تعيش اليوم بلدية تيسمسيلت قمة عطائها في مجال البناء العشوائي وفوضى التعمير ، ويكفي المرء الاستدلال على ذلك بالبنايات غير المرخّص لها التي أضحت تتناسل يوما بعد يوم بالمخرج الجنوبي لعاصمة الولاية بمحاذاة منطقة بني مايدة المكناة – لاصاص – دون أدنى تحرّك من قبل الجهات المعنية التي يبدو أنها تخلّت عن التزاماتها ، والاّ كيف نفسّر صمتها وسكوتها أو تهاونها البائن في الحد من انتشار واتساع رقعة التجزئات السكنية التي تحوّلت بمرور الوقت الى ما يشبه مدينة صغيرة لكن بدون مقوّمات الحياة الضررورية أظهرت بجلاء قوة نفوذ من يقفون وراء عمليات البيع والشراء غير الشرعية مقابل عجز القانون وفشل آليات المحاسبة والمعاقبة في ردع هكذا بزنسة عقارية طالت أراض فلاحية .... بداية هذه – السيبة العمرانية – إن جاز التعبير كانت من تهافت وتكالب ما أصبح يطلق عليهم اليوم سماسرة العقار على شراء عشرات الهكتارات من أحد الخواص في الشياع ذات طابع فلاحي تحمل تسمية أراض ريفية كونها تقع خارج المحيط العمراني أو ما يطلق عليه بالمخطط الرئيسي للتهيئة والعمران ، قبل قيامهم بتجزيئها وبيعها بطرق منافية للقانون على مساحات تراوحت ما بين 100 و300 متر مربع للقطعة الواحدة في معاملة تجارية وصفها العارفون بخبايا وخفايا العقار بالعملية المغشوشة لما فيها من نصب واحتيال انطلاقا من ان العقار المباع لا يزال ملكا في الشياع ، وهي الفضيحة التي تفطّنت لها المديرية العامة للأملاك الوطنية ممثلة في مديرية المحافظة العقارية ومسح الأراضي ليس في تيسمسيلت فقط وإنما في العديد من ولايات الجمهورية ، أين أبرقت مراسلة في هذا السياق خلال شهر أفريل من السنة المنقضية موجهة على وجه الخصوص للسادة مدراء الحفظ العقاري تضمنت أمرا يمنعهم من إشهار العقود المترتبة عن عمليات بيع حقوق مشاعة ضئيلة على أراض فلاحية ذات ملكية خاصة ، غير أن هذه المراسلة يبدوا أنها جاءت في الوقت - بدل الضائع – لأن - لوبي العقار - كان يوجد حينها على مشارف الانتهاء من عملية تجزيء المساحات العقارية وبيعها خارج الضوابط القانونية بفعل عدم امتلاكه على رخصة تجزئة هذه الوثيقة التي أثار انعدامها أو غيابها في الخبرات العقارية التي أنجزها خبراء عقاريون الكثير من التساؤلات والتفسيرات والتأويلات ، حيث أجريت عمليات الخبرة التي على أساسها قامت مصالح العدالة بإخراج العشرات من الأشخاص ممن اشتروا الأراضي المجزّأة في الشياع من دون رخصة تجزئة ، في الوقت الذي ينص فيه القانون على أن الأحكام القضائية المتعلقة بتقسيم الأراضي التي يعتمد فيها القاضي على الخبير العقاري تكون مبنية على أساس رخصة التجزئة المسلّمة من قبل الجهات المختصة كما يفترض في هذه الرخصة أن لا تتناقض وقواعد العمران بحسب ما نصّت عليه المذكّرة رقم 689 الصادرة عن مديرية الأملاك الوطنية والعقارية الصادر بتاريخ 1985 ، بمعنى أن الخبير العقاري قبل قيامه بانجاز خبرة إعداد مشروع قسمة أرض وجب عليه أن يطلب رخصة تجزئة من عند الملاّك أو من مديرية التعمير ، غير أن هذه الخبرات العقارية جرت في غياب رخصة التجزئة ، وعلى الرغم من ذلك فقد تمت المصادقة عليها من طرف المحكمة ، في خرق غير مفهوم لمضمون المادة 57 من القانون المتعلّق بالتهيئة العمرانية والتعمير التي تشترط رخصة تجزئة لكل عملية تقسيم لاثنين أو عدة قطع أرضية من ملكية عقارية واحدة أو عدة ملكيات مهما كان موقعها ، وليت اقتصر الأمر على هذه العثرة القانونية بل حملت جل مشاريع هذه الخبرات العقارية عبارة أرض رملية أو شبه حضرية ، فيما وصفتها ثالثة بأرض قابلة للعمران نظرا للبنايات المحيطة بها ، مع أن الواقع يتحدث عن أنها أرضا فلاحية وهذا ما يؤكده يشكل صريح المرسوم رقم 97 /409 المؤرخ في 16 أكتوبر 1997 المحدد لشروط تجزئة الأراضي الفلاحية ، اين يضع القسم الخاص بالتصنيف بلدية تيسمسيلت في النقطة – م – ضمن الأراضي الجبلية المتخصصة في الزراعات الكبرى والأعلاف والأشجار غير المسقية وبالتتالي فهي ذات وجهة فلاحية لا يمكن تجزئتها بأي حال من الأحوال بهذه الكيفية المحدد وعليه فان تجزئتها بمثل هذه الطريقة تعتبر منافية للقانون تبعا لما ذهبت اليه المادة 79 من القانون 15 / 08 المؤرخ في 2008 ، اذ يعاقب بالحبس كل من ينشئ تجزئة او مجمّعا سكنيا دون وجود رخصة تجزئة ، فضلا عن عدم قابلية هذه الأرض للتعمير نتيجة افتقارها لأدوات التعمير هذه التي نصت عليها المادة 21 من القانون 90 / 25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 المتضمن التوجيه العقاري فالأرض القابلة للتعمير هي كل القطع الأرضية المخصصة للتعمير بواسطة أدوات التعمير المقصود بها كل من رخص التهيئة والتجزئة والبناء ، ومن المفارقات الغريبة أن هذه التجزئات باتت تحتضن على مرأى من السلطات المحلية بمختلف مستوياتها ورشات مشاريع سكنات فوضوية بلا هوية عكسها غياب رخص البناء عند أصحابها في حين تشترط المادة 52 من القانون 29 / 90 المؤرخ في أول ديسمبر 1990 رخصة بناء من أجل تشييد بنايات جديدة مهما كان استعمالها ، إلا أن ميلاد هذه السكنات التي أضحت تشكّل إرثا معماريا ثقيلا على عاصمة الولاية أثبت للمرة ألف أن مافيا العقار التي وصلت بها الجرأة الى حد الدوس على القانون وعلى مرأى من الساهرين على تطبيق القانون قد تحوّلت فعلا الى - قوّة نافذة - لا أحد باستطاعته توقيف نشاطها وكبح تعاملاتها التجارية المشبوهة ، الى أن يثبت العكس وتقرع السلطات المعنية طبول الحرب على هذا الأخطبوط المافيوي العقاري.