برج بوعريريج ... هاته المدينة التي تعد وصلة ربط بين عاصمة البلاد وشرقها، والتي تعرف نهضة اقتصادية منقطعة النظير جعلتها تعرف بأنها عاصمة الإلكترونيك نظرا لكثرة المؤسسات والمصانع والماركات الالكترونية بها، فمن فيليبس إلى كوندور وكريستور وسامسونغ وغيرها كثير، هي أيضا مدينة تستطيع أن ترى بالعين المجردة أنها تشهد حركية تنموية متسارعة وبخاصة الهياكل والإنجازات التي تهدف بالدرجة الأولى إلى خدمة المواطن البرايجي، والى ذلك هي تلك المدينة الثرية سياحيا وثقافيا ودينيا. حمام البيبان.. قبلة للعلاج المعدني الداخل إلى مدينة برج بوعريريج وبالضبط عبر الطريق الوطني رقم 05، قادما من العاصمة لابد أن يحن إلى قسط من الراحة والاستجمام في حمام البيبان والذي لن يجد لمياهه المعدنية الحارة المتميزة نظيرا في مكان آخر، إذ أنه أشهر حمام معدني في الولاية، يقع بدائرة المنصورة، سمي بهذا الإسم نسبة لجبال البيبان والتي بدورها سميت بهذا الإسم لكونها تشكل أبوابا تفصل وسط البلاد عن شرقها، ولا يمكن العبور عبر هذه الجبال إلا عن طريق بابين يعرفان بالباب الكبير والباب الصغير، وهما عبارة عن مسالك معلقة وممرات ضيقة. يعد حمام البيبان قطبا للسياحة المعدنية والعلاج الطبيعي، يستقطب الآلاف من الزائرين عبر مختلف فصول السنة وبالخصوص في فصلي الشتاء والربيع، نظرا للفائدة الأكيدة لمياهه والتي يؤكد الأطباء والخبراء والمجربون على أهميتها في علاج الكثير من أمراض الجلد والعظام، كالروماتزم وأمراض المفاصل، ولهذا فقد أصبح قبلة لراحة العديد من الأسر، التي تستغل الفرصة للتنزه في فضائه الخارجي والتمتع ببرك الماء المغلى المنتشرة في محيطه. وبالخروج من منطقة المنصورة يستسلم الزائر للمنطقة إلى الطريق الوطني رقم 05، ليقوده إلى منطقة اليشير التي تميزت منذ عقود من الزمن بمحلات بيع الشواء المنتشرة على طول الطريق، والتي تحول بعضها إلى مطاعم فاخرة تستقطب الأسر التي تحن للاجتماع حول أسياخ الشواء الياشيري. وأثناء تنقلك من مكان إلى آخر، تسترعي انتباهك تلك المعروضات التي تفنن أهلها في عرضها والتي تدعوك للتوقف ومنها الأواني الفخارية كالقدور المنزلية والطواجين والقلل والمزهريات والملبوسات التقليدية التي تعد مصدر دخل للعديد من الأسر التي توارثت هذه الحرفة أبا عن جد. المدينة فرصة للسياحة الثقافية لابد أن لا ننسى أن هذه المدينة المعطاء تفتح صدرها كل عام لزوارها من خلال تنظيم العديد من التظاهرات الثقافية والملتقيات الوطنية التي تستقطب الأساتذة الباحثين والمثقفين والطلبة الجامعيين من مختلف الأقطار العربية والأجنبية ومن مختلف جهات الوطن أيضا، وعلى سبيل الذكر لا الحصر نذكر الملتقى الأدبي الدولي عبد الحميد بن هدوقة الذي تحول إلى تقليد سنوي تنظمه الولاية، تكرم من خلاله فطاحلة الشعر والأدب في الوطن، إضافة إلى المبدعين من جيل الشباب، وآخر هذه التظاهرات كان من خلال تظاهرة القراءة في احتفال والتي كانت مناسبة للاطلاع على آخر إصدرات أبناء المنطقة، وفرصة للانفتاح أكثر على عالم الكتاب... والتي دامت لأكثر من عشرة أيام واستقطبت مختلف شرائح المجتمع من طلاب المدارس والجامعيين والمثقفين... وللاطلاع على تراث المنطقة لابد أن ندعو زائر المدينة إلى الاطلاع على كتاب لخص هذا الجانب بشكل لافت وهو كتاب الأمثال والحكم للأديب الجزائري وابن المنطقة عبد الحميد بن هدوقة، والذي جمع باقة كبيرة وغنية من الأمثال الشعبية المتداولة والتي تعد تصويرا صادقا للحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في المنطقة وإن كانت لا تخلو من طابع الفكاهة... هذا وتدعونا المنطقة للزيارة من خلال بعض الإصدارات منها كتاب «أعلام من برج بوعريريج» من القرن الثاني عشر ميلادي إلى القرن الواحد والعشرين ميلادي، لعز الدين بلمولود والذي يعرف بأعلام المنطقة، إضافة إلى كتاب «برج بوعريريج آثار وحضارة» لكمال مختاري والذي يعد بصدق مرجعا للاطلاع على حضارة وتراث المدينة، وللمنطقة مفاتن أخرى تدعو للزيارة... برج المقراني.. معلم وطني جدير بالزيارة ينسب هذا البرج إلى القائد محمد المقراني زعيم انتفاضة 1871م الشهيرة ضد الاستدمار الفرنسي، والتي يؤكد المؤرخون على أنها كانت من أخطر الثورات على الاستدمار الفرنسي بعد مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري والحاج أحمد باي، وقبل ثورة الفاتح من نوفمبر 1954م، بني حصن برج بوعريريج أو برج المقراني سنة 1559م، من طرف العثمانيين على أنقاض الخرائب الرومانية، ووضعوا فيه حراسة وحامية عسكرية لمراقبة تحركات القبائل وحماية الطريق السلطاني من بايلك الشرق إلى دار السلطان بالجزائر العاصمة، وتعدد مستغلوه وساكنوه عبر مختلف الحقب الزمانية، إلى أن استرجع هذا المعلم مكانته التاريخية وذلك بمبادرة من السلطات المحلية وبعض المواطنين والمثقفين الغيورين على أهمية هذا الإرث الثقافي، وباشرت الجهات المعنية عملية ترميم الموقع بعد تصنيفه كمعلم وطني، مع الحفاظ على الطابع الأصلي للمعلم، إلى أن تحول اليوم إلى متحف أثري يعلو فوق هضبة مرتفعة ويدعو الزائرين إلى اكتشاف كنوز المنطقة، عبر ما يضمه من تحف أثرية قيمة تعبر عن مراحل تاريخية بدءا من مرحلة ما قبل التاريخ، الفترة الرومانية والفترة الإسلامية التي مرت بها المنطقة.