة 1983 ورغم أن وحدات الدرك الوطني تسهر على ضمان التكوين الدائم والمستمر لعناصرها طوال السنة، إلا أن تسليط الضوء على هذه التقنيات الجديدة والحرص على اعتمادها في السلوكات اليومية والروتينية للأفراد السلاح، تمليه -حسب ذات المصادر- الظروف الراهنة والتي تميزها اللجوء المتزايد إلى حرب العصابات والإعتماد على عنصر المفاجأة من قبل الجماعات الإرهابية في تنفيذ عمليات إجرامية، على غرار الإعتداء الأخير الذي استهدف منذ حوالي أسبوعين مركزا تابعا للجيش بولاية جيجل، أسفر عن استشهاد ثمانية عسكريين.