مراسلة خاصة بالسلام أكد ممثلو منظمات أهلية وخبراء ومختصون اقتصاديون أن تكلفة عشرة أعوام من الانقسام الداخلي كانت باهظة على القطاع الاقتصادي الفلسطيني. ودعا المشاركون في ورشة عمل بعنوان "أثر الانقسام السياسي على الواقع الاقتصادي في قطاع غزة" نظمتها شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بالشراكة مع مؤسسة "فريدريش ايبرت" الألمانية في غزة، اليوم إلى تضافر الجهود من أجل توحيد النظام السياسي ومعالجة الخلل الذي نجم عن الانقسام، والعمل على تعزيز صمود المواطن الفلسطيني. وأكد مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا أن تنظيم هذه الورشة يأتي في ظل ظروف صعبة، وحال من اليأس والارتباك، يعيشها الشعب الفلسطيني، الذي دفع تكلفة الانقسام على مدار عشرة أعوام، وكان لهذا الانقسام انعكاساته الخطيرة على الواقع الاقتصادي. وقال الشوا، في كلمة افتتاحية، إن الكل متضرر من الانقسام القائم، وفي المقدمة القطاع الاقتصادي، الذي عانى بشدة على مدار السنوات الماضية، سواء جراء الحروب "الإسرائيلية"، أو بفعل القرارات والتشريعات في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. ودعا الشوا إلى أن يكون لمنظمات المجتمع المدني جهد ودور كبيرين على صعيد الخروج بمقترحات وتوصيات تساهم في إنهاء الأزمة الداخلية، وعدم الاكتفاء بتشخيص الواقع السيئ الذي يلمسه ويعاني منه كل مواطن فلسطيني. ومن جهتها أكدت عضو الهيئة الإدارية لشبكة المنظمات الأهلية هالة جبر على أن تنظيم الورشة يأتي في ظل وضع صعب ومتردي، خصوصاً بعد قرار الحكومة في رام الله حسم ما يزيد عن 30 في المائة من رواتب موظفيها في قطاع غزة المحاصر. وقالت إن هذا القرار يأتي في وقت يعاني فيه المواطن في غزة من التداعيات الخطيرة للانقسام والحصار على مناحي حياته كافة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وانعكاس ذلك على النسيج المجتمعي. ومن ناحيته أوضح مدير مؤسسة فريدريتش ايبرت في غزة أسامة عنتر أن الورشة تأتي ضمن مشروع تعزيز التشبيك بين قطاعات المجتمع المدني وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع جراء الحصار والانقسام. وقال إن الانقسام تسبب في عدم الاستقرار السياسي، وكان له تكلفة عالية وخطيرة على الواقع الاقتصادي، والمواطن الفلسطيني هو من دفع الثمن الأكبر. واستعرض المحاضر في جامعة الأزهر في غزة الدكتور سمير أبو مدللة بالأرقام الواقع الاقتصادي في ظل الانقسام، وأكد أن أزمة الرواتب الأخيرة وحسم الحكومة نسبة تتراوح من 30 إلى 50 في المائة من رواتب موظفيها، وتصل إلى 70 في المئة لدى الأطباء والحقوقيين، من شأنها أن تؤدي إلى كوارث وأزمات اقتصادية قد تكون الأشد على القطاع الساحلي المحاصر في حال استمرارها. وقال: سيكون لهذه الأزمة انعكاسات سلبية خطيرة على الاقتصاد والمجتمع، في ظل ارتباط 80 في المائة من موظفي القطاع العام في غزة بالقروض المالية سواء للبنوك أو لمؤسسات الأقراض الصغيرة. وأكد أبو مدللة أن غزة ليست عبئاً على أحد وليست حمولة زائدة، وبإمكانها أن تصرف على نفسها، وأزمة الرواتب الأخيرة ليست مالية، ولكنها سياسية، وترتبط بمشروع سياسي إقليمي يتم التخطيط لتنفيذه. وشدد على أن نتائج الانقسام الكارثية لا تقل عن تداعيات الحصار "الإسرائيلي"، فكلاهما تسببا في كبح جماح النمو الاقتصادي والضغط على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والإسراع في أضعاف وإفقار المجتمع الفلسطيني بغزة وهذا ما تظهره المؤشرات الاقتصادية الرئيسية ومنها تراجع متوسط دخل الفرد بحوالي 15 في المائة عن العام 1999. واعتبر أن سياسة التقشف الاقتصادي هي المسمار الأخير في نعش صمود واستقرار جبهة غزة الداخلية حيث أن لسياسة حسم الرواتب على موظفي القطاع الحكومي في غزة تداعيات خطيرة على الاستقرار الأمني وتشابك ومتانة المجتمع، إذ أنها بمثابة فرض ضرائب صافية بنسبة 30 في المائة على صافي الدخل. وفي ورقتة ركز مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية في غزة الدكتور ماهر الطباع في ورقته على التشريعات والقرارات التي صدرت في ظل الانقسام وتتعلق بالواقع الاقتصادي، والآثار السلبية المترتبة على عدم توحيد هذه القوانين. وقال أن هناك قرارات وقوانين تطبق في غزة ولا تطبق في الضفة، مستشهداً بالفجوة الكبيرة بين رسوم ترخيص المركبات في المنطقتين، وغيرها الكثير من القوانين والتشريعات المتناقضة. وفي شأن الحسم من رواتب الموظفين، أكد الطباع أن القرار من شأنه أن يعزز الانقسام ويسرع في فصل غزة عن الضفة. وشدد على أن هذا القرار سوف يؤدي إلى تداعيات خطيرة وكارثية على مناحي الحياة كافة في قطاع غزة. وقال الطباع إن غزة لا ينقصها مزيد من الأزمات، في ظل ما تعانيه أساساً بفعل الانقسام والحصار، وما تسببا به من خسائر فادحة طاولت قطاعات الإنتاج والاستثمار والتجارة الخارجية والزراعة والصناعة والعمالة, ما أثر على الواقع الاقتصادي عموماً وأعاق نموه. وأشار إلي خطورة الانقسام على القطاع الخاص، وتسببه مع الحصار في انخفاض الإنتاجية في كافة الأنشطة الاقتصادية. وفي ورقته تحدث مدير المركز العربي للتطوير الزراعي محسن أبو رمضان عن سبل دعم صمود الاقتصاد الوطني في مواجهة سياسات الانقسام وانتهاكات الاحتلال. وقال إن منظمات المجتمع المدني نظرت بخطورة بالغة لحال الانقسام، واعتبرته في فترة مبكرة انتكاسة حقيقية للنظام السياسي بكل مكوناته. وأوضح أن الواقع في غزة يتحدث عن نفسه جراء ارتفاع نسب البطالة والفقر وانعدام الامن الغذائي. وطالب أبو رمضان بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وتدارك المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزة.