لا تزال العديد من الإنتقادات توجّه لشبكة التواصل الإجتماعي فايسبوك من خلال جل السلوكات التي تنّم عن سوء استغلال محتويات الأنترنت، بشكل صار يؤثرعلى عدة جوانب حياتية طالت حتى المردودية في العمل، ليصبح الفايسبوك نقمة على أرباب العمل. تعّد شبكة الأنترنت من الضروريات التي تحتاج إليها العديد من الوظائف وأحيانا يتعطّل العمل في حال عدم وجود هذه الشبكة، إلا أن الظاهرة التي صارت تشهدها العديد من مكاتب العمل هو انشغال كثير من العمال باستخدام مواقع التواصل الإجتماعي، وأشهرها الفايسبوك الذي صار موضة العصر. "السلام" ارتأت من خلال استطلاع لأراء بعض العمال وحتى أرباب العمل الوقوف عند أحد الجوانب السلبية للشبكة العنكبوتية وتأثيراتها على سريان العمل في بعض المؤسسات الخاصة، حيث أكّد بعض من تحدثنا إليهم حول عدد الساعات التي يقضونها في استعمال موقع التواصل خلال فترة الدوام فقد تبانيت الإجابات، فمنهم من يقول إنه يستعمله خلال فراغه من أجل التسلية ومنهم من يعترف بأنه يسترق من وقت العمل من أجل الدردشة، فيما أجمع البعض أن علاقتهم جدّ وطيدة بالفايسبوك ولا يمكنه الإستغناء عنه. برّر بعض الموظفون وبغض النظر عن مدى صدق إجابتهم استعمالهم المفرط لمواقع الإتصال الاجتماعي، بكونها وسيلة هامة في جمع المعلومات التي يرونها جد مهمة لدرجة أن جزءا كبيرا من عملهم قد يرتكز عليها. هجيرة عاملة بإحدى المكتبات الخاصة تقول حول الموضوع: "عادة ما نفتح الفايسبوك بمجرد إشغال جهاز الكمبيوتر لأن عملنا يتطلب منا أحيانا التواصل مع بعض الشخصيات الأدبية"، وبخصوص تأثير الدردشة المفرطة على العمل فترد ذات المتحدثة مؤكدة، أن كل العمال الذين يسهل احتكاكهم بشبكة الأنترنت لا يفوتون عليهم الدردشة على الفاسيبوك، ولكنها لا تذكر أن ذلك عطّل من العمل يوما أو أخّل به. "أنا لا أستطيع العمل إلا وصفحة الفايسبوك مفتوحة"، هذا ما أكده لنا أحد العمال بمؤسسة خاصة فالفايسبوك بالنسبة له وللعديد من زملائه في العمل، محفّز كبير وهو يكسر روتين ساعات الفراغ، وحسب العامل المتحدث فإنه لا يؤثر على العمل مادامت الدردشة تتم قبله أو بعده، وهو تقريبا ما صرحت لنا به سمية عاملة بروضة خاصة فهي لا تستطيع الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر دون استعمال موقع الفايسبوك ، تضيف قائلة: "لا يمكنني أن أبدأ العمل دون أن أتعرف على الجديد الذي طرأ على صفحتي الخاصة، وأقرأ الرسائل الجديدة أو أتعرف على الأصدقاء الجدد". إنّ الفايسبوك هو الأنيس الوحيد لنا خلال ساعات العمل الطويلة، خاصة أنه لا يمكن أن نمضي ثماني ساعات كاملة ونحن بين تلك الملفات والفواتير التي لا تنتهي، هكذا بررت لمياء عاملة بأحد مكاتب المحاسبة استعمالها المفرط لموقع التواصل الإجتماعي المذكور خلال ساعات العمل، وعن ردّة فعل المسؤول فتقول المتدخلة إنها ليست الوحيدة من تفرط في الدردشة بل تؤكد أن كل زملاءها الذين يشاركونها نفس المكتب يلجؤون إلى ذات السلوك ولكن رب ّالعمل لا يحاسب الجميع على حدّ قولها. أرباب العمل بدورهم أكدوا أن مواقع التواصل صارت تؤثر كثيرا على مردودية العمال وتركيزهم في إنجاز مختلف الأعمال، "لقد صار الأمر لا يطاق" بهذه العبارات علّقت مسؤولة عن أحد مكاتب المحاماة في حديثها عن الموضوع، بعد أن اكتشفت أن أغلب الموظفين في المكتب يمضون ساعات النهار على صفحات الفايسبوك بدل إنجاز ما لديهم من أعمال مستعجلة، حيث أصبحت الأولوية على حد قولها للدردشة ويأتي العمل في آخر المطاف. الفايسبوك وراء الكثير من الأخطاء المهنية إن انشغال العامل بصفحة الفايسبوك خلال ساعات الدوام يؤدي إلى فقدانه لتركيزه وهذا ما يبّرر تلك الأخطاء المتكررة في العمل، حيث يؤكد بعض المسؤولين أن العديد من العمال يخطئون كثيرا وإذا جئنا لنفسّر تلك الأخطاء لوجدنا أن الفايسبوك يحتّل نصيبا كبيرا من الأسباب، فهو مضيعة للوقت بسبب كثرة محتوياته من أخبار وما تتطلبه من التعليق عليها، مراسلة الأصدقاء وانتظار الإجابة، ولو كان أحدهم قد خصّص ربع ساعة للفايسبوك فإنه يجد نفسه لساعات أمام تلك الصفحة دون أن يشعر، وذلك يكون على حساب العمل. عمال مهددون بالطرد بسبب الفايسبوك سعى العديد من المسؤولين عن العمال إلى إصدار قرارات تمنع الموظفين من تضييع الوقت من خلال الدردشة على موقع الفايسبوك، حيث من يثبت عليه فإنه يعرّض مرتّبه للخصم، وفي حال تكرّر نفس السلوك فسيكون الموظف مهددا بالطرد من العمل، وهي التعليمات التي فرضت على كثير من العمال في بعض الشركات الخاصة. هذا وأشار مسؤول عن إحدى مؤسسات الاتصال أن النساء هن أكثر تضييعا للوقت عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وهو ما تؤكد خديجة التي تقول إنها تمضي أغلب ساعات العمل في الدردشة مع بعض الأصدقاء والمعجبين وأحيانا لا تجد ما تفعل سوى الدردشة مع زملاء لها رغم أنهم في نفس القاعة، رغم أنها تدرك أن مسؤولها قد سبق له تنبيه بعض العمال وتحذيرهم من الطرد من العمل، بسبب الإفراط في استعمال تلك المواقع أثناء ساعات العمل. إن الفايسبوك تحول من نعمة إلى نقمة من خلال انعكاساته السلبية على الإنتاجية في العمل، بدل أن يكون في خدمتها، فنحن لا ننكر فوائد تلك المواقع في التواصل ولكن سوء الإستغلال جعلها أكثر سلبية. مسؤولون عاجزون عن حجب الفايسبوك عن العمال تباينت أراء بعض المسؤولين حول مدى امكانية منع مواقع التواصل الاجتماعي في العمل، حيث أوضح مشرف على عيادة خاصة أن الفايسبوك قد أصبح محظورا في مؤسساتهم من خلال بعض عمليات المداهمة التي تكون بصورة فجائية، كما أشار بعض العمال أن مسؤوليهم عمدوا إلى فرض بعض أشكال المراقبة على غرار الزيارات المفاجئة للمكاتب، وجعل عدد من الموظفين في فضاء واحد بحيث ما يفعله أحد يعلم به الآخر. وفي السياق ذاته اعترف أحد المسؤولين أنه لا يمكن حجب العمال عن استعمال مواقع الإتصال إلا عن طريق قطع شبكة الأنترنت نهائيا، أو استعمال برامج خاصة تتم من خلالها برمجة جهاز الكمبيوترعلى طبيعة عمل الموظف، واذا كان هذا هو اقتراح محدثنا فإن آخرين لم يجدوا في ذلك نفعا لأن الموظف حسبهم إذا أراد تضييع الوقت فسيجد أكثر من وسيلة لذلك، وهو ما أوضحه مراد الذي يقول: "إن الشركة التي أعمل فيها لا تتوفر على الأنترنت بل هي مبرمجة على نظام خاص، ولكن هذا لم يمنع أن نسترق بعض الوقت في استعمال جهاز أحد الزملاء الذي سيحتوي على الأنترنت فيكون الفايسبوك أول ما أقوم باستعماله لتسلية خلال فترة الراحة". إن تلك المواقع زاد الطين بلة فحتى إن لم يتصلوا عن طريق النات نجد من العمال من يمضي ساعات في الحديث مع الزملاء أو عن طريق الهاتف النقال، ما يعني أن منع تلك المواقع لا تأثير له حسب رأي البعض. الدردشة عبر الفايسبوك سلوك إدماني ربطت فاطمة آيت محند أخصائية في علم النفس ذلك الإقبال على موقع التواصل المذكور آنفا، بالسلوك الإدماني الذي صار جزءا لا يتجزأ من الإدمان على شبكة الأنترنت بصورة عامة، ما يهدّد الفرد بفقدان منصب عمله وهذا بعد توتر العلاقات المهنية. وحسب الأخصائية فإن الإدمان هو سلوك لا يمكن السيطرة عليه رغم إدراك الفرد أن له نتائج سلبية قد تؤثر على حياته التي يطرأ عليها نوع من الفوضى، كما تحلّل آيت محند شخصية المدمن على الفايسبوك قائلة: "إن الشخص الذي يستعمل تلك المواقع قد يكتفي في البداية ببعض الوقت،ويصاحب حالات الدردشة تلك نوع من الشعور بالإرتياح النفسي، ولكن ومع تكررعمليّة التصفح تزيد ساعات الإدمان على الفايسبوك من خلال ما توفّره تلك التقنية، ويزيد الوقت كلما زاد عدد الأصدقاء داخل تلك الصفحة فتتولد في نفسه حاجة ملّحة تزيد مع مرور الوقت حتى يفقد الفرد السيطرة على سلوكاته"، وارتبط جهاز الكمبيوتر حسب المتحدثة ذاتها بموقع الفايسبوك عند كثير من الأفراد من أجل الشعور بالمتعة وإشباع للفضول ورغبة في تحسين المزاج، وفي حال منع عنه الفايسبوك فإنه يشعر بالقلق والتوتر الشديد إضافة إلى شعوره أحيانا بقلة النشاط ما يؤثر على مردوديته في العمل .