رغم تحذيرات وزارة الداخلية ودق رئيس الجمهورية ناقوس خطر المساس بمصداقية الانتخابات ونزاهتها ومساعي الدولة لتهذيب الحياة السياسية، أحزاب كثيرة تضرب بقوانين الجمهورية وتطلعات الشعب الجزائري عرض الحائط بانتهاجها أسلوب «البزنسة» ومنطق »الشكارة« في ضبط القوائم الانتخابية واختيار مرشحيها لعضوية المجلس الشعبي الوطني، حيث بلغت العمولات التي تشترطها أحزاب على متصدري القوائم الانتخابية ما بين 200 ألف حتى 500 ألف دينار بينما يفوق المبلغ في بعض الحالات. قال جامعيون ومثقفون إنهم تقدموا لأحزاب سياسية معتمدة قصد تقديم ملفات للترشح، إلا أن شروطا تعجيزية فرضت عليهم مقابل ظهور أسمائهم في المرتبة الأولى والثانية في أية قائمة انتخابية، ومن هذه الشروط يذكر هؤلاء ل «السلام» أن ممثلي الأحزاب بالولايات يطلبون مساهمات مادية كبيرة، ومنها التكفل بكراء مقر للمداومة، وتقديم مبلغ 30 مليون سنتيم للترشح على رأس قائمة انتخابية واختيار باقي الأعضاء بينما يدفع المترشح في المرتبة الثانية مبلغ 20 مليون سنتيم. وتنتشر ظاهرة بيع القوائم الانتخابية يقول ضحايا لهذا السلوك - في الأحزاب القديمة غير المعروفة في الساحة أو ما يعرف بالأحزاب المجهرية، وتتم الصفقة بدون أية وثائق إثبات بينما تذهب أحزاب ومن يمثلها لطلب صكوك ممضاة عليها هذا المبلغ بصفة شخصية ولفائدة الشخص الذي يمثل الحزب على المستوى المحلي. وذكر مؤسسو حزب ناشئ أن ممثلي الحزب بإحدى الولايات تلقوا عرضا من مقاول ب 1 مليار سنتيم مقابل التنازل له عن تشكيل قائمة المرشحين للقائمة الانتخابية بالولاية. ولا تكاد توجد تشكيلة حزبية مما يعرف ب»الأحزاب المجهرية« لا تقوم ببيع القوائم و»البزنسة» بها، ما أدى لعزوف الإطارات المؤهلة والنزيهة والشباب الجامعي والمترشحين الذين يرغبون في المنافسة الشريفة المبنية على البرامج والقدرة على الإطلاع بالوظيفة النيابية على أكمل وجه. وتوجد في الساحة السياسية الجزائرية حوالي 10 إلى 15 حزبا لا تظهر في المواعيد الانتخابية، إلا أنها ممثلة بمنتخبين لها في المجلس الشعبي الوطني، لكن بعدد نواب محدود لا يتعدى نائبين اثنين أو ثلاثة نواب معظمهم لم تكن لهم علاقة نضال بالحزب، بينما البعض منهم انسحب من التشكيلة الحزبية التي أتت به إلى البرلمان. في هذه الظروف التي تتميز باستمرار ظاهرة «عبثية المال» بالسياسة يجد المترشحون في قوائم حرة صعوبات كبيرة سيما ما يتعلق بجمع التوقيعات، والتمويل ما يدفع بالراغبين في الترشح من الإطارات النزيهة للتحالف مع أصحاب الثروة من المقاولين والتجار الكبار لتمويل حملاتهم الانتخابية، بشروط تصب كلها في «البزنسة» واستغلال وظيفة النائب في تحقيق الثروة وخدمة المصالح الشخصية الضيقة.