راح الإعلام المصري منذ إعلان صافرة نهاية المقابلة العادية في كرة القدم والتي أسفرت عن تأهل الفريق الوطني الجزائري على نظيره المصري إلى نهائيات كأس العالم، يبحث عن طريقة مقنعة لامتصاص غضب 80 مليون مصري بعد أن ألهمه طيلة شهر من الزمن بالتأهل المصري على حساب الفريق الجزائري بمعجزة إلاهية مترجمة تحت أرجل أبناء حسن شحاتة، وهو الأمر الغير منطقي حساب ومنطقا باعتبار النخبة الجزائرية كانت الأقوى طيلة عمر التصفيات، ولم تكتفي هذه القنوات الإعلامية الغير متوازنة بالتأثير على الرأي العام بشحن الشعب المصري الذكي بتلك الشعارات من تأهل محسوم وإعطائه بعد وطني عظيم تحت إسم "حلم 80 مليون مصري" وهي الأمور التي جعلتهم حقا يؤمنون بالمعجزات التي ولا زمنها إلى غير رجعة، غذته التصريحات المصرية الرسمية التي دعت إلى استعمال كل الطرق الرياضية وغيرها بهدف وحيد وهو التأهل وتحقيق الحلم، وهو ما جعل الشارع المصري "المتعصب منه" يقابل فريقنا الوطني الشاب بالحجارة والرعب، وهو ما حقق لهم فعلا مرادهم وتمكن الفريق المصري البريء من كل تلك الأحداث من تسجيل هدفين وتعديل الكفة وعودة الحلم إلى نقطة البداية بعد أن ظل في تبخر مستمر مع مرور دقائق المقابلة التي ضرب فيها الحضر مثلا في الصبر والروح الرياضية العالية، ولم تسلم الجماهير الجزائرية بعد هذا الفوز الغير منطقي وغير رياضي من مخالب تعصب بعض المصريين هداهم الله وراح ضحية تلك الاعتداءات مئات الجرحي وحتى كلام عن موتى التي يبدوا أنها أخفيت حقيقتهم لتفادي كوارث أعظم كانت ستقع حتما في ملعب أم درمان. بمقابل تلك الأحداث عرف الشارع الجزائري غليان طبيعي لما شاهده عبر قنواته الوطنية وحتى العالمية من ظلم واعتداء سافر على أعضاء فريقهم ومناصريهم بمصر الشقيقة، وطلب من سلطات بلاده تسخير كل الوسائل للتنقل المكثف صوب السودان لمساندة فريقهم الجريح، وهو ما استجابت له السلطات العليا للبلاد من نقل آلاف المناصرين الجزائريين إلى ملعب أم درمان، بالمقابل لم تقم السلطات المصرية رغم علمها بقوة المواجهة ورهاناتها بأي إجراء لصالح الأنصار المصرية، وتركتهم لحالهم يتنقلون إمكانياتهم الخاصة التي فاقت تكلفتها ال1000 دولار للشخص الواحد، ولم نرى عبر الشاشة سوى الطبقة الراقية من كبار الممثلين والمغنيين وتهميش كلي للمناصر المصري الغلبان، وكانت المقابلة وتمكن الفريق الوطني الجزائري من الفور بكل شجاعة واستحقاق شهد عليه كل من شاهد اللقاء، لكن لم تتقبل القنوات المصرية هذه الخسارة وراحت تبرر الانهزام بأمور غير رياضية من اعتداء وحشي وهمجي وغيرها من العبارة التي انقلب بذلك السحر على الساحر بهدف واحد والكل يعرفه وحتى المصريين وهو امتصاص غضب 80 مليون مصري الذي راح ضحية طمع القنوات المصرية التي لم تجس من وسيلة لتهدئة الأوضاع التي كانت حتما ستنفجر بمصر إلا بالتهجم على الجزائر والجزائريين والدعوة إلى مقاطعة كل ما هو جزائري، لكن ما لا تعلمه هذه القنوات أن الشارع المصري أذكى منهم وهو يعلم يقينا كل ما حدث في أم درمان من خسارة منطقية نظرا لقوة الفريق الجزائري، وتعوده على سيناريوهات تلك القنوات الغير متوازنة، التي سخرت لأغراض سياسية بحتة خاصة وأن الجمهورية المصرية على مقبلة باستحقاقات انتخابية هامة تحسب لها ألف حساب، ومحاولة تخدير المجتمع المصري جراء الأوضاع الإجتماعية المزرية هناك بكرة القدم فمنذ متى كانت الكرة "حلما"؟ لو لم ترى تلك الجهات المراهنة على مشاعر المصريين أنها خير طريق لبلوغ الأهداف الإنتخابية. أعجبني تدخل أحد العقلاء المصريين وهم بالملايين دون شك، عندما قال عبر هذه القنوات الفاقدة لتوازنها أن هذا الإنهزام العادي والمنطقي في كرة القدم، يجعلنا ننظر إلى أنفسنا في المرآة وضرورة بداية الإصلاح "الغير مرغوب به في بلاد النيل" الذي طال أمده كما قال هذا المتوازن، الذي أضاف بأن على المصريين إعادة النظر في التشكيل الاجتماعي فمن غير المنطقي قال أن نرى أن 10 بالمائة فقط من المصريين يعيشون في بحبوحة مالية ووضعية إجتماعية جيد جدا مقابل 80 بالمائة أخرى تقبع في حد الفقر وهم تحت خطه الأحمر، وهي الحقيقة التي تريد السلطات المصرية إخفاقها وراء صراعات دنيئة مع أشقائهم العرب فكما يقال " الغاية تبرر الوسيلة" فالكل مجند للإطاحة ب80 مليون مصري في فخ مستخف بالذكاء المصري.