تعد النظارات الشمسية من أهم الإكسسورات التي يزيد الإقبال عليها في فصل الصيف، لتكتسح تجارة الأنواع المقلدة منها العديد من الأسواق والمحلات، ما يشكل خطرا حقيقيا يتربص بمن تغريهم أسعارها، ليكون الثمن فقدان القدرة على البصر في ظل غياب رقابة صارمة على هذه السلع التي تهدّد صحة المستهلك. يتهافت كثير من كبار السن، الشباب وحتى الأطفال على اقتناء النظارات الشمسية المقلّدة، ورغم إدراك الكثير منهم بأنها تشكل خطورة على حاسة البصر، إلا أن يقدمون تبريرات مختلفة لذلك الإقبال المتزايد. فمنهم من يراها سوى إشاعات حول هذا النوع من السلع وهو ما حاولت إقناعنا به إحدى الزبونات التي وجدناها تجّرب نظارات مقلدة بسوق ميسونيي بالعاصمة، حيث تقول إنها ومنذ أن كانت صغيرة لا تشتري سوى النظارات المقلّدة ولم تصب إلى يومنا بضعف البصر. لذا تعتبرها مجرد إشاعات تعمد إليها بعض الشركات الخاصة بصناعة النظارات الطبية من أجل ضرب السلع المقلدة والترويج لمنتوجاتها، أما نور الدين فيؤكد أن النظارات الشمسية المقلّدة لها أشكال مختلفة أكثر جمالا ورونقا، مما تعرضه محلات بيع النظارات الطبية التي تعرض أشكالا كلاسيكية للغاية على حد رأي المتحدث. نادية هي الأخرى زبونة وفيّة لمحلات بيع النظارات المقلّدة خاصة في فصل الصيف حيث تقتني أكثر من نوع واحد، وحسبها فإن هذه النظارات أكثر جاذبية وأقل سعرا ولا تعتقد أن هامضّرة لأنها لو كانت فعلا كذلك، لكانت قد سحبت من الأسواق منذ زمن حسب ما تراه الزبونة المتحدثة. الغاية الجمالية للنظارات الشمسية تطغى على الحاجة الصحية تعتبر النظارات الكبيرة الحجم موضة هذا العصر لكلا الجنسين، وهو ما ما لا توفره بعض محلات بيع النظارات الطبية حيث يقول منير إن السوق الموازية هي الحل الوحيد رغم أنهم يسمعون عن الأضرار التي يمكن أن تخلفها، إلا أن الأسعار المنخفضة تغري الباحثين عن الموضة. في حين تعارضت آراء بعض الزبائن الذين يعتبرون تلك النظارات حماية لأعينهم من ضربات الشمس، فيما أكد البعض إدراكهم الجيّد أنها قد تؤذي بصرهم ولكن يقبلون عليها للغاية الجمالية لا غير. وعن رأي باعة تلك النظارات فيقول صاحب أحد المحلات بمركز التجاري بميسونيي أن ما يعرضه من نظارات ليست محلية الصنع بل هي مستوردة، ما يفسّر ارتفاع أثمانها الذي تتجاوز 800 دينار وهي غير مضرة بالصحة حسبما أكده البائع، الذي يضيف أن التقليد صار يتم بصورة دقيقة جدا، حيث لا يمكن للزبون التفرقة بين النظارات المقلدة والأصلية لولا أن هذه الأخيرة تعرض في محلات تبيع النظارات الطبية، وعن هذه الأخيرة يقول المتحدث ذاته مشككا في عمل بعض محلات بيع النظارات الطبية: "إن التقليد لم يعد مقتصرا على السوق الموازية بل هناك محلات لبيع النظارات الطبية تبيع المقلد بأسعار مرتفعة". هذا ويعتبر الباعة القادمون من بعض الدول الإفريقية المجاورة للجزائر وحتى من بعض الولايات الحدودية الجنوبية أكثرالعارضين للنظارات المقلدّة على الأرصفة بمختلف الأسواق، حيث يوفرون هذه السلعة بأثمان مخفضة ليعاد بيعها في الولايات الشمالية، وهو ما أكده أحد الباعة الذي أشاد بالنظارات المقلدّة بكونها تتوفر على أشكال متنوعة وبمختلف المقاسات، ولا فرق بينها وبين الأصلي على حد قوله سوى الأسعار التي يراها في متناول الجميع، فهي بين 400 و1000 دينار بالنسبة للأشكال الجديدة التي هي على الموضة، فيما نجد نظارات أخرى لا يتجاوز سعرها 300 دينار. النظارات المقلدة تصنع من البلاستيك الضار للوقوف عند الخطورة البيولوجية التي تسببها تلك النظارات المقلدة قصدنا أحد محلات بيع النظارت الطبية بباش جراح، أين أوضح لنا مختار شرقي صاحب المحل أن أغلب التجارب التي أجريت على تلك النظارات المقلدّة، تؤكد أنها ليست مصنوعة من الزجاج المطابق للمعايير الطبية بل من البلاستيك الذي يحتوي على بعض المواد الكيميائية التي تضر العيون. وعن خطر تلك المادة التي يصنع منها زجاج النظارات، يؤكد المتحدث أنها مواد محولة وهي مواد جد خطيرة على صحة المستهلك، يضيف في السياق ذاته: "إن النظارات الشمسية لها أهمية كبيرة في حماية العين من المؤثرات الخارجية كأشعة الشمس والغبار". لكن استعمال تلك النظارات المقلّدة لا يحمي العين بل تركها للشمس يكون أفضل أحيانا"، وأضاف المتحدث ذاته أن النظارات التي غزت الأسواق لا تقتصر على الدول الإفريقية بل هناك منها ما يدخل من الصين، أين يتم تقليد العلامة التجارية الأصلية وإعادة تصديرها، وعادة ما يروج لتلك المنتوجات أنها قادمة من بعض الدول العربية. وفي شرحه لطريقة تأثير تلك النظارات يفصّل صاحب المحل ذاته قائلا: "عندما تكون النظارة داكنة اللون فإن حدقة العين تبقى مفتوحة، وبالتالي تتعرض لكثير من الأشعة فوق بنفسجية التي تدخل عبر تلك النظارات المقلدة إلى الشبكية مؤدية إلى ضرر حاد". ومن الأمراض التي تحدثها تلك النظارات ما يعرف بالماء الأبيض، الذي يقول مختار شرقي بخصوصه أنه كان منتشرا لدى كبارالسن ولكن ظهر بشكل كبير في أوساط الشباب، حيث يزيد هذا المرض من احتمال فقدان البصر بصورة تدريجية بعدما تصاب العين بالعتمة تدريجيا، ولكن هناك بعض الحالات التي تصاب بالعمى الكلي. إطار النظارة والمادة التي يصنع منها كان محل جدال، إذ يؤكد المتحدث أنه يجب أن يخضع هو الآخر لمقاييس عالمية من حيث مكوناته حتى يجنّب الزبون حساسية الجلد. وبخصوص بعض الإتهامات التي توجه إلى محلات بيع النظارات الطبية فيرد صاحب المحّل، أن أغلب تلك المحلات تقدم فاتورة لما قام بشرائه وضمانات في حال تعرضت لخلل، وهو دليل حسب شرقي على مصداقية التعامل مع الزبون. لابد من تدخل الجهة المخولة قانونا لمنع هذه التجارة إن تزايد الإقبال على النظارات الشمسية صار خطرا حقيقيا يتربص بصحة المواطن الذي يبدي إهمالا كبيرا وهو من ساهم في انعاش هذه التجارة. وفي تعليقه على الانتشار المذهل للنظارات المقلدة يقول صاحب محل بيع النظارات الطبية، إن المسؤولية تقع على الهيئات المسؤولة عن رقابة السوق ويقصد تحديدا وزارة التجارة التي ينبغي عليها حجز تلك النظارات المقلدة التي تدخل إلى الأسواق، إضافة إلى الدورالذي يقع على عاتق الجمعيات النشطة في مجال حماية المستهلك التي يجب عليها توعية المستهلك بمختلف أخطارها، خاصة أن الوعي بمخاطر تلك النظارات لا يزال قليلا جدا، وهو الدور الذي يجب أن تلعبه جمعيات حماية المستهلك من أجل نشر ثقافة استعمال نظارات صحية.