يتساءل هذه الأيام الشارع الرياضي الجزائري عامة وأنصار المنتخب الوطني على وجه الخصوص هل سيقال الناخب الوطني البوسني وحيد حاليلوزيتش من منصبه من على رأس العارضة الفنية للخضر قبل مونديال البرازيل أو سيقدم هذا الأخير استقالته أم أن خيار الاستمرار والاستقرار هو الذي سينتهي إليه الرجلان رغم صعوبة هذه الفرضية بعد حرب التصريحات المتبادلة بينه و بين رئيس الفاف محمد روراوة الذي لم يتقبل أن يكذبه المدرب على الملأ ، في وقت كان يتعين على حاليلوزيتش أن يلتزم بواجب التحفظ وألا يخرج للصراع العلني مع الجهة التي توظفه، الذي لن يمر من دون شك هذه المرة مرور الكرام وقد يشهد تطورات في الايام المقبلة. والاكيد ان الشارع الرياضي ينتظر بفارغ الصبر ماذا سيحدث في الايام القليلة المقبلة على مستوى الفاف ليسمع القرارات التي سيتخدها الرجل القوي في قصر دالي ابراهيم بخصوص الابقاء او وضع حد لمهمة حاليلوزيتش مع الخضر قبل اقل من ستة اشهر من العرس العالمي . وأمام هذا الوضع يتساءل المتتبعون من المستفيد من هذا الصراع القائم بين روراوة وحاليلوزيتش اشهر قبل انطلاق المونديال وقد طالب البعض بالاسراع من أجل وضع حد لهذا الخلاف الذي لا يخدم رئيس الفاف ولا المدرب حاليلوزيتش ولا المنتخب الوطني بأي حال من الأحوال لأن الاستقرار شرط من شروط نجاح أي مشروع لتطوير كرة القدم. الفاف تجني ثمار سياسة الكيل بمكيالين بين المدرب المحلي والأجنبي رغم الإجماع الحاصل بأن كل نجاحات الكرة الجزائرية ارتبطت على الدوام بالأسماء المحلية، سواء تعلق الأمر باللاعبين المحليين الذين صنعوا أفراح الشعب الجزائري أو المدربين المحليين الذين يعتبرون أصحاب الكلمة في الإنجازات المحققة إلا أن الاتحادية الجزائرية لكرة القدم دأبت على تكريس مبدأ الكيل بمكيالين في سياستها المنتهجة بين المدربين المحليين والأجانب المتعاقبين على المنتخب الوطني منذ عام 1962 تاريخ تأسيس "الفاف" وخاصة في السنوات الأخيرة التي أمسك فيها محمد روراوة زمام الأمور على رأس المنتخب الوطني الجزائري حيث يتجلى تقديس مكانة الإطار التقني القادم من وراء البحار وتدهور قيمة خريجي المدرسة المحلية في أبسط المقارنات، في صورة شروط العمل والامكانيات الموفرة أمامه وصيغة العقد والطريقة التي يتم التعامل بها عند أي أزمة وصولا إلى الكيفية التي يتم فيها الطلاق بين المدرب و"الفاف" كما جرت عليه العادة في مختلف التجارب السابقة. وجاءت الأزمة التي نشبت مؤخرا بين رئيس الاتحادية محمد روراوة والمدرب البوسني للخضر وحيد حاليلوزيتش لتؤكد هذه النظرة، فالمتتبعين للشأن الكروي الجزائري يجزمون أن القبضة الحديدة التي تميز العلاقة بين روراوة وحاليلوزيتش لو كانت بين أي مدرب محلي آخر مكان حاليلوزيتش لكان الطلاق عند اول منعطف ومع أول خسارة لهدف من أهداف المتفق عليها أو أي تصريح معاكس لرغبة رئيس "الفاف" لكانت النتيجة مغايرة تماما لما هو حاصل اليوم وما الطريقة التي أقيل بها ماجر سنة 2004 وبن شيخة في 2011 لخير دليل على ذلك. مربط الفرس لا يكمن في إيجاد وتعديد أسباب سياسة الفاف الفاشلة في اختيار مدربي الخضر والتي تجني هذه الأخيرة ثمارها في أقرب فرصة وإنما في الطريقة التي يجب أن تدار بها الأزمات وكيفية الاستثمار في الايجابيات لتحقيق ما تنتظره الجماههير الجزائرية من المشاركة في المنافسات العالمية . عشرة مدربين أجانب تعاقبوا على العارضة الفنية ل''الخضر'' روغوف الأفضل.. كفالي أسوأهم وبيغولا أقصرهم عمرا تعاقدت الإتحادية الجزائرية لكرة القدم منذ تأسيسها سنة 1962 مع العديد من المدربين الأجانب من مختلف الجنسيات، وتمكن ثلاثة منهم من إيصال "الخضر" إلى الدورة النهائية لأمم إفريقيا، منهم الناخب الوطني الحالي وحيد حليلوزيتش، الذي يقضي أيامه الأخيرة على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني. وكان مدربان أجنبيان قد نجحا قبل حليلوزيتش في قيادة "الخضر" للتأهل لنهائيات أمم إفريقيا، والمرة الأولى كانت بقيادة المدرب الفرنسي لوسيان لوديك في دورة 1968 التي جرت وقائعها بإثيوبيا، في أول مشاركة قارية للجزائر. لكن المشاركة التاريخية ل "الخضر" في دورة 1968 كانت كارثية، بعدما خرت تشكيلة المدرب الفرنسي الذي تولى قيادة "الخضر" لثلاثة سنوات كاملة من الخروج من الدور الأول، بعدما أنهزم المنتخب الوطني أمام كل من كوت ديفوار، إثيوبيا، مقابل فوز واحد أمام أوغنداء ثاني مشاركة للمنتخب بقيادة إطار أجنبي في دورة نهائية لكأس أمم إفريقيا، كانت عام 1988 بالمغرب، تحت إشراف الروسي غينادي روغوف (تولى شؤون المنتخب من أكتوبر 1986 إلى مارس 1988)، الذي قاد آنذاك المنتخب إلى الوصول إلى الدور نصف النهائي من التظاهرة الكروية الإفريقية، حيث اصطدم رفاق لخضر بلومي بالمنتخب النيجيري الذي كسب تأشيرة التأهل إلى النهائي بعد احتكامه للضربات الترجيحية. وباستثناء هذا الإنجاز للتقني الروسي روغوف الذي سبق له أن قاد المنتخب من سبتمبر 1980 إلى ماي 1981 رفقة اليوغسلافي زدرافكو رايكوف، لم يحقق الأجانب نتائج تستحق الذكر مع المنتخب الوطني، فلا المدرسة الفرنسية، ممثلة بجون ميشال كفالي (من عام 2006 إلى 2007) ولا المدرسة البلجيكية التي كان سفيرها جورج ليكنس (جانفي 2003 إلى جويلية 2003) وروبرت وايساج (ماي 2004 إلى سبتمبر 2004) ولا حتى المدرسة الرومانية التي مثلها فالونتان ماكري (فيفري 1974 إلى جوان 1975) ومارسيل بيغولا (من جويلية إلى أوت 1998) ومارسيا رادوليتشكيو (فيفري 2001 إلى سبتمبر 2002)، تمكنوا من رفع الراية الوطنية عاليا في المحافل الدولية القارية والعالمية. صحيح أن المدارس الكروية التي اعتمد عليها مختلف الرؤساء الذين تعاقبوا على الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، لم تكلف الخزينة مبالغ مالية كبيرة، مقارنة لو استعنا بالمدارس الكروية المعروفة، كالألمانية، الإيطالية والهولندية.. إلا أن لا أحد من المدربين العشرة الذين تداولوا على العارضة الفنية ل''الخضر'' لحد الساعة، تمكنوا من تحقيق إنجاز بقي في الذاكرة الكروية الجزائرية، وسيبقى الجمهور الكروي الجزائري يحتفظ فقط بملحمة خيخون بإسبانيا عام 1982 وبالتاج القاري الوحيد عام 1990 وبملحمة أم درمان .2009 روراوة وحاليلوزيتش يلعبون بالنار وعشاق الخضر يدعون للتعقل رغم انقسام مشجعي الخضر حول الخلاف القائم بين الناخب الوطني وحيد حاليلوزيتش ورئيس الاتحادية الجزائرية محمد روروة وحول المتسبب في هذه الازمة التي تهدد مشاركة الخضر في نهائيات كأس العالم القادمة بالبرازيل، لكن إجماع عشاق محاربي الصحراء كان على ضرورة تغليب مصلحة المنتخب الوطني على مصلحة أي شخص آخر مهما كان منصبه سواء كان رئيس الفاف أو الرجل الأول على رأس العارضة الفنية للمنتخب لأن هذه المرحلة الهامة في تاريخ الكرة الجزائرية والمنتخب الوطني حسبهم وتوقيتها الذي يتزامن مع اقتراب نهائيات كأس العالم، تتطلب تكثيف روح العقل وتضافر جهود المجموعة والالتفاف حول المنتخب وضمان الاستقرار عوض أمور أخرى لن تكون لها أي فائدة ترجى مهما كانت الأسباب. و عبر الكثير من الأنصار الذين التقت بهم السلام أمس عن استيائهم من خروج روراوة وحاليلوزيتش بتصريحات وصفوها بالمحبطة لمعنوياتهم والخادشة لمشاعرهم ، إذ أكد مجموعة منهم أن وسائل الاعلام الوطنية وخاصة الصحافة المكتوبة هي السبب الرئيسي في هذه الازمة محملين إياها في زرع فتنة بين الرجلين من خلال اصدياها لكل كلمة أو تصريح من فاه أحدهما ومن شأنها أن توسيع هوة الخلاف للمسارعة لنشره في خطوة منهم كما يقول دحمان، بائع جرائد من بعض العناوين لتصفية حساباتها مع البوسني بقوله: "حاليلوزيتش قام بعمل جيد، لقد أوصل الجزائر إلى كأس العالم. وهذا أمر لم يكن أي أحد يتوقعه عند انطلاق التصفيات في 2011. وبعدها، لم يكن الحظ حليفه بسبب إصابات بعض اللاعبين والأداء الرديء لآخرين في الكان لكن الحملة التي يتعرض لها من قبل الصحافة غير بريئة". لكن نبيل مهندس بناء قال إن حليلوزيتش وروراوة أخطئا بالتوجه لنشر خلافاتهما عبر صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون. وأضاف محب الخضر "مباشرة قبل انطلاق كأس إفريقيا للأمم قال إنه علينا ألا نتوقع الكثير من الفريق. ومباشرة قبل كأس العالم، بدأ الحديث عن إصابات اللاعبين. لماذا حتى يقول هذا للشعب لماذا لا يعمل وكفى؟ وأين هي تقنياته؟" وختم بالقول "العالم كله كان يقول إن الجزائر لديها إتحادية محترفة، لكن مخاطبة روراوة لحاليزويتش عبر التلفزيون جعله يسقط في المحظور كان اولى به أن يجتمع بمدربه ويضع النقاط على الحروف بعيدا عن وسائل الاعلام". وقال منير.ب :"أعتقد أن روراوة ومدربه يلعبون بالنار، فهذا الوقت القصير الذي يفصل المنتخب عن المونديال من الأفضل أن نستغله أحسن إستغلال للتفكير في تحضير جيد لمنافسات المونديال القوية لا في أشياء أخرى، وأظن أن التاريخ سيذكر الانجازات لا التصريحات".