تشهد الدورة الحالية من الجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر العربية”، استثناءات عديدة من بينها إعلانها في ربوع دولة انطلقت منها شرارة الربيع العربي لتنتقل إلى شقيقاتها، إنها “تونس” التي أختيرت كمركز لإعلان الجائزة في نسختها الجديدة تكريما للرواية التونسية وانفتاحا للبوكر على الفضاء المغاربي، الذي تأمل من خلاله التعريف بنفسها على نطاق عربي أوسع وكذا الخروج من مركزية أنشطتها في حدود دولة الإمارات العربية المتحدة. يأمل متابعو المشهد الروائي على المستوى المغاربي الكثير من هذه الخطوة، حيث ينتظر أن يتم تكريم رواية المنطقة، التي يُعد الكاتب المغربي محمد الأشعري، المغاربي الوحيد الذي تحصل عليها خلال سابقة في تاريخها حيث قدمت لأول مرة مناصفة بينه وبين السعودية رجاء عالم، عن عمليهما “القوس والفراشة”، و«طوق الحمام”، خاصة وأن الإقتراب من مناخات هذا النوع في بلدان المغرب سيوضح الكثير من المبهمات والخبايا المجهولة لما يميزه من مواهب ومشاريع روائية رائدة، بإمكانها أن تغني المشهد العربي وتمنح إبداعه رؤى جديدة. وما يزيد من حظوظ الرواية المغاربية إضافة إلى اقتراب “البوكر العربية” من مناخها الطبيعي بإعلانها في تونس، ذلك التصريح المفاجئ الذي صدر عن الروائي جمال الغيطاني مؤخرا وقال فيه: “الرواية المغاربية صنعت قفزة كبيرة ونوعية في هذا المجال وخاصة الجزائرية منها”، ما يجعلنا نرجح كفة الإبداع الجزائري في هذا المقام لإنتزاع لقب استعصى على المغاربة لوقت طويل، لما لا وهو الزاخر بأسماء ملأت المشهد الروائي إبداعا وتميزا وصل الإنبهار به إلى البلدان العربية، التي لم يتوان نقادها عن إسالة الحبر حول جديدها وأهم ما يميزها على غرار “لها سر النحلة” الصادرة مؤخرا لأمين الزاوي، و«نادي الصنوبر” لربيعة جلطي، “الحالم” لسمير قسيمي، ولبشير مفتي...وغيرهم من الأسماء التي رغم محاولات تغييبها فرضت وجودها وبروزها على الساحة الثقافية، وهذا أحد أهداف الجائزة التي قالت حولها منسقتها فلور مونتانارو خلال معرض تونس الدولي للكتاب: “البوكر كشفت عن حساسية جديدة في الرواية العربية، كما بشرت بعض تلك النصوص بالثورات العربية قبل وقوعها بسبب قرب هؤلاء الكتاب الجدد من شعوبهم وهمومهم، مما شكل نصوصا مؤسسة يمكن أن تدرس في قراءة الحراك الأدبي والثقافي عامة الذي كان يحدث على هامش الأدب الرسمي الذي تمكنه الجهات الرسمية من عبور الحدود. ففكت الجائزة بورشاتها وندواتها الحصار على بعض الكتاب العرب المغضوب عليهم أو الممنوعين من السفر هم ونصوصهم، وشكل ذلك إحدى الرهاناتها الكبرى في الوصول إلى المغيب من التجارب المناوئة للأنظمة”. وينتظر أن يتم الإعلان عن القائمة الطويلة للجائزة في ال6 من شهر ديسمبر المقبل، أما القصيرة ففي ال8 من نفس الشهر، وقد رشحت دور النشر عناوين عديدة للفوز بها على غرار، “أصابع لوليتا” لواسيني الأعرج التي رشحتها دار الجمل بألمانيا، وما رشحته دار الآداب اللبنانية، مثل “سينالكو” للكاتب الياس خوري و«ملكوت هذه الأرض” لهدى بركات، أما دار الشروق المصرية فقدمت “أنا عشقت” لمحمد قنديل، والتنوير تمثلت في رواية “طيور هوليداي أن” لربيع جابر، أما الدار العربية للعلوم ناشرون فشاركت بكل من “قناديل ملك الجليل” لإبراهيم نصرالله و«أرض السودان” لأمير تاج السر و«غريب النهر” لجمال ناجي التي وصلت ثلاثتها إلى اللائحة الصغيرة، لترشح من جانبها دار ثقافة للنشر والتوزيع الإماراتية “حدائق الرئيس” لمحسن الرملي الواصل إلى اللائحة الطويلة، إلى جانب “غريق المرايا” لإلياس فركوح الذي وصل إلى اللائحة الصغيرة التي رشحتها دار أزمنة من الأردن.