الدعارة في القرآن الكريم زنا، والزنا من الكبائر وعقوبته شديدة تصل حد القتل في بعض الحالات، فالزاني العازب الحر يجلد مئة جلدة أما العبد والأمة فيعقبان بالنصف أي 50 جلدة، أما المتزوج فيرجم حتى الموت وليشهد عذابهم طائفة من المؤمنين حتى يكون عبرة لمن لا يعتبر، لكن بالنظر إلى القانون الوضعي أي قانون العقوبات، نجد أن الدعارة بين الكبار غير مقننة ولا يعاقب عليها الفاعل. من خلال التصفح في مواد قانون العقوبات لا نجد أي نص منه يتكلم وبصفة صريحة عن منع امتهان الدعارة، التي تعرف بالاستعمال الجنسي للإنسان مقابل الحصول على المال، وإنما كل ما ينص عليه يخص فقط منع إنشاء بيت أو وكر لممارسة الدعارة أو التعامل مع من يحترفونها، وهو ما نلمسه في المادة 343 من قانون العقوبات التي تنص على «يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من 500 الى 2000 دج، وما لم يكن الفعل المقترف جريمة أشد، كل من ارتكب عمدا أحد الأفعال التاليةّّ. 1* ساعد أو عاون أوحمى دعارة الغير، أو أغرى الغير على الدعارة وذلك بأية طريقة كانت. 2* اقتسم متحصلات دعارة الغير، أو تلقى معونة من شخص يحترف الدعارة عادة أو يستغل هو نفسه موارد دعارة الغير وذلك على أية صورة كانت. 3* عاش مع شخص يحترف الدعارة عادة. 4* عجز عن تبرير الموارد التي تتفق وطريقة معيشته حالة أنه على علاقات معتادة مع شخص أو أكثر من الذين يحترفون الدعارة. 5* استخدم أو استدرج أو أعال شخصا ولو بالغا بقصد ارتكاب الدعارة، ولو برضاه أو أغواه على احتراف الدعارة أو الفسق. 6* قام بالوساطة بأية صفة كانت بين أشخاص يحترفون الدعارة أو الفسق، وبين أفراد يستغلون الدعارة أو فسق الغير أو يكافئون عليه. 7* عرقل أعمال الوقاية أو الإشراف أو المساعدة والتأهيل التي تقوم بها منظمات متخصصة، لصالح أشخاص يحترفون الدعارة أو يخشى عليهم من احترافها، وذلك بطريق التهديد أو الضغط أو التحايل أو بأية وسيلة أخرى. كما أن القانون الجزائري. يعاقب فقط على الفعل المخل بالحياء أي ممارسة الجنس علنا وأمام الملء، فالمادة 333 من قانون العقوبات تنص على «يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من 500 الى2000 دج كل من ارتكب فعلا علانيا مخلا بالحياء». لماذا لم يجتهد المشرّع الجزائري في منع امتهان الدعارة؟ لتحليل أسباب هذه الفجوة في القانون الجزائري، حاورنا المحامية «بن براهم فاطمة الزهراء» التي اعتبرت أن الجزائر حققت استقلالها الذاتي سنة 1962، لكنها لم تحقق استقلالها القانوني، لان المشرّع الجزائري ترجم حرفيا قانون العقوبات الفرنسي واستعمله منذ 1965 إلى يوميا هذا، ففي سنة 1946 جعل القانون الفرنسي، من الدعارة مهنة حرة، وبالتالي أصبحت شيئا مسموحا به، وللمرأة حق في فتح بيت لدعارة وامتهانها في إطار قانوني بدفع الضرائب ووضع لافتة في مدخل البيت مع تحديد المبالغ وكذا ساعات العمل، وهنا لم يصبح لقانون العقوبات فاعلية باعتبار الدعارة مهنة منظمة، أما في الجزائر فقد ورث المشرّع هذه القاعدة ففي سنوات السبعينيات كانت بيوت الدعارة تعرف انتشارا كبيرا في المجتمع، فقد كانت هناك نساء يملكن بيوتا لممارسة نشاطهن من خلال توظيف العديد من الشابات معهن، لذا حاول الرئيس الراحل هواري بومدين، سنة 1975 وضع حد لها إلا انه لم يتمكن بسبب تلك الضجة التي أحدثتها بعض الأوساط في المجتمع آنذاك، فقام بتنظيمها من خلال إخضاع هؤلاء النسوة إلى المراقبة الطبية الأسبوعية تجنبا لتفشي الأمراض المعدية، وكذا التأكد من عدم حملهن حتى لا ينتشر أطفال الزنا في المجتمع، وكذا قام بوضع هذه العاهرات في بيوت لدعارة حتى لا تتفشى الدعارة العشوائية. سنة 1991 ظهر الحزب المحظور المعروف بالجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، والتي طالبت بغلق هذه البيوت باعتبارها مهنة تمس بأصول الدين الإسلامي، وكذا بكرامة المرأة، وهو الآمر الذي أدى إلى غلق هذه البيوت لكن تلك النسوة اللائي كن يعملن في تلك البيوت تفرقن، والجدير بالذكر أنهن نساء غنيات واللواتي قمن بدورهن بفتح بيوت أخرى، فمن بيت به 10عاهرات إلى 10 بيوت لدعارة، فقد أصبح لكل عاهرة بيت خاص تعمل به ولكن هذه المرة بسرية ودون رقابة خوفا من الجبهة الإسلامية للإنقاذ، مادفع ببارونات هذه المهنة إلى البحث على عاملات عندهن وهنا بدأت تشيع الدعارة العشوائية في المجتمع الجزائري، لتظهر معها عدة أفات أخرى كالشذوذ الجنسي وكذا استعمال الأطفال في الدعارة، وانتشار أبناء الزنا، وهو ما أدى أيضا إلى ظهور ما يسمى بجرائم الشرف، فكل زوج أو أب أو أخ يعلم أن إحدى نسائه عاهر يقتلها فتصبح بدل الجريمة جريمتين. هذه الفجوة في القانون الجزائري، جعلت شبكات الدعارة تنشط على نطاق واسع وفي عديد من الأماكن وبأشكال مختلفة. شباب وشابات يمارسون الرذيلة في وضح النهار تفشّت مؤخرا على مستوى الطريق السيار شرق غرب، في جزئه الرابط بين مدينة الدارالبيضاء و الاخضرية، والطريق الاجتنابي ببودواو تيبازة، ممارسة الرذيلة و الدعارة وكل طقوس الحب من طرف شباب وشابات، حيث تجد عشرات السيارات المتوقفة على جوانب الطريق وفي أماكن مختلفة منه في وضعيات مخلة بالحياء، وما زاد الطين بلة تعاون بعض حراس مؤسسات الانجاز في بعض أجزاء الطريق غير المكتمل، فهؤلاء الانتهازيين يساومون الحراس بتقديم الرشاوى لهم من اجل ممارسة الرذيلة، كما أضاف محدثنا أن النشاط هذا يمارس طوال أيام الأسبوع في الأوقات منتصف النهار إلى بعد الزوال، أين يخلد عمال الورشات إلى الراحة كما انه الوقت المفضل للعشاق وممارسي الدعارة. وفي جولة استطلاعية قامت بها «السلام» إلى حديقة التسلية والحيوانات بابن عكنون، وغابة بينام وكذا بوشاوي، وبين الأشجار الكثيفة ذهلنا للكم الهائل من الأفلام الإباحية المعروضة على الهواء مباشرة، أبطالها أشخاص من مختلف الفئات العمرية، فعلى حواف هذه الحدائق تجد بائعات الجسد والهوى يعرضن مفاتنهن و يسعين إلى استقطاب الزبائن لممارسة الرذيلة مقابلة مبالغ مالية معينة دون رقابة، وأخريات يفضلن أماكن أخرى كمحطات النقل العمومي على غرار محطة خروبة مثلا التي ينشط بها عدد كبير من العاهرات خصوصا في الفترة الليلية ألا يقال أن «الليل ستار»، وأخريات يفضلن محطات البنزين أين يصطدن نوع أخر من الزبائن أصحاب السيارات الفخمة. أما آخرون من ذوي الجاه والنفوذ وأصحاب المال والأعمال من الأجانب، فيفضلون الشقق الفاخرة التي تليق بمقامهم، تتواجد هذه الشقق في الأحياء السكنية الخاصة على غرار الموجودة بالعاصمة، وبالتحديد في ابن عكنون وأخرى في حي الصنوبر، وغيرها كثير دون الحديث عن الدعارة التي تمارس في الفنادق الفخمة ويكون روادها أجانب يبحثون عن المتعة والهوى مع عاهرات من نوع خاص يوجدن في مثل هذه الفنادق. الفجوة القانونية فرصة للاستثمار في الأفلام الإباحية مجال جديد أصبح يستهوي قناصي الفرص السهلة والربح السريع، من خلال الاستثمار في مجال الأفلام الإباحية في الجزائر، حيث تعمل هذه الشبكات على استغلال الجامعين والجامعيات من أجل تسجيل تلك الأفلام، حيث يقومون باستدراج هؤلاء الشباب إلى فيلات مخصصة لهذا النشاط وتكون مزودة بكاميرات خفية لتصوير كل حركات الفتيات، ومن ثمة تباع هذه الأشرطة إلى الفضائيات الأجنبية بأثمان باهظة، ولا يستغرب أحد إذا قلنا أن أصحاب هذه الشبكات شخصيات ذات نفوذ ومركز في المجتمع. وكذا كيف تكون نفسية كل واحدة منهن خصوصا تلك اللواتي يجامعهن ما يقارب 7 رجال يوميا ولكل منهم مزاجه الخاص، فقد قامت «السلام» باتصال هاتفي بالدكتورة «سميرة فكراش» مختصة في علم النفس، التي اعتبرت أن اغلب هاته النسوة لهن تاريخ أليم من حيث الحياة الأسرية والتنشئة الاجتماعية، فأغلبهن بدأن المهنة في سن المراهقة بسبب استغلالهن من طرف أشخاص آخرين، وفي أحيان كثيرة من طرف الآباء والأشقاء، فالكثيرات منهن تصبح عدائية في التعامل مع نفسها فتجلب الأذى لذاتها بالحرق والانتحار، أو أنها تصبح عدائية في التعامل مع غيرها بالصراخ والشتم في الشارع لكل من تجرأ ونظر إليها، فجل النسوة تكون نفسيتهن متعبة جراء استغلال الأنفس الدنيئة لهن.