ليس غريبا أن يشتكي مواطنو منطقة ما من الجزائر العميقة من غياب للتهيئة أو نقص في التزود بمادة حيوية هي بالنسبة إليهم أكثر من ضرورة، وليس غريبا أن تتماطل السلطات المعنية في الاستجابة لهذه المطالب بعض الوقت، لكن الغريب فعلا هو أن تدوم المعاناة عقودا من الزمن، هذه هي الوضعية الكارثية التي يتخبط فيها سكان “كاف خضرة” ببلدية الدوسن التابعة لدائرة أولاد جلال بولاية بسكرة. روبورتاج/ ص.شتح يزيد عدد سكان هذه القرية عن الألف نسمة، وقاطنوها هم فلاحون في أغلبهم أبا عن جد، ولا بعد عن مقر البلدية سوى ببضع كيلومترات، هذه البلدية التي تعد بلدية فلاحية بامتياز، حيث تنتج مختلف أنواع الخضر بالإضافة إلى بعض الفواكه، كما تزخر بآلاف النخيل التي تدر عليهم بالربح الوفير من خلال منتوج دقلة نور المشهورة عالميا. إنها بلدية الدوسن التي تقع على بعد 80 كلم إلى جنوب غرب عاصمة الولاية بسكرة، والتي يهتم مواطنوها كذلك بتربية الأغنام والأبقار الحلوب. مواطنو كاف خضرة لم يكلوا ولم يملوا من رفع انشغالاتهم، علها تلقى آذانا صاغية، واتصلوا ب ‘السلام اليوم' التي كان لها وقفة مع بعضهم لتنقل هذه الانشغالات عبر صفحاتها إلى من لديهم الحل والربط، وتتلخص هذه الانشغالات في نقاط ثلاث بعينها. وصل للبئر ورجع عطشانا هذا مثل يقال لمن وصل لنبع الماء ولم يشرب منه، وهذا ما ينطبق فعلا على سكان كاف خضرة، حيث قامت الجهات المعنية بحفر منقب للمياه سنة 2005، وتم التأكد من أن هذا المنقب يمكنه تزويد السكان بكميات وفيرة من المياه الصالحة للشرب، إلا أن الأمر توقف عند هذه النقطة ولم يتم لا تجهيزه ولا بناء خزان لتزويد السكان بما يحتاجونه من مياه، خاصة وأنهم يشترون هذه المادة الحيوية يوميا من أصحاب الصهاريج المتنقلة. تجدر الإشارة إلى أنه وفي منتصف سنة 2007 تم توصيل المنقب بالكهرباء، كما تم تعيين مقاول لبناء الخزان، لكنه لم يشرع في الأشغال وغادر المكان، ليتم تعيين مقاول آخر في أواخر 2010 إلا أنه لم ينجز سوى ما نسبته أقل من 10 بالمائة، ليغادر المكان هو أيضا. وبقيت دار لقمان على حالها، فلا الأشغال أكملت ولا المواطنون استفادوا من المياه الصالحة للشرب التي بقيت حبيسة باطن الأرض، والسبب في ذلك يرجع إلى عدم اتخاذ قرار فقط، من شأنه أن يعود بالخير على الجميع. لا يكلف سوى 1 كلم من الخرسانة الزفتية والمقصود هنا هي الطريق التي يسلكها سكان حي كاف خضرة للولوج إلى حيهم، انطلاقا من الطريق الولائية رقم 5 الرابطة بين بلديتي الدوسن وليوة. هذه الأخيرة تم تعبيدها مؤخرا ليحل بذلك جزءا كبيرا من المعاناة التي كان يتكبدها عابروه وأغلبهم من الفلاحين. وبالعودة إلى مطلب أهل حي كاف خضرة، فإنه يتمثل في تعبيد جزء صغير من الطريق أو المسلك الذي يجتازونه يوميا لقضاء حوائجهم أوما تجود به أراضيهم من خيرات من شتى أنواع الخضر والفواكه والتمور، هذا المسلك الذي لا يصلح للسير عبره في الأيام العادية، فما بالك إذا ما تهاطلت الأمطار، الأمر حينئذ يصبح شبه مستحيل. وينطلق من الطريق الولائي رقم 5 ليمتد على مسافة كيلومتر واحد باتجاه ملتقى وادي تامدة والخافورة، ويأخذ اتجاهه بعدها إلى غاية بلدية لغروس التي تعد عاصمة للبيوت البلاستيكية بدون منازع، هذا المسلك الذي إذا ما أنجز سيعود بالخير الوفير على أهالي كل المناطق التي يمر بها. الأمر هنا وعلى لسان قاطني حي كاف خضرة لا يتعلق بالطريق الذي يربط حيهم ببلدية لغروس، لأنه ربما قد يتطلب أموالا كبيرة ودراسات وموافقات ومعارضات، وإنما يطالبون بكلم واحد فقط من هذه الطريق، والتي سيحل في نظرهم العديد من المشاكل. منشأة فنية ....في غاية الأهمية مشكل آخر يطرحه سكان حي كاف خضرة، ويرون أنه لا يقل أهمية على سابقيه، وهو انعدام منشأة فنية على ملتقى وادي تامدة والخافورة، هذا الأخير الذي يفصل بينهم وبين العالم الخارجي، وقد حرمهم أكثر من مرة بالفعل من مغادرة بيوتهم حين تهاطلت الأمطار بكميات معتبرة. وهو الأمر الذي دفع بالكثير منهم إلى الهجرة إلى أماكن مختلفة، ومن بقي منهم لا يزال يكابد عناء التنقل من وإلى الحي. مرة بولوج ملتقى الوادين العميق، وأخرى بعبور المسلك المتهالك بفعل العوامل الطبيعية. هذا وقد أكد لنا بعض من التقينا بهم أنه وحين نزول الأمطار، لا يمكن لأي منهم أن يغادر بيته لمدة لا تقل عن 20 يوما، فالحامل تضع مولودها في البيت، وهو ما حدث فعلا أكثر من مرة، والطفل المتمدرس لا يذهب إلى مدرسته، ولا شيء مما تجود به أرضهم يمكن تسويقه إلا بعد انقضاء مدة جريان الواديين. لذلك وبعدما تقدم يرى هؤلاء المواطنون أن إنجاز المنشأة الفنية يعد أمرا في غاية الأهمية، وسيضع حدا لمعاناتهم إذا ما تم. تجدر الإشارة في الأخير إلى أن سكان حي كاف خضرة قد بعثوا بالعديد من الرسائل إلى كل من رئيس المجلس الشعبي البلدي السابق ورئيس دائرة أولاد جلال ووالي ولاية بسكرة، كما وجهوا رسالة إلى وزير الداخلية والجماعات المحلية، إلا أن شيئا مما سبق ذكره لم يتم التكفل به، لتبقى المعاناة مستمرة إلى حين النظر فيها بجدية من طرف السلطات المحلية والجهات الوصية.