الكثير منّا يجهل سيدي العنتري و اقصد هنا عاصمة البلدية التي تحيط بها التلال و تتوسطها الوديان تجمع فيها السكان من قديم الزمان ..و سأوافيكم عنها ببعض الحقائق التي غابت عن الأذهان عن تسميتها و تاريخها. بلدية سيدي العنتري كانت تسمى فيما مضى "بني تيغرين" وهي تسمية أمازيغية تعني " فاكهة تنبت في هذه المنطقة فيغير أوانها" ....و للمنطقة اسم آخر كذلك فهي تسمى أيضا ب"السعايد" نسبة إلى "سعيدي" اكبر مالك للأراضي الفلاحية السهبية و الجبلية الوعرة و هذا حسب مخطوطات الأملاك العقارية. وقد استقر أسمها الحالي " سيدي العنتري" نسبة إلى الولي الصالح " قندوز" الذي تتلمذ على يده سيدي الزوبير الذي يتوسط ضريحه مركز المدينة...و توجد بها أيضا قباب و أضرحة " بلغيود وسيدي القادر و سيدي رابح و الخلوة، و كان حتى أوائل التسعينات تقام بها وعدة في الربيع حيث يتوافد عليها السكان المجاورون للمشاركة في الوعدة و تحضير الطعام للضيوف تحت ظلال الأشجار أما الوعدة الثانية فكانت تقام في الخريف حيث يأتي التجار من مختلف مناطق الولاية و خارجها في أجواء احتفالية تملأ سمائها البارود و تزينها لوحات الفانتازيا "الفروسية" و كان اليوم الأول من الاحتفالية يسمى بالسويقة تقام الأفراح تجمع الأموال لشراء حاجيات "الطعم" من مدينة مغيلة بولاية تيارت التي كانت منطقة حضارية حسب شهادات من عايشوا تلك الفترة إذ كانت مغيلة مزدهرة بالتجارة فكانت بها دكاكين لبيع السكر، القهوة، الصابون والكتان و حتى "الأكفان".و دكاكين أخرى للحدادين الذين يتقنون صهر الحديد و تحويله سكاكين و ألجمة للخيول و "سكك لأعواد الحرث " و مختلف الأدوات المستخدمة في فلاحة الأرض إضافة إلى دكان لتصليح الأحذية لصيانة و ترقيع "الخف" المصنوع من جلود البقر ويسمى "البومنتل" و عاش سكان المنطقة القدامى على الرعي وزراعة القمح الصلب و الشعير و بعض البقوليات و الخضر الموسمية كالذرى و اليقطين ""الكابوية" و الكوسة و البصل و غيرها و انتفعوا بالفواكه التي تزخر بها المنطقة من أشجار التين و العنب و كان البطيخ "البعلي" الذي يسقى بمياه الأمطار دون الحاجة إلى سقيه فاكهتهم المفضلة.. و عاش في منطقة سيدي العنتري الكثير من علماء الدين منهم الشيخ المنصوري "سي محمد بالجيلالي" الذي كان يعلّم القرآن و كان قاضيا أثناء الثورة. و قدمت المنطقة الكثير من الشهداء للجزائر منهم الشيخ الحاج المولاي و سي الطيب المعروف بالسوداني رحمة الله عليهم. و ترك هؤلاء العلماء مؤلفات عديدة تزخر بها المنطقة منها "الخلوة للعبادة" و "جامع سيدي خليل" ..الذي كان يدرّس به الشيخ خليل و الشيخ الغالي و السيخ بدرار و الشيخ الحفناوي و سي واضح والحاج جلول بضواحي العبادلة و لازال أبناء و أحفاد الشيوخ ممن يسكنون المنطقة يحتفظون بكتب آبائهم و أجدادهم . و في العهد الاستعماري تناوب على المنطقة عدة أعيان لفرنسا منهم القايد الطيب الذي ينحدر من عائلة بوزيان التي أصلها من بني وراغ بواد رهيو و أقام الاحتلال الفرنسي مركزا لمراقبة تحركات المجاهدين ومركز للتعذيب "بمشاطة" سميّ ب "LEQUUA" ملاحظة : يتبع...بموضوع آخر عن عادات و تقاليد المنطقة في الأعراس و الأعياد و بعض الخرافات.