أصبحت ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال من ضمن الطابوهات التي باتت تهدد الكيان الأخلاقي لمجتمعنا، فقد أصبحت الذئاب البشرية تستغل تلك الأجساد البريئة بطرق وحشية، حيث يصل بهم الأمر إلى حد إرتكاب أبشع الجرائم في حقهم سواء بخطفهم أو قتلهم. عرف مجتمعنا في السنوات الأخيرة حالة من الإنفلات الأخلاقي، بعدما أصبح أطفال في عمر الزهور مستهدفين من ذئاب بشرية لاتملك أدنى مشاعر الإنسانية، فقد تجرد مرتكبو جريمة التحرش الجنسي من ضمائرهم وباتوا لا يفرقون بين كبير وصغير، فأمام ما سجلته الإحصائيات من إرتفاع محسوس للتحرش الجنسي بالأطفال بعدما تجاوز عددهم ال1400 طفل خلال السنوات الأخيرة، فإن المختصين في علم الإجتماع والنفس، قد دقوا ناقوس الخطر نظرا للحوادث المخيفة التي باتت تعرفها بعض الأحياء، والتي تكون بدايتها إختطافا لتنتهي بالتحرش بطرق وحشية بأطفال لم يرتكبوا ذنبا سوى أنهم وقعوا بمرأى هؤلاء المجرمين، لكن المشين أن نسبة كبيرة من الأطفال باتوا يتعرضون للتحرش من قبل أقاربهم الذين لم يراعوا صلة الدم بينهم بل همهم الوحيد هو العثور على تلك الأجساد الضعيفة، مستغلين عدم قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم لمجرد إشباع رغباتهم الجنسية، فلم يعودوا يفرقون بين الإبن أو الأخت بالرغم من صغر سنهم، فقد عرفت مختلف المحاكم قضايا تحرش جنسي يكون فيها المتورطون من الأقارب أو أبناء الحي، فقد بات المتهمون يتجردون من قيمهم الإسلامية ويتخطون الخطوط الحمراء والعادات بتصرفاتهم المشينة المنافية للأعراف، فبعدما كنا نسمع عن تلك الظواهر في المجتمع الغربي فقد إنتقل الفيروس إلى مجتمعنا العربي، والغريب أن هذا الشبح المخيف ظل يطارد وجوه البراءة في السنوات الأخيرة ولم يفرق بين الذكر والأنثى، والغريب في الأمر أن الأطفال باتوا يتعرضون لأبشع طرق الإستغلال، ليكون الهدف الوحيد الذي لايستطيع مقاومة تلك الذئاب البشرية، هذا ما دفعنا للغوص في خفايا تلك الظاهرة المسكوت عنها ببعض المناطق المحافظة، فكانت وجهتنا الأولى إلى منازل بعض العائلات التي وقع أبناؤها في فخ التحرش الجنسي، فقد تحدثت لنا والدة الطفل “مهدي”، الذي لم يتجاوز ال10 سنوات عن ظروف إختفائه الغامضة بأحد أحياء باب الوادي، حيث أخبرتنا عن مأساتها لتقول “سمحت لإبني باللعب أمام منزلنا ولم أتوقع أن أحد أبناء الحي سيستغل تواجده بمفرده ليشبع رغباته الجنسية، بعدما قام بإستدراجه إلى إحدى الورشات المهجورة ليرتكب الفعل المخل بالحياء، حيث كشف أحد المارين فعلته بعد سماعه لصراخ طفلي، لتقوم الشرطة بإلقاء القبض عليه، لكن ما إستغربت له بعد أن كشفت الشرطة هويته أنه جارنا بنفس العمارة ”. سمير ومنير هما كذلك طفلان تقاسما نفس المعاناة والألم بعدما تعرضا لأبشع أنواع الإستغلال من قبل بعض الشباب المنحرف، والذين يجتمعون بشكل يومي أمام مدارسهم الإبتدائية ليصطادوا فرائسهم من الأطفال، فبالرغم من أنهما من نفس الجنس إلا أنهما لم يسلما من شذوذهم الجنسي، هذا ما صرحت به أمهتيهما اللتيت تخفيان الجروح في قلبيهما على ما تعرض له أبناهما اللذان لم يرتكبا ذنبا سوى أنهما كانا متواجدين أمام أعين شباب إستغلوا خروجهما بمفردهما لكي يشبعوا نزواتهم ورغباتهم المنافية للأخلاق، حيث أكدت “مليكة” والدة الطفل سمير أن طفلها لازال تحت وقع صدمة تعرضه للتحرش بالرغم من مرور ثلاثة أشهر، وهو يعيش حالة من الرعب التي تشتد حدتها بالكوابيس بحلول الظلام، حيث روت لنا واقعة تحرش أحد شباب المنطقة بإبنها بوجه يملؤه الحزن، فقد أخبرتنا أن إبنها قد تأخر عن المنزل لساعات طويلة مما زرع الشك لديها، وبعد وصوله إلى المنزل حاولت إكتشاف ما حدث له خاصة أنه كان في حالة إنهيار نفسي، لكنه قرر البوح لي بتحرش أحد الشباب به بالقوة بعد قيامه بتهديده بسلاحه الأبيض. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل بات هذا الفيروس ينخر تلاميذ الإبتدائيات، حيث علمنا من بعض الأساتذة أن كثير من الأطفال الذين يعانون من الشذوذ باتوا يصطادون فرائسهم من زملائهم، ليكون مقصدهم الوحيد هو مراحيضها حيث أكدت لنا أستاذة بإبتدائية “ج.د” أنها تلاحظ مشاهد لايصدقها العقل بدخولها لهذا المكان، فغالبا ما تكشف تلاميذ من نفس الجنس يرتكبون الفعل المخل معا، مما يتطلب إستدعاء أولياء أمورهم أو عرضهم على أخصائية نفسية لمعرفة أسباب إرتكابهم لهذا الفعل”. أطفال الشوارع يقعون في فخ التحرش الجنسي هم ضحايا كثيرون من ذكور وإناث باتوا يستغلون بشكل يومي في أمور لا أخلاقية، بالرغم من أنهم لم يتمتعوا بطفولتهم كونهم لايجدون من يحميهم من مخاطر الشوارع بمطاردة الوحوش البشرية لهم، والتي تستغل براءتهم لإشباع رغباتهم، حيث علمنا أن بعض العاملات في مجال الدعارة بتن يستغلين أطفالا قصرا للمتاجرة بأجسادهم، بالرغم من صغر سنهم خاصة المتوافدين من الولايات الأخرى، فغالبا ما تكون الفتيات الفارات من منازلهن محل إستغلال من قبل نساء لايمتلكن ضمير، حيث علمنا أنهن يتحولن لمنحرفات بعد إغرائهن بتوفير السكن لهن، فقد روت لنا إحدى الفتيات التي لم يتجاوز سنها ال16 سنة عن وقائع تعرضها لأبشع أنواع التحرش الجنسي من قبل زبائن إحدى النساء اللواتي حاولت إقناعها بالعمل لديها بالدعارة، حيث تقول “إضطررت للهروب من بيت عائلتي المتواجد بعنابة بسبب معاملة زوجة أبي السيئة لي، فلجأت إلى العاصمة لكني وقعت في يد إمرأة لاتملك ضميرا، أظهرت لي وجها طيبا وظننت أنها ستساعدني دون مقابل لكنهاأظهرت لي الوجه الأخر بعد فترة، فقد قامت بوضع حبوب مخدرة لي لأقع بيد أحد زبائنها الذي قام بالتحرش بي جنسيا، لكنها لم تكتف بهذا بل قامت بإلتقاط صور لي لتجبرني على البقاء بمنزلها لتكسب المال على حساب شرفي، فلم أملك من خيار سوى الرضوخ لمطالبها لكني لم أتحمل وضعيتي فإنتهى بي المطاف بمركز الأمهات العازبات”. في حين بات المشردون والمتسولون من صغار السن الذين لا يملكون أماكن للإحتماء بها ملاذ الكثيرين، حيث كشفنا أن عددا كبيرا من الأطفال المتواجدين بالشوارع يتم إغراؤهم بالمال أو بقطع الحلوى ليكون المقابل هو التحرش الجنسي بهم، وإنتهاك حقوق تلك الوجوه البريئة بإستعمال العنف، فقد أكدت لنا إحدى المتسولات أن بعض المارين يستغلون ضعفها وعدم تواجد من يحميها ليقوموا بالتحرش ببناتها اللواتي لم يتجاوز سنهن ال14 سنة بإستعمال القوة خاصة بحلول الظلام، كونها لم تجد مكانا يأويها إلا الحديقة المتواجدة بساحة أول ماي، كما أضافت أنها لم تعد قادرة على حماية طفلها من مخالب من يدمنون الخمر والمخدرات الذين يغتنمون فرصة غيابها في العمل ليختلوا بأطفالها. ولا تختلف معاناة فتيات أخريات عن السابقات، حيث إعترفت بجرأة إحدى المتسولات المنحدرات من ولاية الغرب، والتي لم يتجاوز سنها ال13سنة والتي تفاجأنا أنها تحمل طفلا رضيعا بالرغم أنها لا تزال طفلة صغيرة بعدما وجدناها تتسول به بشوارع حسيبة، أن بعض الشباب يحاولون إغراءها بالمال ليطلبوا منها إقامة علاقة جنسية برفقتهم، فقد أكدت أنها وقعت بفخ خداع أحد الشباب الذي أقنعها أن علاقته بها جدية لكن هدفه الوحيد كان التحرش بها بالقوة، ليختلي بها في النهاية ولم يكتفي بهذا بل أهانها ولقبها بالمتشردة، لينتهي بها المطاف أن تحمل بمولود منه بدون هوية. لكن ما تفاجأنا له أننا علمنا من إحدى المشردات أنها علمت من بعض المتسولات أنهن يجبرن بناتهن على الإنحراف من خلال عرضهن للمارين، حيث أكدت أن إحدى المتسولات تعرض على المارين التحرش بإبنتها التي لم تتجاوز ال14سنة بكل جرأة وبدون حرج مقابل دفع مبلغ مالي كبير، فهل يعقل أن الأم هي من تكون سببا في التحرش الجنسي بفلذات أكبادها. كما لم يسلم بعض أطفال الشوارع الذين يقضون معظم أوقاتهم لكسب قوتهم من الإعتداءات الجنسية، حيث علمنا أن بعض بائعي الخبز التقليدي من الذكور والإناث يقعون بخداع بعض السائقين الذين باتوا يقنعونهم بركوب السيارة لإيصالهم لمنازلهم، أوإغرائهم بالذهاب للملاهي ليقعوا في قبضة سائقين بدون ضمير يحاولون إشباع رغباتهم الجنسية في تلك الأجساد الضعيفة، حيث أكدت لنا “منال” التي لم يتجاوز سنها ال12 والتي وجدناها تحاول إقناع المارة بشراء الخبز بالطريق السريع، أنها تعرضت لخداع أحد السائقين بعدما عرض عليها المساعدة لإيصالها لبيتها، لكنها تفاجأت بعد محاولته الإعتداء عليها جنسيا بالقوة. في حين علمنا من أحد الأطفال أن أصدقاءه من البائعين يقعون في خداع الشباب الذين يستغلونهم بعد إغرائهم بالمال ليستدرجوهم إلى الأماكن الخالية للإعتداء عليهم جنسيا. وجوه بريئة تتعرض للتحرش الجنسي من أقاربها هي ظاهرة من نوع أخر بدأت تطفو على السطح بعدما غزت المنازل وبات الواقع المعيش بمجتمعنا يدل على أننا بتنا لا نستطيع إئتمان القريب على أطفالنا. فقد مس طابو زنا المحارم أطفالا في عمر الزهور، لم يسلموا من أقرب الناس إليهم، حيث باتت مختلف المحاكم تتداول قضايا زنا المحارم لايصدقها العقل وتقشعر لها الأبدان عند سماعها، فقد علمنا أن محكمة سيدي أمحمد، قد تداولت إحدى القضايا التي علمنا بها من أحد المحامين نظرا لتداوله بجلسة سرية، حيث جرت الوقائع بعد إكتشاف والد طفل الذي لم يتجاوز سنه ال9 سنوات بالصدفة بعد عودته من العمل للمشاهد المخلة التي يمارسها أخوه الأصغر على إبنه الذي صرح لوالده أن عمه كان يستدرجه إلى بيت تخزين الخردوات بالحديقة ليتحرش به بشكل يومي، وقد أخفى الأمر خوفا من تهديد عمه له بالقتل. كما عرف مجلس قضاء العاصمة، إحدى القضايا المثيرة التي جرت وقائعها بسرية بعدما تجرد أحد الأباء من صلة الدم ليقوم بإشباع رغباته الجنسية بفلذة كبده الرضيع، مستغلا غياب زوجته بالعمل لكن وقائع القضية كشفت أن الأقدار قد شاءت أن تعود زوجته بالصدفة لتصدم بالمشهد البشع لتحرش زوجها بفلذة كبدها لتقوم بإيداع شكوى ضده ليتم معاقبته بالسجن المؤبد. وفي حادثة مشابهة وقعت بأحد المنازل بالجزائر العاصمة، إرتكب بها أحد الأباء المدمنين على تناول الكحول جريمة التحرش الجنسي البشعة على فلذة كبده الذي لم يتجاوز ال10سنوات، حيث تم إكتشاف أمره بعد إفشاء هذا الطفل السر لجدته التي لم تتمالك نفسها لتقوم بإيداع شكوى ضده. من جهة أخرى إنتهت الكثير من التحرشات الجنسية بإرتكاب جريمة قتل، فقد شهد أحد الأحياء بالحراش حادثة مروعة علمنا بها من أقارب الضحية، حيث إستغل أخ زوجة خال الطفل عمر الذي لم يتجاوز ال14 صغر سنه ليقوم بتهديده وإستدراجه لمكان خال، ليقوم بالتحرش به جنسيا لكنه لم يكتفي بهذا الأمر بل قام بنشر فضيحة الطفل بين أبناء الحي بسبب رفضه ممارسة الفعل المخل بالحياء بعد مرور فترة على الأمر، فلم يتمالك هذا الطفل نفسه خاصة أن أصدقاءه باتوا يصفونه بالشاذ مما جعله ينتقم منه بطعنه بالسلاح الأبيض. قضايا أخرى تتداولها المحاكم لشباب بمختلف الأعمار يغتنمون فرصة القيام بعلاقة حب بفتيات قاصرات، مستغلين عدم نضجهن ليصل بهم الأمر إلى التحرش الجنسي بهن سواء بإغرائهن بمدى حبهم لهن فيقع التحرش بإرادتهن أوبإستعمال القوة تحت طائلة التهديد، حيث تداول مجلس قضاء العاصمة قضايا لشباب إنتهكوا عرض فتاة لم تتجاوز ال14 سنة فإنتهى بها المطاف حاملة لطفل بدون هوية، حيث أكدت أن صديقها قام بالتحرش بها جنسيا بالقوة ليقوم بعدها صديقه بالإعتداء عليها بعد تهديده لها بسلاحه الأبيض. كما عرف حي العناصر 2، حادثة تحرش مروعة تورط فيها شابان من نفس المنطقة قاما بإستدراج فتاة لم تتجاوز ال12 سنة إلى أحد أقبية العمارات وقد قاما بالإعتداء عليها جنسيا بعد أن إنهالا عليها بالضرب لإسكاتها عن الصراخ، ولحسن حظها أن إحدى قاطنات العمارة كشفت أمرهما بعد سماعها لصوت غريب بالقبو، لتقوم بإبلاغ الشرطة التي قامت بإلقاء القبض عليهما متلبسين بالجرم. أثار نفسية وخيمة تتربص بالأطفال المتحرش بهم تترتب عن التحرش الجنسي بالأطفال نتائج وخيمة تصل إلى حد الجنون في بعض الأحيان، والمترتب عن التعنيف الجسدي الممارس عليهم وبالتحديد إن كانت فتاة حيث تظل تحمل صورة التحرش طيلة حياتها ولاتستطيع نسيانها كونها قد فقدت شرفها، وتعتبر أنها كائن غير مرغوب به كأنها وصمة عار، هذا ما أكدته لنا مختصة علم النفس الإجتماعي نبيلة صابونجي، حيث أرجعت أسباب تفشي الظاهرة بمجتمعنا إلى غياب الوازع الديني وإنعدام الرقابة الأسرية الكافية للأطفال، وكذا مرافقة الطفل لأصدقاء يفوقونه سنا يحاولون إستغلال ضعفه بإشباع رغباتهم الجنسية، كما أن إنعدام النضج لدى الفتاة القاصر يدفعها لربط علاقة حب بشباب يفوقونها سنا مما يجعلها تقع بأوهام الحب والخداع الذي ينتهي بإقامة علاقة غير شرعية، سواء بإرادتها أو بإستخدام العنف الجسدي والتهديد مما يجعلها تعيش صدمة نفسية قوية تمتزج بين الشعور بالإهانة والظلم، كما أن فتيات بعمر الزهور يتم التحرش بهن بإستخدام التعنيف مما يزرع لديهن الشعور بالخوف الهستيري الدائم من الخروج للعالم الخارجي، فيفضلن العزلة مما يزرع لديهن عقدا نفسية تجعلهن يرفضن خوض تجربة الزواج، كما أن الأطفال الذكور الذين يتعرضون للتحرش في الصغر يعانون من مشاكل نفسية تتباين بين حب الإنتقام والعداوة، كما قد يصابون بالشذوذ الجنسي مستقبلا لرغبتهم في إعادة ماحدث لهم مع أشخاص من نفس جنسهم كنوع من الإنتقام، كما يؤثر التعرض للإعتداء الجنسي على شخصية الفرد مما يؤدي إلى الضعف والشعور بعدم الثقة في النفس، حيث يواجه الشخص مشاكل متمثلة في صعوبة ربط الإتصال بالمحيطين بع كونه يشعر بالنقص.