اختتمت نهاية الأسبوع المنصرم فعاليات الموسم الثقافي للولي الصالح،سيدي الطاهر، ببلدية سبدو في ولاية تلمسان، بإقامة المعروف والدعاء للبلاد والعباد، في مهرجان شعبي يعتبر منبرا للكلمة الطيبة وفضاء لحلقات الذكر. وقد أحيت قبيلة أولاد أورياش بسبدو جنوب ولاية تلمسان الوعدة بحضور جموع غفيرة لهذه التظاهرة التقليدية التي تخللتها استعراضات الفانتازيا قدمها ممثلو عدة قبائل تلمسانية، ومن ولايات مجاورة، وهو ما أتاح للزوار الاستمتاع بلوحات جميلة نابعة من التراث التقليدي الذي يمثل إرثا ثقافيا وحضاريا تكتنزه مختلف المناطق الجنوبية. كما عرفت التظاهرة عدة نشاطات ثقافية وفنية أدها الفرسان وهم يرتدون أزياء تقليدية.. استعراضات شيقة وسباقات تنتهي كالعادة بطلقات البارود، وكان للنشاط التجاري موعد في التظاهرة حيث انتهز الباعة المتجولون الفرصة لبيع منتجات مختلفة مثل الخضر والفواكه والمنتجات الحرفية، على غرار البرانس والجلاليب، وكذا السروج وغيرها. هذا ويعتبر موسم الولي "سيدي الطاهر"، واحدا من المواسم التي تشد إليها الرحال، ففي هذا الموسم يتم الصلح بين الناس والمتخاصمين، ويقدم الطعام للمساكين، كما تقام تظاهرات ثقافية مختلفة على غرار سهرات شعرية لأكبر وأحسن الشعراء بالمنطقة، فضلا عن الاستمتاع برقصات العلاوي التي تشتهر بها منطقة سيدي الجلالي، وسبدو، والعريشة، والقور بتلمسان، وابن باديس، وسيدي الجلالي، وديسكار ببلعاس، والاستمتاع بالفنتازيا وركوب الخيل. وتهدف الوعدة حسب الباحث المختص في التراث الشعبي، قيداري قويدر، إلى رد الاعتبار لسيرة الولي الصالح والانتفاع بذكرياته وتجربته وتاريخه الحافل بالبطولات الشعبية، فضلا عن كونها فرصة لتجمع شعبي حاشد للأفراد والأسر والعشائر، فيكون بذلك تحقيق صلة الرحم بين الناس والتعاون على البر والتقوى، وفض النزاعات والخصومات بين الناس والانتفاع بمواعظ مشايخ الدين من علماء وفقهاء، إضافة إلى إخراج الصدقات... فموسم تكريم الولي لا يزال يمثل مهرجانا شعبيا ومنبرا للكلمة الطيبة وفضاء لحلقات الذكر تتداخل فيه الجوانب الاجتماعية والثقافية والترويحية كالشعر الملحون ورقصة العلاوي و(الفنتازيا)، إضافة إلى كونها لقاء تجاريا ينشط الحركة الاقتصادية للمنطقة. للإشارة عرفت الوعدة هذه السنة حضورا قويا لمختلف القبائل والعشائر من مختلف مناطق ولاية تلمسان وحتى من خارج الولاية والذين قضوا ساعات لا تنسى وهم يتمتعون بمختلف العادات والتقاليد التي لا تزال ليومنا هذا رغم العصرنة والتكنولوجيا.