دخلت مأساة العائلات التي هدمت سلطات تيسمسيلت منازلها بحي بني مايدة أسبوعها الثالث حيث لاتزال هذه العائلات تسكن العراء وهي تتضرع لخالقها أن يرأف بحالها في شهر التوبة والغفران هذا الذي اختارته السلطات كي تنعم على مواطنها بالجرافات التي أتت على منازل دون اعتبار لمصيرهم الذي يزداد سوءا بفعل التقلبات الجوية التي عمقت من جراح هؤلاء في جزائر العزة والكرامة، يومية ''البلاد'' وهي تزور هؤلاء حاولت أن ترصد حقيقة الظلم الذي لحق بهؤلاء تحت ذرائع حق أريد به باطل، ظاهرها محاربة البناءات الفوضوية وباطنها التكريس لإفلاس منهجية التنمية في هذه الولاية وهو ما يعكس تلك الاضطرابات والاحتجاجات التي تشهدها بلديات الولاية من يوم لآخر، خاصة إذا علمنا أن عدد البناءات الفوضوية في هذه الولاية يفوق بمئات الأضعاف المنازل العشرين التي تم تهديمها وهي تتواجد حتى عبر الأحياء الكبرى في عاصمة الولاية وليس فقط في دوار نائي كدوار بني مايدة، الأكثر من ذلك وجود بعض الفراعنة الذين يحتلون سكنات الدولة ويرفضون مغادرتها رغم استصدار السلطات لقرارات عن المجلس الأعلى للقضاء، وكان يكفي هذه السلطات إنصافا وعدلا لو أنها أقضت مضجع هؤلاء البارونات وحركت شعرة انصياع واحدة لقوانين الجمهورية· أما وأن يتعلق الأمر فقط بالمستضعفين الذين لا حول ولا قوة لهم فذلك لن يزيد هذه السلطات إلا خيبة وعجزا، خاصة وأن الذين أفلحت السلطات في هدم مساكنهم هم في الحقيقة من البؤساء الكادحين الذين لم يحركوا ساكنا حتى في وجه الجرافات التي أنجزت خرابها دون أن يعترض طريقها أحد، ليكتفي المنكوبون بعدها بفرش الأرض والتحاف السماء في انتظار رحمة الله كما يقول أحد هؤلاء الذي جاوز الستين (60) من عمره والذي اقتربنا منه لنسأله عن الأسباب الذي دفعته ليختار طريق البناء الفوضوي رغم أن القوانين لا تجيز ذلك، هذا الأخير أكد أن السلطات ذاتها هي التي قامت بإجباره على الرحيل سنة 1997 من الدوار الذي كان يسكنه بحجة تدهور الأوضاع الأمنية وهو ما دفعه للجوء إلى ذلك الحي وبناء منزله بموافقة السلطات آنذاك التي ربطت هذا المنزل وغيره من منازل النازحين بشبكتي الكهرباء والماء، ثم ساهمت في استقرارهم حتى من خلال حصولهم على شهادة الإقامة وبطاقة الناخب وغيرها من الوثائق، لتأتي بعد 12 سنة وتهدم منازلهم بحجة أنها فوضوية،، منكوب آخر في هذا الحي تساءل عن أسباب إختيار هذا الدوار لهدم البناءات الفوضوية رغم أن أحياء عاصمة الولاية تعج بمثل هذه البناءات كما هو الحال مثلا بالنسبة لحي الدرب· متدخل ثالث أرجع الأسباب التي دفعت بالسلطات لهدم منازلهم إلى وجود بعض الانتهازيين الذين التحقوا بهم منذ حوالي شهر واحد فقط منتهزين فرصة غياب السلطات في عطلهم السنوية لبناء سكنات فوضوية مجاورة لهم، وقد أكد هذا الأخير أن هؤلاء يتحملون وزر ما لحق بهم، مناشدين السلطات ضرورة التمييز بين من دفعتهم ظروفهم لإقامة سكناتهم هناك وبين من يدفعهم طمعهم وانتهازيتهم للتشويش عليهم وتأليب السلطات ضدهم، خاصة وأنه كما يقول هذا المنكوب أنه يوجد من بين النازحين الجدد من استفاد حتى من سكن اجتماعي، وهنا تكمن مسؤولية السلطات في تحديد ظروف كل عائلة من العائلات التي تطالبها السلطات بالعودة إلى الدواوير التي هجرتها منذ 12 سنة· مطلب يعتبره المنكوبون غير منطقي وغير واقعي، من منطلق أن تلك الديار التي عاث فيها الإرهابيون فسادا وحولوها إلى أطلال، فضلا عن الوضع الذي تعيشه دواويرهم والتي تفتقد لأدنى شروط الحياة حيث لا ماء ولا مدرسة ولا دواء ولا حتى مسالك تسمح بوصولهم إليها، حيث يتساءل هؤلاء عن مصير أبنائهم المتمدرسين والذين تمت ولادة أغلبية هؤلاء بهذه السكنات الفوضوية التي تقع على الحزام الخارجي للدوار حيث تتشكل أرضيتها من منحدرات لا تصلح للاستغلال لإقامة أي مشروع، وهو ما كان يحتم على السلطات تسوية وضعية قدماء النازحين، مع قطع الطريق أمام النازحين الجدد الذين لم تجبرهم الظروف على ذلك والذين يتحملون مسؤولية المأساة التي تعيشها العائلات الجزائرية التي لاتزال تبحث عن وطن بدوار بني مايدة· محمد رندي جريدة البلاد