انتهت الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية أمس، وبدأ الاستعداد لليوم الفصل الذي سيقول فيه الشعب كلمته للسلطة والأحزاب على حد السواء، بعد الأسابيع الثلاثة التي ظهرت فيها الأحزاب السياسية والمترشحين الأحرار، بخطاب انتخابي، أقل ما قيل فيه أنه لم يرق لمستوى استقطاب المواطنين، بالإضافة ما تضمنه من تركيز على تسويق وعود أخرت وزير الداخلية دحو ولد قابلية عن صمته بوصفه وعود المترشحين المقدمة للمواطنين بالمغالطات المنفرة من الانتخاب، ما قد يجعل ولد عباس محقا عندما أعلن عن مخطط صحي استعجالي خاص بالانتخابات، تحسبا لعدد حالات المغمى عليهم بسبب الفشل والحرمان من نعيم البرلمان. استهلكت الطبقة السياسية أمس آخر أيام الحملة الانتخابية التي باشرتها على مدار ثلاثة أسابيع بدءا من تاريخ 15 أفريل وإلى غاية 6 ماي الحالي، مخلفة تركة ثقيلة من الانتقادات التي وجهت للحملة الانتخابية سواء من حيث الخروقات المرتكبة بالجملة في القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، أو من حيث مضمون الخطاب الانتخابي أو حتى ما يتعلق بطبيعة المترشحين وقدراتهم واستعداداتهم للعمل البرلماني. فقد انطوت الحملة الانتخابية التي وصفتها الداخلية ب "الباردة" على تسويق خطاب يتضمن وعود المترشحين بتحقيق طموحات اجتماعية تشغل المواطن وتؤرق حياته اليومية، بينما وظيفة النائب بعيدة كل البعد عن التنفيذ وتجسيد البرامج، على غرار برامج السكن والشغل وقضايا الصحة والتمدرس والنشاط الجمعوي والرياضي ومسائل التنمية والاستثمار المحلي، وبكل حيرة وذهول ظل المتابعون للشأن الانتخابي في الجزائر يتلقون وعود بعض المترشحين بتحويل دوائرهم الانتخابية إلى جنات فوق الأرض، واضعين أنفسهم موضع الولاة بصفتهم المسؤولين التنفيذيين المحليين. وانطوت هذه الحملة أيضا، على مغالطات في تصوير وظيفة النائب بذلك الشخص الذي بيده الحل والعقد، وليس ذلك النائب الذي ينتمي لحزب سياسي يأتمر بأوامره وينهي بنواهيه، فكيف يقدم وعودا مسبقة قد تتعارض مع توجهات الحزب وتكتلاته والتزاماته السياسية المستقبلية؟ وكشفت الحملة عن خروقات بالجملة لقانون الانتخابات، بدءا بما تداولته مصادر عن ترشح مسبوقين قضائيا، وترشح مسؤولين في جمعيات ومنظمات جماهيرية، بينما قانون الجمعيات يمنعهم من التسييس، بالإضافة إلى فضائح تمويل الحملة الانتخابية التي صرف فيها المقاولون وأصحاب المال بلا حسيب ولا رقيب من أجل الوصول إلى قصر زيغود يوسف، حتى أن من المترشحين من استأجر في كل بلدية مداومة له ومن ماله الخاص فضلا عن توظيف العشرات من المداومين والمكلفين بتلصيق القوائم الانتخابية والملصقات الدعائية، ليبقى السؤال من أين هذه الأموال ولماذا كل هذه الحماسة لضخها من الحساب الخاص للمترشح؟ وقد يكون وزير الصحة جمال ولد عباس محقا عندما أعلن عن مخطط صحي استعجالي يوم الانتخاب ربما لتأكده من حصول إغماءات بالجملة بسبب السقوط على طريق البرلمان. هذا وستكون الأيام القليلة الفاصلة عن الاقتراع يوم 10 ماي، لقيام الأحزاب بتقييم حملتها الانتخابية وتقديم تقارير عن سير العملية بإيجابياتها وسلبياتها، وسوف لن يخرج كل من الأحزاب المتنافسة عن قاعدة "فولي طياب" بتقديم نفسها على أنها البديل والمنقذ من الأزمة، وسيكون سلاح عدم تساوي الفرص وتكافئها حجة الأحزاب في تبرير أي هزيمة تلحق بها، في انتظار سير الانتخاب الخميس المقبل، بعدما تكون الجالية الجزائرية في الخارج قد أنهت الانتخاب الذي انطلق أمس بصفة محتشمة في كل دول أوروبا وأمريكا عدا فرنسا بسبب الانتخابات الرئاسية في البلد، مع توقع ارتفاع نسبة الإقبال مساء اليوم، بسبب ظروف عمل وإقامة أفراد الجالية. وستعرف قلائل الأيام الفاصلة عن يوم الاقتراع أيضا مزيدا من الجدل حول تأخر تسليم الداخلية لسجلات الهيئة الانتخابية للأحزاب والمراقبين الدوليين المتوافدين على الجزائر ليشهدوا سير أصعب عملية انتخابية يشهدها البلد منذ الاستقلال.