أبرزت مراجع مطلعة ل«السلام” أنّ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يسعى في زيارته المقررة قبل نهاية السنة الجارية إلى الجزائر لإتمام صفقات ثنائية تربو قيمتها عن العشرة ملايير دولار، في سياق يأتي ليكرّس حراك باريس لتحسين علاقاتها الاقتصادية مع الجزائر، وتعزيز تموقعها في السوق الجزائرية، ولعلّ الزيارات المتعاقبة للمسؤولين الفرنسيين تراهن على تعبيد الطريق لأجندة هولاند في جولته الأولى من نوعها إلى الجزائر منذ توليه شؤون الإليزيه. ستحل نيكول بريك وزيرة التجارة الخارجية الفرنسية بالجزائر اليوم في زيارة تأتي لتنسج على منوال ما فعله لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي، ثمّ يمينة بن غيغي الوزيرة الفرنسية للفرنكوفونية في الثامن من الشهر الجاري، قبل أن تختم أجندة الزيارات بقدوم جون بيار رافارين لبحث أفق الاستثمارات الفرنسية مطلع أكتوبر المقبل. زيارات متعاقبة لتكثيف الفرص الفرنسية ستكون وزيرة التجارة الخارجية الفرنسية مرفوقة بعدد من المسؤولين عن مؤسسات صغيرة ومتوسطة فرنسية ستلتقي ممثلي الحكومة الجزائرية ومجتمع الأعمال المحلي، قصد تحديد محاور شراكة اقتصادية جديدة شاملة بين البلدين تهدف من ورائها باريس حسب ما نقلته الصحافة الفرنسية، إلى تسهيل دخول المؤسسات الفرنسية للسوق الوطنية ورفع العراقيل التي كانت تعيق تطورها، في انتظار الزيارة المرتقبة للرئيس فرانسوا هولاند، الذي سيحرص وفقا لما أكده متتبعون على تفعيل عجلة نشاط المؤسسات الفرنسية حرصا على عدم فقدان مكانتها لفائدة مؤسسات من بلدان أخرى، خاصة الصينية التي سيطرت على عدة قطاعات كانت في وقت سابق حكرا على المؤسسات الفرنسية التي عرفت ركودا واضحا في السوق الجزائرية عقب صدر قانون المالية التكميلي 2009 والذي أقر قانون 51/49 بالمائة. ويرتقب أن يبحث رافارين في زيارته القادمة، ملف إعادة تموقع المؤسسات الفرنسية بالسوق الجزائرية تحت غطاء الاستثمار الذي من المفروض أن يدفع عجلة نشاطنا المحلي و يقلص من نسب البطالة في البلاد وفقا لما أكده سابقا مسئولو القطاع بالجزائر، إلا أن واقع استثمار المؤسسات الأجنبية في الجزائر أوضح عكس ذلك فاقتصاد البلاد لم ينتعش في وقت حقق فيه المستثمرون الأجانب أرباحا طائلة كان ورائها نشاط السوق الجزائرية وقوة طلب المواطن، وإطلاعا من باريس على تفاصيل هذه المعطيات سترتكز مهمة رافارين بالدرجة الأولى في تجسيد المشاريع الاستثمارية الكبرى التي ظلت عالقة من مجموع 12 مشروعا استثماريا أسندت إليه على غرار مشروع رونو للسيارات، ومشروع لافارج للإسمنت، فضلا عن مشروع توتال البتروكيميائي، في وقت يعرف فيه مشروع رونو تقدما ملحوظا وسيكون أول المشاريع المرتقب تجسيدها قبل نهاية السنة الحالية، في وقت يظل مشروع توتال متأخرا نوعا ما بسبب تباين المواقف حول قضية دعم أسعار الغاز بالخصوص، ويرتقب أن يعرف الملف تقدما مع التغييرات التي حصلت على رأس توتال الجزائر وإيجاد صيغ ترضي الطرفين للشروع في تجسيد أهم المشاريع الثلاث بقيمة 5 ملايير دولار، وهو مشروع مشترك فرنسي قطري جزائري كان مرتقبا في 2007 قدمت فيه الجزائر عدة تنازلات، إلا أنه عرف تأخرا كبيرا بسبب مشكل دعم سعر الغاز الموجه للإنتاج، حيث اعتبرت الجزائر أنه لا يمكن دعم سعر الغاز لمشروع موجه خاصة للتصدير.إلى ذلك، أكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول سعي فرانسوا هولاند الرئيس الفرنسي الجديد على توسيع مجالات الاستثمار مع الجزائر ورفع حجم تبادل الصادرات والواردات بين البلدين لتتجاوز سقف 10 ملايير دولار. وأوضح مبتول في تصريح خص به “السلام” أمس أن فرنسا خارج قطاع المحروقات تعتبر المستثمر الأول من حيث النشاط بالجزائر، بحكم حجم التبادل الذي وصل إلى 10 ملايير دولار بين البلدين، مؤكدا حرص السلطات الفرنسية على تجاوز هذا المستوى تجسيدا لما نادى به هولاند ووافق عليه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في عدد من تصريحات الطرفين في السياق -على حد تأكيد المتحدث- الذي أكد أيضا توازن فوائد التبادل التجاري والنشاط الاقتصادي بين الطرفين. كما استنكر المتحدث سياسة المؤسسات الاستثمارية الأجنبية الناشطة في السوق الوطنية بما فيها الفرنسية “التي تتجاهل في الغالب تكوين عمالنا وتطوير خبرة وقدرات خبرائنا”، داعيا في السياق ذاته السلطة بالتعاون مع الوزارات المعنية إلى استحداث عقود شراكة جديدة تركز على إلزام المستثمرين الأجنبيين بتكوين العامل الجزائري، قصد الوصول إلى تجسيد ما “يسمى بالشراكة المتوازنة” التي تسمح لعمالنا وخبرائنا بتطوير قدراتهم وخبراتهم في استعمال التكنلوجيات الحديثة والطرق العلمية المبتكرة الجديدة في شتى المجالات.