مع اقتراب عيد الأضحى يبدأ هاجس كبش العيد وإمكانية شرائه من عدمها يدخل البيوت ليجد المواطن نفسه بين نار الأسعار من جهة، ونار إلحاح الأولاد من جهة ثانية، ويبقى شراء الكبش صاحب القرون الملتوية لمن استطاع إليه سبيلا، وبدخوله البيت تعلن حالة الطوارئ. ما إن يقترب عيد الأضحى حتى تعلن حالة الطوارئ في البيوت ويصبح موضوع شراء الأضحية يتصدر قائمة المواضيع الأكثر مداولة من طرف العائلة. فأضحية العيد سنة يحييها المسلمون مع كل سنة، ولكنها باتت فرضا عائليا على كل رب أسرة، بل وأكثر من ذلك لابد من تواجد الكبش أياما قبل العيد حتى يستمتع الأطفال باللعب معه، يقول عبد القادر 45 سنة: «إلحاح أطفالي لا يلبث أن ينطلق وترافقه تصرفات لا أطيقها، فهم لا يسكتون عن طلب شراء الكبش، ولا يكترثون بالأسعار، بل ويشترطون أن يكون بقرنين كبيرين، وفي أسرع وقت ممكن حتى يتمكنوا من اللعب معه، «هو نفس السيناريو تشهده عائلات أخرى، أحمد 56 سنة، يرى أن أحسن فترة لشراء كبش العيد تكون قبل العيد بيومين أو يوم، حيث كثيرا ما تنزل الأسعار، كون بائعي الكباش يحاولون بيع ما بقي لديهم قبل العودة إلى ولاياتهم» يضيف قائلا: «الأمر لا يروق لعائلتي وخصوصا الأولاد رغم أن صغيرهم 17 سنة، فهم يكشرون في وجهي ويرمقونني بنظرات ثاقبة، لأنني لم أحقق لهم متعة التباهي بالكبش أمام أقرانهم، بل منهم من يبادر بالسؤال «متى نشتريه؟» وآخر يقول: «إن شاء الله نعيدو»، حاولت إفهامهم هدفي من وراء تأخير الشراء، ولكنهم استهزأوا مني، وقالوا أنني لا أعرف تقدير الأمور، فهم يرون أن الأسعار تزداد كلما اقترب العيد والبائع يتكبد عناء إرجاع ما بقي من كباش على أن يبيعها بالخسارة». الأمر نفسه في بيت مراد، ولكن بتأييد من الأم، فهي تؤكد له تمام التأكيد أنه لو لم يشتر الكبش فستأخذ أولادها ولتحتفل بالعيد في بيت أهلها. مواطنون لا يستغنون عن كبش العيد ولو لجأوا لاقتراض المال يحرص المواطنون على شراء كبش العيد رغم أن ميزانيتهم بالكاد تكفي شهرا كاملا سواء من تلقاء نفسه أو مجبر من طرف أفراد عائلته، وإن دفعه ذلك للاقتراض أو شراءه بالتقسيط. هي حال رابح 50 سنة: «مع كل عام ألجأ إلى اقتراض مبلغ من المال لشراء الأضحية وأسدد مع كل شهر، فالعائلة لن تغفر لي حرمانها من كبش العيد»، أما سمير 36 سنة، يعمل كحارس ليلي يقول: «ظروفي المادية صعبة، ولكنني أفعل ما في وسعي لشراء كبش العيد ولو كلفني ذلك طلب المال من بعض الأصدقاء على أن أرجع المبلغ على أقساط مع نهاية كل شهر»، وهكذا يمضي عيد الأضحى تاركا وراءه مشاكل مادية للبعض ممن يكلفون أنفسهم ما لا طاقة لهم به. شباب يعمل خصيصا لجمع مبلغ الكبش المصارع ينتظر عديد الشباب فرصة عيد الأضحى لإقامة المبارزات بين الكباش، بل والمقامرة بها، ومن لم يوفر له أهله الكبش المرشح هذه السنة، فيضطر للعمل من أجل شرائه بنفسه. بلال صاحب 18 سنة، نصب طاولة لبيع الأواني منذ شهر تقريبا في أحد الأسواق الشعبية، رغم أنه لازال يدرس، ويفسر تصرفه هذا أنه نشاط موسمي فقط، فهو يعمل خصيصا لجمع المال بغرض شراء كبش سمين و»بقرون» ليكون بطل الحي في المصارعة، فوالده متقاعد وبالكاد يشتري خروفا براتبه، عمي محمد 50 سنة، يقول: «لقد عربنت الكبش وسأشتريه قريبا، ولكنني لن أجلبه إلى البيت تفاديا ليكون ضحية لتصرفات أولادي ككبش العام الماضي الذي أرجعوه إلى البيت مكسور الرجل بعد دفعه للمناطحة مع كبش آخر»، هذا وكثيرا ما تتعارض أفكار الأبناء مع أوليائهم بخصوص مواصفات الكبش، حيث يرى أغلب الآباء أن الأضحية يجب أن تكون معقولة من حيث الحجم ليتم تقسيمها حسب السنة النبوية الشريفة، في حين يكتفي الأبناء بالإلحاح على توفر عنصر واحد فقط وهو «القرون»، وذلك بنية التباهي أمام الأصدقاء وإشراكه في المبارزات التي قد تؤدي إلى هلاك الكبش، وفي هذا الصدد تقول إحدى السيدات «مع اقتراب عيد الأضحى، تكثر أحاديث ابني صاحب ال17 سنة عن الكباش، إلا أنه يتكلم بإعجاب كبير عن الكباش التي تتمتع بقرنين بارزين، وعندما يخبره والده أنه اشترى واحدا، أول ما يسأل عنه، هو ما إذا كان بنفس المواصفات التي رآها، إلا أن والده لا يهتم بهذه الأمور، فيعلق ابني قائلا عندما يراه بلا قرنين، هذا ليس بكبش، ويطلب منا إخفاءه عن الناس». أطفال يتركون مقاعد الدراسة ويلازمون إسطبلات الكباش إن المتجول في بعض الأحياء الشعبية من العاصمة، يلاحظ الكم الهائل من الأطفال الذين يتجمعون حول الإسطبلات التي جمعت فيها الكباش أوقات خروجهم من المدارس، بل ويمكثون لساعة متأخرة من الليل وهم يتأملون الكباش وينتظرون بفارغ الصبر انطلاق أي مناطحة، تقول نسيمة 36 سنة: «لا توجد فترة أعاني فيها مع ولدي مثل الفترة التي تسبق عيد الأضحى بأيام، فهما يتعمدان الغياب عن المدرسة ليجلسا طول النهار وهما يراقبان الكباش ليعودا في آخر النهار ورائحتها تنبعث منهما، أما إلحاحهما على الشراء فحدث ولا حرج، وفي حال قدوم الكبش يصران على ترك الدراسة من أجل إخراجه ليرعى، بل ويدللانه آخر تدليل ويرفضون إطعامه غير الشعير والعلف خوفا من تركه جائعا، والأدهى أنهم يريدون النوم إلى جانبه في الشرفة». وجود الكبش داخل المنزل معاناة من نوع آخر للسيدات قدوم ضيف مع سابق الإعلام يتطلب استعدادا خاصا حتى ولو كان القادم كبشا، فتخصيص مكان مكوثه لأيام وتنظيفه أصبح يؤرق ربات البيوت، وإذا اشتكت من تقطن بيوتا تتوفر على حديقة أو سطحا، فما بالك بمن تقطن شقة في عمارة فهي مضطرة لتجهيز الشرفة التي سيقيم فيها الضيف بتفريغها من كل ما قد يشكل خطرا على الكبش، أما عملية التنظيف فتجرى على قدم وساق رغم أن التخلص من رائحة الفضلات التي تعم كل البيت ليست بالأمر الهين، في وقت تلجأ أخريات لدفع مبلغ إقامة الكبش في أحد المستودعات التي فتحت خصيصا لذلك. «ناس الخير» تقوم بحملات خيرية في مختلف الولايات قامت مجموعة ناس الخير -فرع المسيلة- بحملة لتنظيف إحدى أكبر مقابر الولاية بداية الأسبوع الفارط، هذا وعرفت هذه الحملة مشاركة العديد من المواطنين، ما ساهم في إنجاحها، وتحت شعار «كوني متحضرا أحافظ على إرثي»، اقترحت نفس المجموعة الانطلاق في حملة أخرى لتنظيف أحد أعرق الأحياء بالمسيلة المعروف بحي العرقوب. وتثمينا لجهود المجموعة. تم استقبال بعض الأعضاء لعرض انشغالاتهم على أثيريات إذاعة البليدة المحلية. أما مجموعة سطيف، فقامت بزيارة إلى مصحة لأمراض السرطان رفقة لاعبي وفاق سطيف نهاية الأسبوع الفارط، حيث تم تقديم هدايا للأطفال المرضى بهدف الرفع من معنوياتهم. وفي مبادرة أخرى لمجموعة ناس الخير -فرع الحروش بولاية سكيكدة- فقد قامت هذه الأخيرة بحملة للتبرع بالدم لفائدة المرضى بمناسبة اليوم الوطني للتبرع بالدم الذي صادف 25 من الشهر الجاري.