كشف التقرير السنوي المعد من طرف إدارة الصندوق الوطني للسكن بولاية خنشلة، عن صرف أزيد من 900 مليار سنتيم خصصت كلها لدعم وإنجاز البناء الريفي عبر مختلف بلديات الولاية، وذلك للفترة الممتدة من سنة 2002 وإلى نهاية 2012، حيث مكن الغلاف المالي المخصص من طرف الإدارة بانجاز 27880 سكن ريفي من أصل 28088 سكن مبرمجة واستفاد منها أغلبية المواطنين القاطنين بالأرياف. هذا العدد المعتبر من البنايات الريفية أصبح يشد انتباه كل زائر لولاية خنشلة عبر مختلف طرقها الوطنية، لكن الملفت للانتباه أن العدد الكبير المتبقي منها لايزال مغلقا أو مهملا بسبب شغوره من السكان، حيث استفاد منه مواطنون يقطنون المدن ونادرا ما يلتحقون بالريف إلا في وقت موسمي الحرث والبذر أو الحصاد والدرس، وأن أغلبية البنايات الريفية تحولت إلى مخازن للحبوب وبعض الوسائل الفلاحية وحتى بعض الخردة التي لا يحتاج إليها هؤلاء المواطنون في المدينة، فيضطرون إلى تخزينها في الريف، ناهيك عن نقص أبسط وسائل العمل الفلاحي، حيث أن السكن الريفي لهؤلاء لا يعد أكثر ضرورة من توفير المياه للسقي أو الكهرباء الفلاحية وشق الطرق والمسالك، لأجل تمكينهم من العيش في ظروف حسنة في الريف وتسهيل عملهم في النشاط الفلاحي، والالتحاق بمنازلهم في المدينة في أحسن الظروف وخاصة عند تهاطل الأمطار. ورغم الامتياز الذي منحه السكن الريفي كاستقرار الفلاحين في أراضيهم أو العودة إليها ومكن عدد معتبر من أفراد العائلة الواحدة من الحصول على سكن ريفي نظرا للعدد المعتبر الذي تم توفيره بسبب سهولة إنجازه، ساهم بقسط كبير في ندرة وتأخر إنجاز السكن الحضري بمختلف صيغه كالاجتماعي الايجاري والتطوري المدعم أو التساهمي طيلة وقت كبير، ما أدخل المواطنين في دوامة الاحتجاجات التي لم تسلم شوارع بلديات الولاية منها وكذا مختلف المصالح العمومية من مقرات البلديات والدوائر والولاية وديوان الترقية والتسيير العقاري (OPGI)، ورغم مساعي الدولة لامتصاص هذا الغضب إلا أن حدته بلغت الذروة في عديد المرات كمحاولات انتحار المواطنين بسبب الحرمان، بالرغم من توزيع السكنات الاجتماعية بغالبية البلديات. والملاحظ لهذا الوضع الذي يفرض ذاته، يرى أن مشاريع البنايات الريفية أسهمت بطريقة أو بأخرى في ترييف الولاية أكثر من اللازم هذا، على حساب الطابع الحضري الذي وجب أن تكتسيه في خضم التغيرات الراهنة التي توازن بين الطابعين الحضري والريفي في مختلف جهات الولاية.